عمدة الحفاظ السمين الحلبي (٧٥٦ هـ)
أمن
الأمن: الطمأنينة عند الخوف. قال تعالى: ﴿أولئك لهم الأمن﴾ [الأنعام: ٨٢]. والأمن والأمان والأمانة في الأصل مصادر. وتجعل الأمانة اسم الحالة التي يكون عليها الإنسان في الأمن تارًة، ولما يؤتمن عليه الإنسان أخرى، نحو: ﴿وتخونوا أماناتكم﴾ [الأنفال: ٢٧] أي ما ائتمنتم عليه. قال تعالى: ﴿إنا عرضنا الأمانة﴾ [الأحزاب: ٧٢]. قيل: هي كلمة التوحيد، وقيل العدالة، وقيل: العقل، وقيل: [وهو صحيح، فإن العقل هو الذي بحصوله يتحصل معرفة التوحيد، وتجري العدالة وتعلم] حروف التهجي؛ بل بحصوله يعلم كل ما في طوق البشر، وبه فضل على كثيرٍ ممن خلقه تفضيلاً. وقال الحسن: هي الطاعة، وقيل: العبادة.
وفي الحديث: "الأمانة غنى" أي سبب الغنى، لأنه متى عرف بالأمانة كثر معاملوه.
وقوله: ﴿ومن دخله كان آمنًا﴾ [آل عمران: ٩٧]. قيل: آمنًا من النار. وقيل: لفظه خبر، ومعناه الأمر. وقيل: من بلايا الدنيا. وقيل: الاصطلام. وقيل: آمن في حكم الله تعالى، كقولك: هذا حلال وهذا حرام في حكم الله. والمعنى: لا يجب أن يقتص منه ولا يقتل فيه إلا أن يخرج منه. ومثل ذلك: ﴿جعلنا حرمًا آمنًا﴾ [العنكبوت: ٦٧].
وقوله: ﴿أمنًة نعاسًا﴾ [آل عمران: ١٥٤] هي بمعنى الأمن، وذلك أن النوم منتفٍ عن الخائف. والآمن هو الذي يتطرق إليه النوم. وقيل: هي جمع آمنٍ نحو كتبةٍ وكاتبٍ. وفي حديث نزول المسيح: "وتقع الأمنة في الأرض.
وقوله: ﴿ثم أبلغه مأمنه﴾ [التوبة: ٦] أي منزله الذي يأمن فيه.
وقوله: ﴿في مقامٍ أمينٍ﴾ [الدخان: ٥١] لأن أهله أمنوا فيه من العذاب والفقر.
وقوله: ﴿وهذا البلد الأمين﴾ [التين: ٣] يعني به مكة، لأن غيرها من البلاد كان أهلها يغير بعضهم على بعضٍ. ومكة آمنة من ذلك.
قوله: ﴿وما أنت بمؤمنٍ لنا﴾ [يوسف: ١٧] أي بمصدق؛ لأن الإيمان هو التصديق الذي معه أمن.
قوله: ﴿يؤمنون بالجبت والطاغوت﴾ [النساء: ٥١] فهذا ذم لهم وتهكم بهم، وأنهم قد حصل لهم الأمن من وجهٍ لا يصح معه أمن، لأن طبيعة القلب السليم ألا يطمئن إلى الباطل، وعليه قول الشاعر: [من الوافر]
٩٧ - تحية بينهم ضرب وجيع
كما يقال: وإيمانه الكفر. أي جعلت التحية ضربًا والإيمان كفرًا.
والإيمان لغًة: التصديق، وعند كثيرٍ من أهل العلم اعتقاد بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان. ولم يشترط الأشاعرة عمل الأركان. وأمن يقال باعتبارين أحدهما أمن غيره أي حصل له الأمن، ومنه وصفه تعالى بالمؤمن. والثاني أنه صار ذا أمنٍ، فيكون قاصرًا نحو: أمن زيدٌ كأبقل المكان وأعشف. ولكونه مضمنًا للتصديق عدي بالباء في ﴿يؤمنون بالغيب﴾ [البقرة: ٣] أي يصدقون بجميع ما أخبر به النبي ﷺ من أمور الآخرة الغائبة عنهم. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: "ما آمن مؤمن أفضل من إيمان بغيب". وقد جعل النبي ﷺ الحياء وإماطة الأذى من الإيمان لأنهما ينشأان عنه، وجعل الإيمان في خبر جبريل المشهور من ستة أشياء.
والإيمان تارًة يجعل اسمًا للشريعة التي جاء بها محمد ﷺ، ومنه: ﴿إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون﴾ [المائدة: ٦٩]. ويدخل فيه كل من دخل في دينٍ مقر بالله ورسوله. قيل: وعليه قوله تعالى: ﴿وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون﴾ [يوسف: ١٠٦] فقوله: ﴿إن الذين آمنوا﴾ أي بألسنتهم. ثم قوله ثانيًا: ﴿من آمن﴾ [البقرة: ٦٢] يعني من واطأ قلبه لسانه. وقيل: معناه أنهم مقرون بأن الله خالقهم، ومع ذلك يشركون به عبادة الأصنام.
وجعل الصلاة إيمانًا في قوله: ﴿وما كان الله ليضيع إيمانكم﴾ [البقرة: ١٤٣] أي صلاتكم نحو بيت المقدس. والمعنى تصديقكم بأمر القبلة، وذلك أن المنافقين وغيرهم لما حولت القبلة قالوا: فكيف بمن مات قبل ذلك؟ قاله المنافقون استهزاء والمؤمنون تحزنًا على الموتى واستفسارًا عن حالهم. وفي حديث عقبة: "أسلم الناس وآمن عمرو" يعني أن غيره آمن بلسانه نفاقًا خوفًا من السيف، وهو آمن مخلصًا.
ورجل أمنة وأمنة أي يثق بكل أحدٍ. وأمين وأمان أي يؤمن به. والأمنون: الناقة التي يؤمن عثارها وفتورها. قال امرؤ القيس: [من الطويل]
٩٨ - فعزيت نفسي حين بانوا بجسرةٍ ... أمونٍ كبنيان اليهودي خيفق
والجسرة: القوية. والخيفق: الطويل.
آمين: اسم فعلٍ معناه استجب أو ليكن كذلك. وتشديد ميمه خطأ عند الحذاق. وقيل: آمين وأمين بالمد والقصر. وأنشدوا في مده: [من البسيط]
٩٩ - يا رب لا تسلبني حبها أبدًا ... ويرحم الله عبدًا قال: آمينا
وفي قصره: [من الطويل]
١٠٠ - تباعد مني فطحل إذ سألته ... أمين، فزاد الله ما بيننا بعدا
آمين: اسم من أسماء الله تعالى، قاله الفارسي وردوا عليه. وقد أجيب عنه في غير هذا الكتاب. وأما حكمه بالنسبة إلى الجهر والإسرار وحكم الإمام والمأموم فقد بسطت القول في ذلك في "القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز" والحمد لله.
وفي الحديث" "آمين خاتم رب العالمين"، قال أبو بكرٍ: معناه أنه طابع الله على عباده تدفع به الآفات فكان كخاتم الكتاب الذي يصونه ويمنع من فساده وإظهار ما فيه. وفي حديثٍ آخر: "آمين درجة في الجنة". قال أبو بكرٍ: معناه أنه حرف يكتسب به قائلة درجًة في الجنة. وكان الحسن إذا سئل عن تفسيره قال: معناه: اللهم استجب. قلت: وهذا معنى قول من قال: إنه اسم من أسماء الله تعالى لأن فيه ضمير الباري مستترًا، تقديره: استجب أنت.
وفي الحديث: "الأمانة غنى" أي سبب الغنى، لأنه متى عرف بالأمانة كثر معاملوه.
وقوله: ﴿ومن دخله كان آمنًا﴾ [آل عمران: ٩٧]. قيل: آمنًا من النار. وقيل: لفظه خبر، ومعناه الأمر. وقيل: من بلايا الدنيا. وقيل: الاصطلام. وقيل: آمن في حكم الله تعالى، كقولك: هذا حلال وهذا حرام في حكم الله. والمعنى: لا يجب أن يقتص منه ولا يقتل فيه إلا أن يخرج منه. ومثل ذلك: ﴿جعلنا حرمًا آمنًا﴾ [العنكبوت: ٦٧].
وقوله: ﴿أمنًة نعاسًا﴾ [آل عمران: ١٥٤] هي بمعنى الأمن، وذلك أن النوم منتفٍ عن الخائف. والآمن هو الذي يتطرق إليه النوم. وقيل: هي جمع آمنٍ نحو كتبةٍ وكاتبٍ. وفي حديث نزول المسيح: "وتقع الأمنة في الأرض.
وقوله: ﴿ثم أبلغه مأمنه﴾ [التوبة: ٦] أي منزله الذي يأمن فيه.
وقوله: ﴿في مقامٍ أمينٍ﴾ [الدخان: ٥١] لأن أهله أمنوا فيه من العذاب والفقر.
وقوله: ﴿وهذا البلد الأمين﴾ [التين: ٣] يعني به مكة، لأن غيرها من البلاد كان أهلها يغير بعضهم على بعضٍ. ومكة آمنة من ذلك.
قوله: ﴿وما أنت بمؤمنٍ لنا﴾ [يوسف: ١٧] أي بمصدق؛ لأن الإيمان هو التصديق الذي معه أمن.
قوله: ﴿يؤمنون بالجبت والطاغوت﴾ [النساء: ٥١] فهذا ذم لهم وتهكم بهم، وأنهم قد حصل لهم الأمن من وجهٍ لا يصح معه أمن، لأن طبيعة القلب السليم ألا يطمئن إلى الباطل، وعليه قول الشاعر: [من الوافر]
٩٧ - تحية بينهم ضرب وجيع
كما يقال: وإيمانه الكفر. أي جعلت التحية ضربًا والإيمان كفرًا.
والإيمان لغًة: التصديق، وعند كثيرٍ من أهل العلم اعتقاد بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان. ولم يشترط الأشاعرة عمل الأركان. وأمن يقال باعتبارين أحدهما أمن غيره أي حصل له الأمن، ومنه وصفه تعالى بالمؤمن. والثاني أنه صار ذا أمنٍ، فيكون قاصرًا نحو: أمن زيدٌ كأبقل المكان وأعشف. ولكونه مضمنًا للتصديق عدي بالباء في ﴿يؤمنون بالغيب﴾ [البقرة: ٣] أي يصدقون بجميع ما أخبر به النبي ﷺ من أمور الآخرة الغائبة عنهم. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: "ما آمن مؤمن أفضل من إيمان بغيب". وقد جعل النبي ﷺ الحياء وإماطة الأذى من الإيمان لأنهما ينشأان عنه، وجعل الإيمان في خبر جبريل المشهور من ستة أشياء.
والإيمان تارًة يجعل اسمًا للشريعة التي جاء بها محمد ﷺ، ومنه: ﴿إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون﴾ [المائدة: ٦٩]. ويدخل فيه كل من دخل في دينٍ مقر بالله ورسوله. قيل: وعليه قوله تعالى: ﴿وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون﴾ [يوسف: ١٠٦] فقوله: ﴿إن الذين آمنوا﴾ أي بألسنتهم. ثم قوله ثانيًا: ﴿من آمن﴾ [البقرة: ٦٢] يعني من واطأ قلبه لسانه. وقيل: معناه أنهم مقرون بأن الله خالقهم، ومع ذلك يشركون به عبادة الأصنام.
وجعل الصلاة إيمانًا في قوله: ﴿وما كان الله ليضيع إيمانكم﴾ [البقرة: ١٤٣] أي صلاتكم نحو بيت المقدس. والمعنى تصديقكم بأمر القبلة، وذلك أن المنافقين وغيرهم لما حولت القبلة قالوا: فكيف بمن مات قبل ذلك؟ قاله المنافقون استهزاء والمؤمنون تحزنًا على الموتى واستفسارًا عن حالهم. وفي حديث عقبة: "أسلم الناس وآمن عمرو" يعني أن غيره آمن بلسانه نفاقًا خوفًا من السيف، وهو آمن مخلصًا.
ورجل أمنة وأمنة أي يثق بكل أحدٍ. وأمين وأمان أي يؤمن به. والأمنون: الناقة التي يؤمن عثارها وفتورها. قال امرؤ القيس: [من الطويل]
٩٨ - فعزيت نفسي حين بانوا بجسرةٍ ... أمونٍ كبنيان اليهودي خيفق
والجسرة: القوية. والخيفق: الطويل.
آمين: اسم فعلٍ معناه استجب أو ليكن كذلك. وتشديد ميمه خطأ عند الحذاق. وقيل: آمين وأمين بالمد والقصر. وأنشدوا في مده: [من البسيط]
٩٩ - يا رب لا تسلبني حبها أبدًا ... ويرحم الله عبدًا قال: آمينا
وفي قصره: [من الطويل]
١٠٠ - تباعد مني فطحل إذ سألته ... أمين، فزاد الله ما بيننا بعدا
آمين: اسم من أسماء الله تعالى، قاله الفارسي وردوا عليه. وقد أجيب عنه في غير هذا الكتاب. وأما حكمه بالنسبة إلى الجهر والإسرار وحكم الإمام والمأموم فقد بسطت القول في ذلك في "القول الوجيز في أحكام الكتاب العزيز" والحمد لله.
وفي الحديث" "آمين خاتم رب العالمين"، قال أبو بكرٍ: معناه أنه طابع الله على عباده تدفع به الآفات فكان كخاتم الكتاب الذي يصونه ويمنع من فساده وإظهار ما فيه. وفي حديثٍ آخر: "آمين درجة في الجنة". قال أبو بكرٍ: معناه أنه حرف يكتسب به قائلة درجًة في الجنة. وكان الحسن إذا سئل عن تفسيره قال: معناه: اللهم استجب. قلت: وهذا معنى قول من قال: إنه اسم من أسماء الله تعالى لأن فيه ضمير الباري مستترًا، تقديره: استجب أنت.
Comments
Post a Comment