00774 ت - تفسير القرآن الكريم - تفسير ابن كثير
Alfabaiyyah > حرف س > سو > سور > سور القرآن الكريم > 0023 - سورة المؤمنون > 0012 - سورة المؤمنون آية 12
00774 ت - تفسير القرآن الكريم - تفسير ابن كثير
* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق
وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَـٰنَ مِن سُلَـٰلَةٍ مِّن طِينٍ ﴿سورة المؤمنون آية ١٢﴾. ثُمَّ جَعَلْنَـٰهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ﴿سورة المؤمنون آية ١٣﴾. ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَـٰمًا فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَـٰمَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَـٰهُ خَلْقًا ءَاخَرَۚ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ ﴿سورة المؤمنون آية ١٤﴾. ثُمَّ إِنَّكُم بَعْدَ ذَٰلِكَ لَمَيِّتُونَ ﴿سورة المؤمنون آية ١٥﴾. ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ تُبْعَثُونَ ﴿سورة المؤمنون آية ١٦﴾.
يقول تعالى مخبراً عن ابتداء خلق الإنسان من سلالة من طين، وهو آدم عليه السلام، خلقه الله من صلصال من حمإمسنون. وقال الأعمش عن المنهال بن عمرو عن أبي يحيى عن ابن عباس { مِن سُلَـٰلَةٍ مِّن طِينٍ } قال من صفوة الماء. وقال مجاهد من سلالة، أي من مني آدم. وقال ابن جرير إنما سمي آدم طيناً لأنه مخلوق منه. وقال قتادة استل آدم من الطين، وهذا أظهر في المعنى، وأقرب إلى السياق، فإن آدم عليه السلام خلق من طين لازب، وهو الصلصال من الحمإالمسنون، وذلك مخلوق من التراب كما قال تعالى{ وَمِنْ ءَايَـٰتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَآ أَنتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } الروم 20. وقال الإمام أحمد حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا عوف، حدثنا قَسَامَة بن زهير عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك " وقد رواه أبو داود والترمذي من طرق عن عوف الأعرابي به نحوه. وقال الترمذي حسن صحيح { ثُمَّ جَعَلْنَـٰهُ نُطْفَةً } هذا الضمير عائد على جنس الإنسان كما قال في الآية الأخرى{ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَـٰنِ مِن طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن مَّآءٍ مَّهِينٍ } السجدة 7 ــــ 8 أي ضعيف، كما قال{ أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ فَجَعَلْنَـٰهُ فِى قَرَارٍ مَّكِينٍ } المرسلات 20 ــــ 21 يعني الرحم معد لذلك مهيأ له{ إِلَىٰ قَدَرٍ مَّعْلُومٍ فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ ٱلْقَـٰدِرُونَ } المرسلات 22 ــــ 23 أي مدة معلومة، وأجل معين، حتى استحكم وتنقل من حال إلى حال وصفة إلى صفة، ولهذا قال ههنا { ثُمَّ خَلَقْنَا ٱلنُّطْفَةَ عَلَقَةً } أي ثم صيرنا النطفة، وهي الماء الدافق الذي يخرج من صلب الرجل، وهو ظهره، وترائب المرأة، وهي عظام صدرها ما بين الترقوة إلى السرة، فصارت علقة حمراء على شكل العلقة مستطيلة، قال عكرمة وهي دم، { فَخَلَقْنَا ٱلْعَلَقَةَ مُضْغَةً } وهي قطعة كالبضعة من اللحم، لا شكل فيها ولا تخطيط { فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عِظَـٰماً } يعني شكلناها ذات رأس ويدين ورجلين بعظامها وعصبها وعروقها. وقرأ آخرون { فَخَلَقْنَا ٱلْمُضْغَةَ عظـماً } قال ابن عباس وهو عظم الصلب، وفي الصحيح من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كل جسد ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب، منه خلق، ومنه يركب " { فَكَسَوْنَا ٱلْعِظَـٰمَ لَحْماً } أي وجعلنا على ذلك ما يستره ويشده ويقويه { ثُمَّ أَنشَأْنَـٰهُ خَلْقاً ءَاخَرَ } أي ثم نفخنا فيه الروح، فتحرك وصار خلقاً آخر ذا سمع وبصر وإدراك وحركة واضطراب { فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَـٰلِقِينَ }.
وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين، حدثنا جعفر بن مسافر، حدثنا يحيى بن حسان، حدثنا النضر، يعني ابن كثير مولى بني هاشم، حدثنا زيد بن علي عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال إذا نمت النطفة أربعة أشهر، بعث الله إليها ملكاً، فنفخ فيها الروح في ظلمات ثلاث، فذلك قوله { ثُمَّ أَنشَأْنَـٰهُ خَلْقاً ءَاخَرَ } يعني نفخنا فيه الروح، وروي عن أبي سعيد الخدري أنه نفخ الروح، قال ابن عباس { ثُمَّ أَنشَأْنَـٰهُ خَلْقاً ءَاخَرَ } يعني فنفخنا فيه الروح، وكذا قال مجاهد وعكرمة والشعبي والحسن وأبو العالية والضحاك والربيع بن أنس والسدي وابن زيد، واختاره ابن جرير. وقال العوفي عن ابن عباس { ثُمَّ أَنشَأْنَـٰهُ خَلْقاً ءَاخَرَ } يعني ننقله من حال، إلى حال إلى أن خرج طفلاً، ثم نشأ صغيراً، ثم احتلم، ثم صار شاباً، ثم كهلاً، ثم شيخاً، ثم هرماً. وعن قتادة والضحاك نحو ذلك، ولا منافاة، فإنه من ابتداء نفخ الروح فيه، شرع في هذه التنقلات والأحوال، والله أعلم. قال الإمام أحمد في مسنده حدثنا أبو معاوية، حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله ــــ هو ابن مسعود رضي الله عنه ــــ قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق " إن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح، ويؤمر بأربع كلمات رزقه، وأجله، وعمله، وهل هو شقي أو سعيد، فو الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيختم له بعمل أهل الجنة فيدخلها " أخرجاه من حديث سليمان بن مهران الأعمش. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان، حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن خيثمة قال قال عبد الله ــــ يعني ابن مسعود ــــ إن النطفة إذا وقعت في الرحم، طارت في كل شعر وظفر، فتمكث أربعين يوماً، ثم تعود في الرحم، فتكون علقة. وقال الإمام أحمد أيضاً حدثنا حسين بن الحسن، حدثنا أبو كدينة عن عطاء بن السائب عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله قال مر يهودي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث أصحابه، فقالت قريش يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي، فقال لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي، قال فجاءه حتى جلس، فقال يا محمد مم يخلق الإنسان؟ فقال
Comments
Post a Comment