المعجم الاشتقاقي المؤصل محمد حسن جبل (١٤٣٦ هـ)
أمن
• (أمن):
﴿رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: ٥٣]
"ناقة أَمُون: أمينةٌ وثيقةُ الخلق. قال طرفة: [أمونِ كألواح الإران]
وهو التابوت من خشب) وقال أبو الربيس [ل فوق]:
يكادُ يَفُوقُ المَيْسَ ما لم يَرُدّها ... أمينُ القُوَى من صُنْع إيمن حادر
فوصف الزمام القَويّ بأنه أَمِينُ القُوَى. (المَيس: الرحْل. يفوق: يكسر- حادر: غليظ). وقال الحويدرة: [ونَقِي بآمَنِ مالِنا أحسابَنا]
أي بِغالي مَالِنا. ويقال: "شربت مِنْ آمَنِ الدواء، وأعطيتُه من آمَن مالي "- بالمد فيهما كأن معناه من خالص مالي ومن نَقِيّ الدواء.
المعنى المحوري وثاقة في الباطن. كالناقة الوثيقة الخَلْق، وكقُوَى الحبل الأمينة القوية. وآمَنُ المال وآمَنُ الدواء: خالصُه: لُبُّه المتمكّنُ في باطنه.
ومن ذلك الأَمْن ضد الخوف كأن الآمن تمكّن في حِصْن، أو امتلأ قلبه امتلاء شديدًا بما يُطَمْئِنه ". ﴿وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ [قريش: ٤]، ﴿أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: ١٦]، ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ﴾ [الأنفال: ١١]. وبهذا المعنى كل (أَمِنَ)، ومضارعها [عدا آل عمران: ٧٥] وكل (أمْن)، (آمِن) ومؤنثها وجمعها، (مأْمَن)، (مأمون) (أمَنَة) وهذه تكون بمعنى ضد الخيانة أيضًا [تاج].
و"الأمانة: الوديعة "التي تودَع عند من يحفظها كأن معنى اسمها: التي ينبغي أن تُحْفَظَ في حرز أوثقَ الحِفْظ. ﴿فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣]. و "الأمين: الحافظ " ﴿وَإِنِّي عَلَيهِ لَقَويٌّ أَمِينٌ﴾ [النمل: ٣٩ وكذا ما في القصص ٢٦]. وبمعنى الأمانة ضد الخيانة هذا أيضًا ما في [آل عمران: ٧٥، يوسف: ١١] وكل (أمانة)، (أمانات)، (أمين).
وأرى أن "المؤمن "في أسماء الله عزَّ وجلَّ معناه الحافظ لعباده المُؤَمِّن (كمحدث) لهم من كل شر ونقص ظاهر وباطن -أو الحفيظ عليهم. وفي [ل ١٦٢/ ١٦] أنها بمعنى المهيمن وفيه [١٦٦/ ١٠] مزيد من المعاني. ﴿الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيمِنُ﴾ [الحشر: ٢٣].
ومن ذلك "آمن بالشيء: صدّق " (قَبِل الكلام ووثق به فتمكن من قلبه). وفي [ق] "الإيمان: الثقة، وإظهار الخضوع، وقبول الشريعة "أي الإيمان بدين أو عقيدة (قبول العقيدة وتمكنها في القلب وامتلاؤه بها). ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ. .﴾ [البقرة: ٢٨٥]. قال أبو حيان: وهو (أي آمن) يتعدى بالباء، وباللام ﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَى﴾ [يونس: ٨٣] والتعدية باللام في ضمنها تعدٍّ بالباء [١/ ١٦٢ ﴿وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ٦١] أي يسمع من المؤمنين ويسلّم لهم ما يقولون، ويصدقهم لكونهم مؤمنين فهم صادقون [وتكملة ذلك في الكشاف ٢/ ٢٧٦]: عنده، فعُدِّي باللام. ألا ترى إلى قوله ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾ [يوسف: ١٧]، ما أَنْباه (: ما أبعده) عن الباء ﴿أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ﴾ [الشعراء: ١١١]، ﴿آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ﴾ [طه: ٧١، الشعراء: ٤٩] اهـ[كشاف / الكتب العلمية]. وأقول إن خلاصة هذا: يسمع لهم سماع قبول: كمعنى (أَذِنَ). وهذا أقرب من تفسيره ﴿وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ بأنه يصدقهم إذا شهدوا يوم القيامة [ل أمن ١٦٤/ ١٠، ١٦٦/ ١٧].
وآمين -بالمد، وأمين- بالقصر معناها اللهم استجب (أي تقبل فهي من الأصل).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَينَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾ [الأحزاب: ٧٢]، فُسِّرت بالفرائض، وبالنية، وبالطاعة [ل ١٦٣/ ٢٢] وبكلمة التوحيد، وبالعدالة، وبحروف التهجي، وبالعقل (الراغب ٢٥) وخلاصة ما أراه أخذًا من كلامهم ومن غيره أن الأمانة هنا هي التكليف والمسئولية عن التصرف. والتكليف تحميل في الذمة فهي من الأصل. وهذا يَجمعُ أوضحَ ما قالوه. والمسئولية عن التصرّف هي التي يتميز بها الإنسان وربما الجان أيضًا عن سائر المخلوقات. وهذا يتضح به تخصيص الإنسان في الآية الكريمة.
﴿رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: ٥٣]
"ناقة أَمُون: أمينةٌ وثيقةُ الخلق. قال طرفة: [أمونِ كألواح الإران]
وهو التابوت من خشب) وقال أبو الربيس [ل فوق]:
يكادُ يَفُوقُ المَيْسَ ما لم يَرُدّها ... أمينُ القُوَى من صُنْع إيمن حادر
فوصف الزمام القَويّ بأنه أَمِينُ القُوَى. (المَيس: الرحْل. يفوق: يكسر- حادر: غليظ). وقال الحويدرة: [ونَقِي بآمَنِ مالِنا أحسابَنا]
أي بِغالي مَالِنا. ويقال: "شربت مِنْ آمَنِ الدواء، وأعطيتُه من آمَن مالي "- بالمد فيهما كأن معناه من خالص مالي ومن نَقِيّ الدواء.
المعنى المحوري وثاقة في الباطن. كالناقة الوثيقة الخَلْق، وكقُوَى الحبل الأمينة القوية. وآمَنُ المال وآمَنُ الدواء: خالصُه: لُبُّه المتمكّنُ في باطنه.
ومن ذلك الأَمْن ضد الخوف كأن الآمن تمكّن في حِصْن، أو امتلأ قلبه امتلاء شديدًا بما يُطَمْئِنه ". ﴿وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ [قريش: ٤]، ﴿أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: ١٦]، ﴿إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ﴾ [الأنفال: ١١]. وبهذا المعنى كل (أَمِنَ)، ومضارعها [عدا آل عمران: ٧٥] وكل (أمْن)، (آمِن) ومؤنثها وجمعها، (مأْمَن)، (مأمون) (أمَنَة) وهذه تكون بمعنى ضد الخيانة أيضًا [تاج].
و"الأمانة: الوديعة "التي تودَع عند من يحفظها كأن معنى اسمها: التي ينبغي أن تُحْفَظَ في حرز أوثقَ الحِفْظ. ﴿فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣]. و "الأمين: الحافظ " ﴿وَإِنِّي عَلَيهِ لَقَويٌّ أَمِينٌ﴾ [النمل: ٣٩ وكذا ما في القصص ٢٦]. وبمعنى الأمانة ضد الخيانة هذا أيضًا ما في [آل عمران: ٧٥، يوسف: ١١] وكل (أمانة)، (أمانات)، (أمين).
وأرى أن "المؤمن "في أسماء الله عزَّ وجلَّ معناه الحافظ لعباده المُؤَمِّن (كمحدث) لهم من كل شر ونقص ظاهر وباطن -أو الحفيظ عليهم. وفي [ل ١٦٢/ ١٦] أنها بمعنى المهيمن وفيه [١٦٦/ ١٠] مزيد من المعاني. ﴿الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيمِنُ﴾ [الحشر: ٢٣].
ومن ذلك "آمن بالشيء: صدّق " (قَبِل الكلام ووثق به فتمكن من قلبه). وفي [ق] "الإيمان: الثقة، وإظهار الخضوع، وقبول الشريعة "أي الإيمان بدين أو عقيدة (قبول العقيدة وتمكنها في القلب وامتلاؤه بها). ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ. .﴾ [البقرة: ٢٨٥]. قال أبو حيان: وهو (أي آمن) يتعدى بالباء، وباللام ﴿فَمَا آمَنَ لِمُوسَى﴾ [يونس: ٨٣] والتعدية باللام في ضمنها تعدٍّ بالباء [١/ ١٦٢ ﴿وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ٦١] أي يسمع من المؤمنين ويسلّم لهم ما يقولون، ويصدقهم لكونهم مؤمنين فهم صادقون [وتكملة ذلك في الكشاف ٢/ ٢٧٦]: عنده، فعُدِّي باللام. ألا ترى إلى قوله ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ﴾ [يوسف: ١٧]، ما أَنْباه (: ما أبعده) عن الباء ﴿أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ﴾ [الشعراء: ١١١]، ﴿آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ﴾ [طه: ٧١، الشعراء: ٤٩] اهـ[كشاف / الكتب العلمية]. وأقول إن خلاصة هذا: يسمع لهم سماع قبول: كمعنى (أَذِنَ). وهذا أقرب من تفسيره ﴿وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ بأنه يصدقهم إذا شهدوا يوم القيامة [ل أمن ١٦٤/ ١٠، ١٦٦/ ١٧].
وآمين -بالمد، وأمين- بالقصر معناها اللهم استجب (أي تقبل فهي من الأصل).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَينَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ﴾ [الأحزاب: ٧٢]، فُسِّرت بالفرائض، وبالنية، وبالطاعة [ل ١٦٣/ ٢٢] وبكلمة التوحيد، وبالعدالة، وبحروف التهجي، وبالعقل (الراغب ٢٥) وخلاصة ما أراه أخذًا من كلامهم ومن غيره أن الأمانة هنا هي التكليف والمسئولية عن التصرف. والتكليف تحميل في الذمة فهي من الأصل. وهذا يَجمعُ أوضحَ ما قالوه. والمسئولية عن التصرّف هي التي يتميز بها الإنسان وربما الجان أيضًا عن سائر المخلوقات. وهذا يتضح به تخصيص الإنسان في الآية الكريمة.
Comments
Post a Comment