00597 ت - تفسير زاد المسير في علم التفسير - تفسير ابن الجوزي
* تفسير زاد المسير في علم التفسير/ ابن الجوزي (ت 597 هـ) مصنف و مدقق
ٱلْحَآقَّةُ ﴿سورة الحاقة آية ١﴾. مَا ٱلْحَآقَّةُ ﴿سورة الحاقة آية ٢﴾. وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا ٱلْحَآقَّةُ ﴿سورة الحاقة آية ٣﴾. كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌۢ بِٱلْقَارِعَةِ ﴿سورة الحاقة آية ٤﴾. فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا۟ بِٱلطَّاغِيَةِ ﴿سورة الحاقة آية ٥﴾. وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا۟ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ﴿سورة الحاقة آية ٦﴾. سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَـٰنِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ﴿سورة الحاقة آية ٧﴾. فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّنۢ بَاقِيَةٍ ﴿سورة الحاقة آية ٨﴾. وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُۥ وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتُ بِٱلْخَاطِئَةِ ﴿سورة الحاقة آية ٩﴾. فَعَصَوْا۟ رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً ﴿سورة الحاقة آية ١٠﴾. إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَـٰكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ ﴿سورة الحاقة آية ١١﴾. لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَٰعِيَةٌ ﴿سورة الحاقة آية ١٢﴾.
{ الحاقة }: القيامة. قال الفراء: إنما قيل لها: حاقة، لأن فيها حواق الأمور. وقال الزجاج: إنما سميت الحاقة، لأنها تحق كل إنسان بعمله من خير وشر.
قوله تعالى: { ما الحاقة؟ } هذا استفهام، معناه التفخيم لشأنها، كما تقول: زيد، وما زيد؟ على التعظيم لشأنه. ثم زاد في التهويل بأمرها، فقال تعالى: { وما أدراك ما الحاقة } أي: لأنك لم تعاينها، ولم تدر ما فيها من الأهوال. ثم أخبر عن المكذِّبين بها، فقال تعالى: { كَذَّبَتْ ثمودُ وعادٌ بالقارعة } قال ابن عباس: القارعة: اسم من أسماء يوم القيامة. قال مقاتل: وإنما سميت بالقارعة، لأن الله تعالى يقرع أعداءه بالعذاب. وقال ابن قتيبة: القارعة: القيامة لأنها تقرع، يقال: أصابتهم قوارع الدهر. وقال الزجاج: لأنها تقرع بالأهوال. وقال غيرهم: لأنها تقرع القلوب بالفزع. فأما { الطاغية } ففيها ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها طغيانهم وكفرهم، قاله ابن عباس، ومجاهد، ومقاتل، وأبو عبيدة، وابن قتيبة، قال الزجاج: ومعنى الطاغية عند أهل اللغة: طغيانهم و«فاعلة» قد يأتي بمعنى المصادر، نحو عاقبة، وعافية.
والثاني: بالصيحة الطاغية، قاله قتادة. وذلك أنها جاوزت مقدار الصياح فأهلكتهم.
والثالث: أن الطاغية: عاقر الناقة، قاله ابن زيد. والريح الصرصر قد فسرناها في [حم السجدة:16] والعاتية: التي جاوزت المقدار. وجاء في التفسير أنها عَتَتْ على خُزَّانها يومئذ، فلم يكن لهم عليها سبيل.
قوله تعالى: { سخَّرها عليهم } أرسلها وسلَّطها. والتسخير: استعمال الشيء بالاقتدار. وفي قوله تعالى: { حسوماً } ثلاثة أقوال.
أحدها: تباعاً، قاله ابن عباس. قال الفراء: الحسوم: التِّباع، يقال في الشيء إذا تتابع، فلم ينقطع أوله عن آخره: حسوم. وإِنما أُخِذَ ـ والله أعلم ـ من حَسْمِ الدَّاءِ: إذا كُوي صاحبُه، لأنه يحمى ثم يكوى، ثم يتابع الكي عليه.
والثاني: كاملة، قاله الضحاك. فيكون المعنى: أنها حسمت الليالي والأيام فاستوفتها على الكمال، لأنها ظهرت مع طلوع الشمس، وذهبت مع غروبها. قال مقاتل: هاجت الريح غُدْوَةً، وسكنت بالعَشِيِّ في اليوم الثامن، وقبضت أرواحهم في ذلك اليوم، ثم بعث الله طيراً أسود فالتقطهم حتى ألقاهم في البحر.
والثالث: أنها حسمتهم، فلم تبق منهم أحداً، أي: أذهبتهم وأفنتهم، هذا قول ابن زيد.
قوله تعالى: { فترى القوم فيها } أي: في تلك الليالي والأيام { صرعى } وهو جمع صريع، لأنهم صرعوا بموتهم { كأنهم أعجاز نخل } أي: أصول نخل { خاوية } أي: بالية. وقد بيَّنَّا هذا في سورة [القمر: 20].
قوله تعالى: { فهل ترى لهم من باقية } فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: من بقاءٍ، قاله الفراء.
والثاني: من بقية، قاله أبو عبيدة. قال: وهو مصدر كالطاغية.
والثالث: هل ترى لهم من أثر؟ قاله ابن قتيبة { وجاء فرعون ومَن قبله } قرأ أبو عمرو، ويعقوب، والكسائي، وأبان: بكسر القاف، وفتح الباء.
قوله تعالى: { ما الحاقة؟ } هذا استفهام، معناه التفخيم لشأنها، كما تقول: زيد، وما زيد؟ على التعظيم لشأنه. ثم زاد في التهويل بأمرها، فقال تعالى: { وما أدراك ما الحاقة } أي: لأنك لم تعاينها، ولم تدر ما فيها من الأهوال. ثم أخبر عن المكذِّبين بها، فقال تعالى: { كَذَّبَتْ ثمودُ وعادٌ بالقارعة } قال ابن عباس: القارعة: اسم من أسماء يوم القيامة. قال مقاتل: وإنما سميت بالقارعة، لأن الله تعالى يقرع أعداءه بالعذاب. وقال ابن قتيبة: القارعة: القيامة لأنها تقرع، يقال: أصابتهم قوارع الدهر. وقال الزجاج: لأنها تقرع بالأهوال. وقال غيرهم: لأنها تقرع القلوب بالفزع. فأما { الطاغية } ففيها ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها طغيانهم وكفرهم، قاله ابن عباس، ومجاهد، ومقاتل، وأبو عبيدة، وابن قتيبة، قال الزجاج: ومعنى الطاغية عند أهل اللغة: طغيانهم و«فاعلة» قد يأتي بمعنى المصادر، نحو عاقبة، وعافية.
والثاني: بالصيحة الطاغية، قاله قتادة. وذلك أنها جاوزت مقدار الصياح فأهلكتهم.
والثالث: أن الطاغية: عاقر الناقة، قاله ابن زيد. والريح الصرصر قد فسرناها في [حم السجدة:16] والعاتية: التي جاوزت المقدار. وجاء في التفسير أنها عَتَتْ على خُزَّانها يومئذ، فلم يكن لهم عليها سبيل.
قوله تعالى: { سخَّرها عليهم } أرسلها وسلَّطها. والتسخير: استعمال الشيء بالاقتدار. وفي قوله تعالى: { حسوماً } ثلاثة أقوال.
أحدها: تباعاً، قاله ابن عباس. قال الفراء: الحسوم: التِّباع، يقال في الشيء إذا تتابع، فلم ينقطع أوله عن آخره: حسوم. وإِنما أُخِذَ ـ والله أعلم ـ من حَسْمِ الدَّاءِ: إذا كُوي صاحبُه، لأنه يحمى ثم يكوى، ثم يتابع الكي عليه.
والثاني: كاملة، قاله الضحاك. فيكون المعنى: أنها حسمت الليالي والأيام فاستوفتها على الكمال، لأنها ظهرت مع طلوع الشمس، وذهبت مع غروبها. قال مقاتل: هاجت الريح غُدْوَةً، وسكنت بالعَشِيِّ في اليوم الثامن، وقبضت أرواحهم في ذلك اليوم، ثم بعث الله طيراً أسود فالتقطهم حتى ألقاهم في البحر.
والثالث: أنها حسمتهم، فلم تبق منهم أحداً، أي: أذهبتهم وأفنتهم، هذا قول ابن زيد.
قوله تعالى: { فترى القوم فيها } أي: في تلك الليالي والأيام { صرعى } وهو جمع صريع، لأنهم صرعوا بموتهم { كأنهم أعجاز نخل } أي: أصول نخل { خاوية } أي: بالية. وقد بيَّنَّا هذا في سورة [القمر: 20].
قوله تعالى: { فهل ترى لهم من باقية } فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: من بقاءٍ، قاله الفراء.
والثاني: من بقية، قاله أبو عبيدة. قال: وهو مصدر كالطاغية.
والثالث: هل ترى لهم من أثر؟ قاله ابن قتيبة { وجاء فرعون ومَن قبله } قرأ أبو عمرو، ويعقوب، والكسائي، وأبان: بكسر القاف، وفتح الباء.
والباقون: بفتح القاف، وإسكان الباء. فمن كسر القاف أراد: من يليه ويَحفّ به من جنوده وأتباعه. ومن فتحها أراد: من كان قبله من الأمم الكافرة. وفي «المؤتفكات» ثلاثة أقوال.
أحدها: قرى قوم لوط. والمعنى: وأهل المؤتفكات، قاله الأكثرون.
والثاني: أنهم الذين ائتفكوا بذنوبهم، أي: هلكوا بالذنوب التي معظمها الإفك. وهو الكذب، قاله الزجاج.
والثالث: أنه قارون وقومه، حكاه الماوردي.
أحدها: قرى قوم لوط. والمعنى: وأهل المؤتفكات، قاله الأكثرون.
والثاني: أنهم الذين ائتفكوا بذنوبهم، أي: هلكوا بالذنوب التي معظمها الإفك. وهو الكذب، قاله الزجاج.
والثالث: أنه قارون وقومه، حكاه الماوردي.
قوله تعالى: { بالخاطئة } قال ابن قتيبة: أي: بالذنوب، وقال الزجاج: الخاطئة: الخطأ العظيم { فعصَوْا رسول ربهم } أي: كذَّبوا رسلهم { فأخذهم أخذةً رابيةً } أي: زائدة على الأحداث { إنا لما طغى الماء } أي: تجاوز حدَّه حتى علا على كل شيء في زمن نوح { حملناكم } يعني: حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم { في الجارية } وهي: السفينة التي تجري في الماء { لنجعلها } أي: لنجعل تلك الفَعْلةَ التي فعلنا من إغراق قوم نوح، ونجاة من حملنا معه { تذكرةً } أي: عبرةً، وموعظةً { وتعيها أذن واعية } أي: أُذُنٌ تحفظُ ما سمعَتْ، وتعمل به. وقال الفراء: لتحفظها كل أُذُن، فتكون عظة لمن يأتي بعده.
Comments
Post a Comment