00606 ت - تفسير مفاتيح الغيب التفسير الكبير - تفسير الرازي
* تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي (ت 606 هـ) مصنف و مدقق مرحلة اولى
ٱلْحَآقَّةُ ﴿سورة الحاقة آية ١﴾. مَا ٱلْحَآقَّةُ ﴿سورة الحاقة آية ٢﴾. وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا ٱلْحَآقَّةُ ﴿سورة الحاقة آية ٣﴾.
المسألة الأولى: أجمعوا على أن الحاقة هي القيامة واختلفوا في معنى الحاقة على وجوه: أحدها: أن الحق هو الثابت الكائن، فالحاقة الساعة الواجبة الوقوع الثابتة المجيء التي هي آتية لا ريب فيها وثانيها: أنها التي تحق فيها الأمور أي تعرف على الحقيقة من قولك لا أحق هذا أي لا أعرف حقيقته جعل الفعل لها وهو لأهلها وثالثها: أنها ذوات الحواق من الأمور وهي الصادقة الواجبة الصدق، والثواب والعقاب وغيرهما من أحوال القيامة أمور واجبة الوقوع والوجود فهي كلها حواق ورابعها: أن الحاقة بمعنى الحقة والحقة أخص من الحق وأوجب تقول: هذه حقتي أي حقي، وعلى هذا الحاقة بمعنى الحق، وهذا الوجه قريب من الوجه الأول وخامسها: قال الليث: { ٱلْحَاقَّةُ } النازلة التي حقت بالجارية فلا كاذبة لها وهذا معنى قوله تعالى:{ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ } [الواقعة: 2]، وسادسها: { ٱلْحَاقَّةُ } الساعة التي يحق فيها الجزاء على كل ضلال وهدى وهي القيامة وسابعها: { ٱلْحَاقَّةُ } هو الوقت الذي يحق على القوم أن يقع بهم وثامنها: أنها الحق بأن يكون فيها جميع آثار أعمال المكلفين فإن في ذلك اليوم يحصل الثواب والعقاب ويخرج عن حد الانتظار وهو قول الزجاج وتاسعها: قال الأزهري: والذي عندي في الحاقة أنها سميت بذلك لأنها تحق كل محاق في دين الله بالباطل أي تخاصم كل مخاصم وتغلبه من قولك: حاققته فحققته أي غالبته فغلبته وفلجت عليه وعاشرها: قال أبو مسلم: { ٱلْحَاقَّةُ } الفاعلة من حقت كلمة ربك. المسألة الثانية: الحاقة مرفوعة بالابتداء وخبرها { مَا ٱلْحَاقَّةُ } والأصل الحاقة ما هي أي أي شيء هي؟ تفخيماً لشأنها، وتعظيماً لهولها فوضع الظاهر موضع المضمر لأنه أهول لها ومثله قوله:{ ٱلْقَارِعَةُ * مَا ٱلْقَارِعَةُ } [القارعة: 1، 2] وقوله: { وَمَا أَدْرَاكَ } أي وأي شيء أعلمك { مَا ٱلْحَاقَّةُ } يعني إنك لا علم لك بكنهها ومدى عظمها، يعني أنه في العظم والشدة بحيث لا يبلغه دراية أحد ولا وهمه وكيفما قدرت حالها فهي أعظم من ذلك { وَمَا } في موضع الرفع على الابتداء و { أَدْرَاكَ } معلق عنه لتضمنه معنى الاستفهام.
Comments
Post a Comment