تفسير ابن كثير - إسلام ويب

Alfabaiyyah > سور القرآن الكريم > 0020 - سورة طه > 0065 - سورة طه آية 65

تفسير ابن كثير - إسلام ويب

EDIT

قَالُوا۟ يَٰمُوسَىٰٓ إِمَّآ أَن تُلۡقِيَ وَإِمَّآ أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَىٰ ﴿سورة طه آية ٦٥﴾‏. قَالَ بَلْ أَلْقُوا۟ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ ﴿سورة طه آية ٦٦﴾‏. فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِۦ خِيفَةً مُّوسَىٰ ﴿سورة طه آية ٦٧﴾‏. قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْأَعْلَىٰ ﴿سورة طه آية ٦٨﴾‏. وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوٓا۟ۖ إِنَّمَا صَنَعُوا۟ كَيْدُ سَٰحِرٍۖ وَلَا يُفْلِحُ ٱلسَّاحِرُ حَيْثُ أَتَىٰ ﴿سورة طه آية ٦٩﴾‏. فَأُلْقِىَ ٱلسَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوٓا۟ ءَامَنَّا بِرَبِّ هَٰرُونَ وَمُوسَىٰ ﴿سورة طه آية ٧٠﴾‏.

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ السَّحَرَةِ حِينَ تَوَافَقُوا هُمْ وَمُوسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، أَنَّهُمْ قَالُوا لِمُوسَى : ( إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ ) أَيْ : أَنْتَ أَوَّلًا ( إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى قَالَ بَلْ أَلْقُوا ) أَيْ : أَنْتُمْ أَوَّلًا لِيُرَى مَاذَا تَصْنَعُونَ مِنَ السِّحْرِ ، وَلِيَظْهَرَ لِلنَّاسِ جَلِيَّةً أَمْرُهُمْ ، ( فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ) . وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُمْ لَمَّا أَلْقَوْا ( وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ ) [ الشُّعَرَاءِ : 44 ] وَقَالَ تَعَالَى : ( سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ) [ الْأَعْرَافِ : 116 ] ، وَقَالَ هَاهُنَا ( فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى ) .

وَذَلِكَ أَنَّهُمْ أَوْدَعُوهَا مِنَ الزِّئْبَقِ مَا كَانَتْ تَتَحَرَّكُ بِسَبَبِهِ وَتَضْطَرِبُ وَتَمِيدُ ، بِحَيْثُ يُخَيَّلُ لِلنَّاظِرِ أَنَّهَا تَسْعَى بِاخْتِيَارِهَا ، وَإِنَّمَا كَانَتْ حِيلَةً ، وَكَانُوا جَمًّا غَفِيرًا وَجَمْعًا كَبِيرًا فَأَلْقَى كُلٌّ مِنْهُمْ عَصًا وَحَبْلًا حَتَّى صَارَ الْوَادِي مَلْآنَ حَيَّاتٍ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا .

وَقَوْلُهُ : ( فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى ) أَيْ خَافَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يُفْتَتَنُوا بِسِحْرِهِمْ وَيَغْتَرُّوا بِهِمْ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيَ مَا فِي يَمِينِهِ ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ فِي السَّاعَةِ الرَّاهِنَةِ أَنْ ( وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ ) يَعْنِي : عَصَاهُ ، فَإِذَا هِيَ ( تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا ) وَذَلِكَ أَنَّهَا صَارَتْ تِنِّينًا عَظِيمًا هَائِلًا ذَا عُيُونٍ وَقَوَائِمَ وَعُنُقٍ وَرَأْسٍ وَأَضْرَاسٍ ، فَجَعَلَتْ تَتْبَعُ تِلْكَ الْحِبَالَ وَالْعِصِيَّ حَتَّى لَمْ تُبْقِ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا تَلَقَّفَتْهُ وَابْتَلَعَتْهُ ، وَالسَّحَرَةُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَى ذَلِكَ عِيَانًا جَهْرَةً ، نَهَارًا ضَحْوَةً . فَقَامَتِ الْمُعْجِزَةُ ، وَاتَّضَحَ الْبُرْهَانُ ، وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : ( إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ) .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الشَّيْبَانِيُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ مُعَاذٍ - أَحْسَبُهُ الصَّائِغَ - عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ جُنْدَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: 303 ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا أَخَذْتُمْ - يَعْنِي السَّاحِرَ - فَاقْتُلُوهُ " ثُمَّ قَرَأَ : ( وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ) قَالَ : " لَا يُؤْمَنُ بِهِ حَيْثُ وُجِدَ .

وَقَدْ رَوَى أَصْلَهُ التِّرْمِذِيُّ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا .

فَلَمَّا عَايَنَ السَّحَرَةُ ذَلِكَ وَشَاهَدُوهُ ، وَلَهُمْ خِبْرَةٌ بِفُنُونِ السِّحْرِ وَطُرُقِهِ وَوُجُوهِهِ ، عَلِمُوا عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ هَذَا الَّذِي فَعَلَهُ مُوسَى لَيْسَ مِنْ قَبِيلِ السِّحْرِ وَالْحِيَلِ ، وَأَنَّهُ حَقٌّ لَا مِرْيَةَ فِيهِ ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى هَذَا إِلَّا الَّذِي يَقُولُ لِلشَّيْءِ كُنْ فَيَكُونُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ وَقَعُوا سُجَّدًا لِلَّهِ وَقَالُوا : ( آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ) [ الشُّعَرَاءِ : 47 ، 48 ] .

وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ : كَانُوا أَوَّلَ النَّهَارِ سَحَرَةً ، وَفِي آخِرِ النَّهَارِ شُهَدَاءَ بَرَرَةً .

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ : كَانُوا ثَمَانِينَ أَلْفًا ، وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ : كَانُوا سَبْعِينَ أَلْفًا .

وَقَالَ السُّدِّيُّ : بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا .

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ : عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ ، عَنْ أَبِي ثُمَامَةَ : كَانَ سَحَرَةُ فِرْعَوْنَ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا .

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : كَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا .

وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَمْزَةَ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَتِ السَّحَرَةُ سَبْعِينَ رَجُلًا أَصْبَحُوا سَحَرَةً وَأَمْسَوْا شُهَدَاءَ .

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا الْمُسَيَّبُ بْنُ وَاضِحٍ بِمَكَّةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : لَمَّا خَرَّ السَّحَرَةُ سُجَّدًا رُفِعَتْ لَهُمُ الْجَنَّةُ حَتَّى نَظَرُوا إِلَيْهَا .

قَالَ : وَذُكِرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَّامٍ : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَوْلَهُ : ( فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا ) قَالَ : رَأَوْا مَنَازِلَهُمْ تُبْنَى لَهُمْ وَهُمْ فِي سُجُودِهِمْ . وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ وَالْقَاسِمُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ .

Comments

Popular posts from this blog

Joker (2019 film) From Wikipedia, the free encyclopedia