"صحيح البخاري".. هل كل أحاديثه المسندة صحيحة؟
"صحيح البخاري".. هل كل أحاديثه المسندة صحيحة؟
"صحيح البخاري".. هل كل أحاديثه المسندة صحيحة؟
علماء يناقشون فكرة التشكيك في الأحاديث الواردة في صحيح البخاري ومسلم (إنترنت)
لا يتوقف منتقدو "صحيح البخاري" بين الفينة والأخرى عن توجيه انتقاداتهم إليه، باعتباره يتضمن أحاديث ضعيفة ومنكرة، خلافا للمقرر عند عامة علماء الحديث النبوي قديما وحديثا من كونه صحيحا، بل و"أصح الكتب بعد كتاب الله" بحسب العبارة المشهورة لأئمة الحديث.
وقبل أيام هاجم الداعية الإماراتي من أصل أردني، وسيم يوسف، صحيح البخاري، حينما قال في برنامجه التلفزيوني: "أشك بكل كتاب دون القرآن الكريم حتى البخاري ومسلم"، وتساءل: "هل من أركان الإيمان أن أؤمن بصحيح البخاري؟".
ووفقا لباحثين فإن وسيم يوسف وإن لم يكن من أهل الاختصاص والأهلية لنقد صحيح البخاري، فإن علماء الحديث، المتقدمين منهم والمتأخرين، مع احترامهم وتبجيلهم للبخاري وصحيحه، انتقدوا أحاديث وروايات فيه.
إقرأ أيضا: خلفان يتهم يوسف بالتبعية لقطر والإخوان.. وفريق أبو ظبي يرد
وفي هذا السياق ذكر الباحث الشرعي المتخصص في النقد الحديثي، الدكتور خالد الحايك أن الحافظ العقيلي، أحد أئمة الحديث المتقدمين، ضعف أحاديث في صحيح البخاري كحديث "أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "كما استنكر الإمام أحمد حديث الاستخارة (كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها)"، مضيفا: "واعترض بعض العلماء على حديث (من عادى لي وليا فقد أذنته بالحرب..)"، لافتا الانتباه إلى ما قاله الحافظ الذهبي من تفرد خالد بن مخلد (أحد رواة الحديث)، ولولا هيبة الصحيح لعدوه من منكراته، وقد ضعفه من المعاصرين الشيخ الألباني.
وأكدّ الحايك أن "بيان ما يتخلل بعض أحاديث البخاري ومسلم ليس طعنا في الصحيحين، ولا في رواتهما، وقد استدرك بعض أهل النقد عليهما أحاديث، وهذا كله يدخل في باب الاجتهاد ضمن منهج الأئمة الفحول من أهل النقد".
واستكمل حديثه بالقول: "ليس كل ما في البخاري من الأحاديث المسندة صحيح، وأبواب النقد مفتوحة لأهل الاختصاص المؤهلين لذلك، لكن الأمر ليس مشاعا لكل من هب ودب".
وفي السياق ذاته أوضح أستاذ الحديث النبوي وعلومه، ومؤلف العديد من الكتب الحديثية، الدكتور عداب الحمش أن "صحيحي البخاري ومسلم متكافئان، يتقدم مسلم على البخاري بأشياء، ويتقدم البخاري على مسلم بأشياء، لكنهما أفضل كتابين في الحديث المسند لدى أمة الإسلام".
وردا على سؤال "عربي21" عن ما إذا كانت كل أحاديث صحيح البخاري المسندة صحيحة، قال الحمش: "نسبة الصحيح سندا من المدار (الراوي الذي تتفرع عنه أسانيد الحديث) فما علاه في صحيح البخاري تتجاوز الـ90% من مجموع أحاديثه المسندة التي لم يورد في الأبواب مخالفات لها".
وتابع: "البخاري إمام في الجرح والتعديل وإمام في العلل، وقد أودع في كتابه ما اجتهد ورجح أن رجاله مقبولون، كما أن ما احتج به أقل الأحاديث المروية عللا"، لافتا النظر إلى وجود دراسات علمية محكمة تناولت رجال البخاري، وتحدثت عن منهج التعليل عند البخاري".
وتعليقا على ما يدعو إليه بعض المثقفين من ضرورة نقد متون البخاري دون التقيد بقواعد النقد الحديثي المقررة عند المحدثين، شدد الحمش على أن "علل المتون هي أثر من آثار أوهام رواة الحديث، فلا يصح نقد المتن دون نقد السند، والذين ينتقدون المتن دون السند، كمن يقفز إلى السطح من دون درج، علاوة على أن الأمة ستنبذه، ولا تفيد من نقده".
من جهته أكدّ الباحث المصري المتخصص في السنة النبوية وعلومها، الدكتور معتز السيري أن "صحيح البخاري أصحّ كتاب بعد القرآن (في ما يخص نصوص الشرع)، وهو محل اتفاق بين عامة العلماء عبر القرون بعد أن أصبح البخاري محل قبول منهم على كثرة دراسته، والكتابة عنه أو عن جانب منه".
وواصل حديثه لـ"عربي21" بالقول: "وقد أقر بهذا أئمة كبار كالحافظ النسائي، وحكى الاتفاق عليه أئمة كابن الصلاح والنووي والطوفي وآخرين.. " مؤكدا أن "كل ما في صحيح البخاري من أحاديث فهي صحيحة قطعا، وقد أجمع المحدثون وأصحاب الصنعة الحديثية على ذلك" على حد قوله.
أما انتقادات العلماء المتقدمين ـ كالدارقطني وغيره - لصحيح البخاري، فهي وفقا للسيري "انتقادات تقنية، ولا تتناول ما يسعى إليه الناقدون اليوم من رد أحاديث البخاري أو الطعن في صحيحه، وهي ترجع في الجملة إلى الاختلاف في بعض قواعد النقد بين المحدثين أنفسهم، فبعضهم يُشدد فيها، وبعضهم يتخفف في كونها شرطا للحديث الصحيح أو لا، وهي مسائل اجتهادية لا صلة لها بالطعن أو التكذيب".
بدوره أيدّ الأكاديمي المغربي، المتخصص في الدراسات الإسلامية، الدكتور محمد خروبات ما قاله الدكتور معتز من أن "كل ما في صحيح البخاري صحيح"، حاكيا أن "الحفاظ والنقاد من أهل الصنعة بعلم الحديث، ومن تبعهم من العلماء قديما وحديثا أجمعوا على ذلك".
واستطرد خروبات في شرحه لـ"عربي21": "لقد استقر رأي علماء الحديث على صحة ما جاء في الجامع الصحيح من أحاديث، فهي صحيحة على شرط البخاري، ونقد القواعد يتطلب امتلاك قواعد ضبط الخبر، ولا يمكن ممارسة النقد انطلاقا من علوم أخرى لأن هذا سيفتح الباب للفوضى".
وختم حديثه بالقول: "إن الحديث خلص صحيحا للبخاري بالمنهج النقلي الذي يصون الرواية، ويضبط الخبر من جهة الصحة والسلامة" متسائلا: "هل يوجد منهج جديد ننقد به أحاديث البخاري؟"، ليجيب: "حتى الآن لا يوجد هذا المنهج، ولا توجد له علامات، والموجود هو التطاول والادّعاء"، وفق وصفه.
وكتاب "الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسننه وأيامه"، الشهير بِاسم "صحيح البخاري" هو أبرز كتب الحديث النبوي عند المسلمين من أهل السنة والجماعة. صنّفه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري واستغرق في تحريره ستة عشر عاماً، وانتقى أحاديثه من ستمائة ألف حديث جمعها، ويحتلّ الكتاب مكانة متقدمة عند أهل السنّة، حيث أنه أحد الكتب الستّة التي تعتبر من أمهات مصادر الحديث عندهم، وهو أوّل كتاب مصنّف في الحديث الصحيح المجرّد، كما أنه يعتبر لديهم أصحّ كتاب بعد القرآن الكريم. ويعتبر كتاب صحيح البخاري أحد كتب الجوامع وهي التي احتوت على جميع أبواب الحديث من العقائد والأحكام والتفسير والتاريخ والزهد والآداب وغيرها.
وقبل أيام هاجم الداعية الإماراتي من أصل أردني، وسيم يوسف، صحيح البخاري، حينما قال في برنامجه التلفزيوني: "أشك بكل كتاب دون القرآن الكريم حتى البخاري ومسلم"، وتساءل: "هل من أركان الإيمان أن أؤمن بصحيح البخاري؟".
ووفقا لباحثين فإن وسيم يوسف وإن لم يكن من أهل الاختصاص والأهلية لنقد صحيح البخاري، فإن علماء الحديث، المتقدمين منهم والمتأخرين، مع احترامهم وتبجيلهم للبخاري وصحيحه، انتقدوا أحاديث وروايات فيه.
إقرأ أيضا: خلفان يتهم يوسف بالتبعية لقطر والإخوان.. وفريق أبو ظبي يرد
وفي هذا السياق ذكر الباحث الشرعي المتخصص في النقد الحديثي، الدكتور خالد الحايك أن الحافظ العقيلي، أحد أئمة الحديث المتقدمين، ضعف أحاديث في صحيح البخاري كحديث "أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائيل".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "كما استنكر الإمام أحمد حديث الاستخارة (كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها)"، مضيفا: "واعترض بعض العلماء على حديث (من عادى لي وليا فقد أذنته بالحرب..)"، لافتا الانتباه إلى ما قاله الحافظ الذهبي من تفرد خالد بن مخلد (أحد رواة الحديث)، ولولا هيبة الصحيح لعدوه من منكراته، وقد ضعفه من المعاصرين الشيخ الألباني.
وأكدّ الحايك أن "بيان ما يتخلل بعض أحاديث البخاري ومسلم ليس طعنا في الصحيحين، ولا في رواتهما، وقد استدرك بعض أهل النقد عليهما أحاديث، وهذا كله يدخل في باب الاجتهاد ضمن منهج الأئمة الفحول من أهل النقد".
واستكمل حديثه بالقول: "ليس كل ما في البخاري من الأحاديث المسندة صحيح، وأبواب النقد مفتوحة لأهل الاختصاص المؤهلين لذلك، لكن الأمر ليس مشاعا لكل من هب ودب".
وفي السياق ذاته أوضح أستاذ الحديث النبوي وعلومه، ومؤلف العديد من الكتب الحديثية، الدكتور عداب الحمش أن "صحيحي البخاري ومسلم متكافئان، يتقدم مسلم على البخاري بأشياء، ويتقدم البخاري على مسلم بأشياء، لكنهما أفضل كتابين في الحديث المسند لدى أمة الإسلام".
وردا على سؤال "عربي21" عن ما إذا كانت كل أحاديث صحيح البخاري المسندة صحيحة، قال الحمش: "نسبة الصحيح سندا من المدار (الراوي الذي تتفرع عنه أسانيد الحديث) فما علاه في صحيح البخاري تتجاوز الـ90% من مجموع أحاديثه المسندة التي لم يورد في الأبواب مخالفات لها".
وتابع: "البخاري إمام في الجرح والتعديل وإمام في العلل، وقد أودع في كتابه ما اجتهد ورجح أن رجاله مقبولون، كما أن ما احتج به أقل الأحاديث المروية عللا"، لافتا النظر إلى وجود دراسات علمية محكمة تناولت رجال البخاري، وتحدثت عن منهج التعليل عند البخاري".
وتعليقا على ما يدعو إليه بعض المثقفين من ضرورة نقد متون البخاري دون التقيد بقواعد النقد الحديثي المقررة عند المحدثين، شدد الحمش على أن "علل المتون هي أثر من آثار أوهام رواة الحديث، فلا يصح نقد المتن دون نقد السند، والذين ينتقدون المتن دون السند، كمن يقفز إلى السطح من دون درج، علاوة على أن الأمة ستنبذه، ولا تفيد من نقده".
من جهته أكدّ الباحث المصري المتخصص في السنة النبوية وعلومها، الدكتور معتز السيري أن "صحيح البخاري أصحّ كتاب بعد القرآن (في ما يخص نصوص الشرع)، وهو محل اتفاق بين عامة العلماء عبر القرون بعد أن أصبح البخاري محل قبول منهم على كثرة دراسته، والكتابة عنه أو عن جانب منه".
وواصل حديثه لـ"عربي21" بالقول: "وقد أقر بهذا أئمة كبار كالحافظ النسائي، وحكى الاتفاق عليه أئمة كابن الصلاح والنووي والطوفي وآخرين.. " مؤكدا أن "كل ما في صحيح البخاري من أحاديث فهي صحيحة قطعا، وقد أجمع المحدثون وأصحاب الصنعة الحديثية على ذلك" على حد قوله.
أما انتقادات العلماء المتقدمين ـ كالدارقطني وغيره - لصحيح البخاري، فهي وفقا للسيري "انتقادات تقنية، ولا تتناول ما يسعى إليه الناقدون اليوم من رد أحاديث البخاري أو الطعن في صحيحه، وهي ترجع في الجملة إلى الاختلاف في بعض قواعد النقد بين المحدثين أنفسهم، فبعضهم يُشدد فيها، وبعضهم يتخفف في كونها شرطا للحديث الصحيح أو لا، وهي مسائل اجتهادية لا صلة لها بالطعن أو التكذيب".
بدوره أيدّ الأكاديمي المغربي، المتخصص في الدراسات الإسلامية، الدكتور محمد خروبات ما قاله الدكتور معتز من أن "كل ما في صحيح البخاري صحيح"، حاكيا أن "الحفاظ والنقاد من أهل الصنعة بعلم الحديث، ومن تبعهم من العلماء قديما وحديثا أجمعوا على ذلك".
واستطرد خروبات في شرحه لـ"عربي21": "لقد استقر رأي علماء الحديث على صحة ما جاء في الجامع الصحيح من أحاديث، فهي صحيحة على شرط البخاري، ونقد القواعد يتطلب امتلاك قواعد ضبط الخبر، ولا يمكن ممارسة النقد انطلاقا من علوم أخرى لأن هذا سيفتح الباب للفوضى".
وختم حديثه بالقول: "إن الحديث خلص صحيحا للبخاري بالمنهج النقلي الذي يصون الرواية، ويضبط الخبر من جهة الصحة والسلامة" متسائلا: "هل يوجد منهج جديد ننقد به أحاديث البخاري؟"، ليجيب: "حتى الآن لا يوجد هذا المنهج، ولا توجد له علامات، والموجود هو التطاول والادّعاء"، وفق وصفه.
وكتاب "الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسننه وأيامه"، الشهير بِاسم "صحيح البخاري" هو أبرز كتب الحديث النبوي عند المسلمين من أهل السنة والجماعة. صنّفه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري واستغرق في تحريره ستة عشر عاماً، وانتقى أحاديثه من ستمائة ألف حديث جمعها، ويحتلّ الكتاب مكانة متقدمة عند أهل السنّة، حيث أنه أحد الكتب الستّة التي تعتبر من أمهات مصادر الحديث عندهم، وهو أوّل كتاب مصنّف في الحديث الصحيح المجرّد، كما أنه يعتبر لديهم أصحّ كتاب بعد القرآن الكريم. ويعتبر كتاب صحيح البخاري أحد كتب الجوامع وهي التي احتوت على جميع أبواب الحديث من العقائد والأحكام والتفسير والتاريخ والزهد والآداب وغيرها.
Comments
Post a Comment