0082 سورة المائدة آية 82
Verse (5:82) - English Translation
Welcome to the Quranic Arabic Corpus, an annotated linguistic resource for the Holy Quran. This page shows seven parallel translations in English for the 82nd verse of chapter 5 (sūrat l-māidah). Click on the Arabic text to below to see word by word details of the verse's morphology.
Chapter (5) sūrat l-māidah (The Table spread with Food)
Sahih International: You will surely find the most intense of the people in animosity toward the believers [to be] the Jews and those who associate others with Allah; and you will find the nearest of them in affection to the believers those who say, "We are Christians." That is because among them are priests and monks and because they are not arrogant.
Pickthall: Thou wilt find the most vehement of mankind in hostility to those who believe (to be) the Jews and the idolaters. And thou wilt find the nearest of them in affection to those who believe (to be) those who say: Lo! We are Christians. That is because there are among them priests and monks, and because they are not proud.
Yusuf Ali: Strongest among men in enmity to the believers wilt thou find the Jews and Pagans; and nearest among them in love to the believers wilt thou find those who say, "We are Christians": because amongst these are men devoted to learning and men who have renounced the world, and they are not arrogant.
Shakir: Certainly you will find the most violent of people in enmity for those who believe (to be) the Jews and those who are polytheists, and you will certainly find the nearest in friendship to those who believe (to be) those who say: We are Christians; this is because there are priests and monks among them and because they do not behave proudly.
Muhammad Sarwar: You find Jews and pagans among the worst of the enemies of the believers. (Of the non-believers) nearest to them (the believers) in affection you find those who say, "We are Christians," for among them are the priests and monks who are not proud.
Mohsin Khan: Verily, you will find the strongest among men in enmity to the believers (Muslims) the Jews and those who are Al-Mushrikun (see V.2:105), and you will find the nearest in love to the believers (Muslims) those who say: "We are Christians." That is because amongst them are priests and monks, and they are not proud.
Arberry: Thou wilt surely find the most hostile of men to the believers are the Jews and the idolaters; and thou wilt surely find the nearest of them in love to the believers are those who say 'We are Christians'; that, because some of them are priests and monks, and they wax not proud;
See Also
- Verse (5:82) Morphology - description of each Arabic word
- Dependency graph - syntactic analysis (i'rāb) for verse (5:82)
الإعراب الميسر — شركة الدار العربية
﴿ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى﴾: الواو عاطفة، والجملة معطوفة على ما تقدم، وجملة إنا نصارى في محل نصب مقول القول.
﴿ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا﴾: الجملة مستأنفة مبينة لا محل لها من الإعراب، واسم الإشارة مبتدأ، والباء حرف جر، وأن وما في حيزها في تأويل مصدر مجرور بالباء، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر ﴿ذلك﴾، ومنهم جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر أن المقدم، وقسيسين اسم أن، ورهبانًا عطف على قسيسين.
﴿وأنهم لا يستكبرون﴾: عطف على ﴿بأن منهم﴾، وجملة لا يستكبرون خبر أن.
إعراب القرآن للدعاس — قاسم - حميدان - دعاس
تحليل كلمات القرآن
• ﴿أَشَدَّ﴾ اسم، من مادّة (شدد)، مذكر، مفرد، منصوب.
• ﴿ٱل﴾، ﴿نَّاسِ﴾ اسم، من مادّة (أنس)، مذكر، جمع، مجرور.
• ﴿عَدَٰوَةً﴾ اسم، من مادّة (عدو)، مؤنث، نكرة، منصوب.
• ﴿لِّ﴾ حرف جر، ﴿لَّذِينَ﴾ اسم موصول، مذكر، جمع.
• ﴿ءَامَنُ﴾ فعل ماض مزيد الرباعي باب (أَفْعَلَ)، من مادّة (أمن)، غائب، مذكر، جمع، ﴿وا۟﴾ ضمير، غائب، مذكر، جمع.
• ﴿ٱلْ﴾، ﴿يَهُودَ﴾ علم، من مادّة (هود)، مذكر، جمع.
• ﴿وَ﴾ حرف عطف، ﴿ٱلَّذِينَ﴾ اسم موصول، مذكر، جمع.
• ﴿أَشْرَكُ﴾ فعل ماض مزيد الرباعي باب (أَفْعَلَ)، من مادّة (شرك)، غائب، مذكر، جمع، ﴿وا۟﴾ ضمير، غائب، مذكر، جمع.
• ﴿وَ﴾ حرف عطف، ﴿لَ﴾ لام التوكيد، ﴿تَجِدَ﴾ فعل مضارع من الثلاثي مجرد، من مادّة (وجد)، مخاطب، مذكر، مفرد، مرفوع، ﴿نَّ﴾ لام التوكيد.
• ﴿أَقْرَبَ﴾ اسم، من مادّة (قرب)، مذكر، مفرد، منصوب، ﴿هُم﴾ ضمير، غائب، مذكر، جمع.
• ﴿مَّوَدَّةً﴾ اسم، من مادّة (ودد)، مؤنث، نكرة، منصوب.
• ﴿لِّ﴾ حرف جر، ﴿لَّذِينَ﴾ اسم موصول، مذكر، جمع.
• ﴿ءَامَنُ﴾ فعل ماض مزيد الرباعي باب (أَفْعَلَ)، من مادّة (أمن)، غائب، مذكر، جمع، ﴿وا۟﴾ ضمير، غائب، مذكر، جمع.
• ﴿ٱلَّذِينَ﴾ اسم موصول، مذكر، جمع.
• ﴿قَالُ﴾ فعل ماض ثلاثي مجرد، من مادّة (قول)، غائب، مذكر، جمع، ﴿وٓا۟﴾ ضمير، غائب، مذكر، جمع.
• ﴿إِنَّ﴾ حرف نصب، ﴿ا﴾ ضمير، متكلم، جمع.
• ﴿نَصَٰرَىٰ﴾ علم، من مادّة (نصر)، جمع.
• ﴿ذَٰ﴾ اسم اشارة، مذكر، مفرد، ﴿لِ﴾ لام البعد، ﴿كَ﴾ حرف خطاب، مذكر.
• ﴿بِ﴾ حرف جر، ﴿أَنَّ﴾ حرف نصب.
• ﴿مِنْ﴾ حرف جر، ﴿هُمْ﴾ ضمير، غائب، مذكر، جمع.
• ﴿قِسِّيسِينَ﴾ اسم، من مادّة (قسس)، مذكر، جمع، منصوب.
• ﴿وَ﴾ حرف عطف، ﴿رُهْبَانًا﴾ اسم، من مادّة (رهب)، مذكر، جمع، نكرة، منصوب.
• ﴿وَ﴾ حرف عطف، ﴿أَنَّ﴾ حرف نصب، ﴿هُمْ﴾ ضمير، غائب، مذكر، جمع.
• ﴿لَا﴾ حرف نفي.
• ﴿يَسْتَكْبِرُ﴾ فعل مضارع من مزيد السداسي باب (اسْتَفْعَلَ)، من مادّة (كبر)، غائب، مذكر، جمع، مرفوع، ﴿ونَ﴾ ضمير، غائب، مذكر، جمع.
اللباب في علوم الكتاب — ابن عادل (٨٨٠ هـ)
وقال - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «ما خَلاَ يَهُودِيانِ بِمُسْلِمٍ إلاَّ هَمَّا بِقَتْلِهِ» ، وذكر تعالى أنَّ النَّصارى ألَيْنَ عِرِيكَة مِنَ اليهُودِ، وأقْرَبَ إلى المُسْلِمِين منهم، والمقصود من بَيَانِ هذا التَّفَاوُتِ تَخْفِيفُ أمْرِ اليَهُود على الرَّسُول - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - و «اللاَّمُ» في قوله: «لتَجدنَّ» هي لامُ القسم.
وقد تقدّم إعْرَابُ هذا في نحو قوله تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ الناس على حَيَاةٍ﴾ [البقرة: 96] ، فأغْنَى عن إعادته وقال ابنُ عطيَّة: «اللامُ للابْتداءِ» ، وليس بشيء، بل هي لامٌ يُتلَقَّى بها القسمُ، و «أشدَّ النَّاسِ» مفعولٌ أوَّل، و «عَدَاوَةً» نصب على التمييز، و «لِلَّذِينَ» متعلِّقٌ بها، قَوِيَتْ باللامِ؛ لمَّا كانت فَرْعاً في العمل على الفعل، ولا يَضُرُّ كونُها مؤنثةً بالتاء؛ لأنها مبنيةٌ عليها؛ فهي كقوله: [الطويل]
2031 - ... ... ... ... ... ... . وَرَهْبَةٌ ... عِقَابَكَ ... ... ... ... ... ... .
ويجوزَ أن يكون «لِلَّذِينَ» صفةً ل «عَدَاوَةً» فيتعلَّقَ بمحذوف، و «اليَهُودَ» مفعولٌ ثانٍ، وقال أبو البقاء: «ويجوزُ أن يكون» اليهُودَ «هو الأولَ، و» أشَدَّ «هو الثاني» وهذا هو الظاهرُ؛ إذ المقصودُ أنْ يخبرَ الله تعالى عن اليهودِ والمشركينَ بأنَّهم أشدُّ الناسِ عداوةً للمؤمنين، وعن النصارى بأنهم أقربُ الناس موَدَّةً لهم، وليس المرادُ أنْ يخبرَ عن أشدِّ الناسِ وأقْرَبِهِمْ بكَوْنِهِم من اليهودِ والنصارى، فإنْ قيل: متى استوَيَا تعْرِيفاً وتنْكيراً، وجبَ تقديمُ المفعولِ الأول وتأخيرُ الثاني؛ كما يجب في المبتدأ والخبرِ، وهذا من ذاك، فالجوابُ: أنه إنما يجب ذلك حيث ألْبَسَ، أما إذا دَلَّ دليلٌ على ذلك، جاز التقديمُ والتأخيرُ؛ ومنه قول: [الطويل]
2032 - بَنُونَا بَنُو أبْنَائِنَا، وبَنَاتُنَا ... بَنُوهُنَّ أبْنَاء الرِّجَالِ الأبَاعِدِ
ف «بَنُو أبْنَاء» هو المبتدأ، و «بَنُونَا» خبره؛ لأنَّ المعنى على تشبيهِ أولادِ الأبناء بالأبناء؛ ومثلُه قول الآخر: [البسيط] 2033 - قَبِيلَةٌ الأمُ الأحْيَاءِ أكْرَمُهَا ... وَأَغْدَرُ النَّاسِ بالجِيرَانِ وَافِيهَا
«أكْرمُهَا» هو المبتدأ و «الأمُ الأحْيَاءِ» خبرُه، وكذا «وَافِيهَا» مبتدأ و «أغْدَرُ النَّاس» خبره، والمعنى على هذا، والآيةُ من هذا القبيلِ فيما ذكرنا وقوله: «والذينَ أشْرَكُوا» عطفٌ على اليَهودِ، والكلامُ على الجملة الثانيةِ كالكلام على ما قبلها.
فصل
تَقْدِيرُ الكلام قَسَماً: إنَّكَ تَجِدُ اليَهُودَ والمُشْرِكينَ أشَدّ عَدَاوةً مع المُؤمنين، وقدْ شَرَحْتُ لك أنَّ هذا التَّمَرُّدَ والمَعْصِيَة عادةٌ قَدِيمَةٌ، ففرِّغْ خَاطِرَك عنهم، ولا تُبَالِ بمكْرِهِم وكيْدهِم.
وقوله تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الذين قالوا إِنَّا نصارى﴾ .
قال ابُن عباسٍ وسعيد بن جبير وعطاء والسُّدِّيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم - المُرادُ به: النَّجَاشِي وقومه الذين قَدِمُوا من الحَبَشَةِ، وآمَنُوا به، ولم يُرِدْ جَمِيعَ النَّصارى؛ لأنَّهُمْ في عَداوتِهِم للمُسْلِمين، كاليَهُودِ في قَتْلِهمْ المُسْلِمِين وأسْرِهِمْ، وتَخْريبِ بلادِهِمْ، وهَدْمِ مَسَاجِدِهِمْ، وإحْرَاقِ مَصَاحِفِهِمْ، ولا كَرَامَةَ لَهُمْ، بَل الآيَةُ فيمَنْ أسْلَمَ مِنْهُم.
وقال آخرون: مَذْهَبُ اليَهُود الفَاسِد، أنَّهُ يَجِبُ إيصَالُ الشّرِّ إلى من يُخَالِفُهُمْ في الدِّين بأيِّ طريقٍ كان، فإن قَدَرُوا على القَتْل فذلِكَ، وإلاَّ فنهب المالِ والسَّرِقَة، أو بِنَوْع من المَكْرِ والكَيْدِ والحِيلَةِ، وأمَّا النَّصَارى فليس مذهبهم ذلك، بل الإيذَاءُ في دينهم حَرَامٌ فهذا وَجْهُ التَّفاوُتِ، ثمَّ ذكر - سبحانه - سَبَبَ التَّفَاوُتِ، فقال ﴿اذلك بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً﴾ .
فإن قِيلَ: لِم أسند تسمية النَّصَارى إليهم، بقوله تعالى: ﴿الذين قالوا إِنَّا نصارى﴾ ؛ ولمَّا ذكر اليهود سمَّاهم بقوله تعالى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ الناس عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ اليهود﴾ ولم يُسْنِدِ التَّسْمِيّةَ إلَيْهم.
فالجوابُ: لأنَّ تسميتهم باليَهُود إن كانت لِكَوْنِهِمْ من أوْلادِ يَهُوذَا بْنِ يَعقُوبَ فَهِيَ تسْمِيَةٌ حَقِيقَةٌ أيضاً، وإن كانت من التَّحَرُّكِ في دِرَاسَتِهِمْ، فكذلك أيْضاً، والنَّصَارَى فَهُم الذين سَمُّوا أنفُسَهُمْ حين قال لهم عيسَى - عليه الصَّلاة والسَّلام -: ﴿مَنْ أنصاري إِلَى الله قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنصَارُ الله﴾ [الصف: 14] ، فلذلك أسْنَدَ التَّسْمِيَة إليْهِم، وإنْ كانوا إنَّمَا سُمُّوا نصارَى؛ لأنَّهُمْ كانوا يَسْكُنُون قَرْيَةً يقال لها: «نَاصِرَة» ، فكُلُّهُمْ لمْ يكُونُوا سَاكِنِين فيها، بَلْ بعضُهُم أوْ أكثرُهُمْ، فالحقيقة لم تُوجَدْ فيهم.
وقد تقدَّمَ الكلامُ في تَسْمِيَتهِم عند قوله تعالى: ﴿إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ﴾ [الآية: 62] في البقرة.
قوله تعالى: «ذَلِكَ بأنَّ» مبتدأ وخبرٌ، وتقدم تقريره، و «مِنْهُمْ» خبر «أنَّ» ، و «قِسِّيسِينَ» اسمها، وأن واسمُها وخبرها في محلِّ جرِّ بالباء، والباءُ ومجرورُها ههنا خبر «ذَلِكَ» ، والقِسِّيسِينَ جمع «قِسِّيس» على فَعِّيلٍ، وهو مثالُ مُبالغة ك «صدِّيقٍ» ، وقد تقدَّم، وهو هنا رئيسُ النصارى وعابدُهُمْ، وأصلُه من تَقَسَّس الشَّيْء، إذا تَتَّبَعَهُ وطلبَهُ باللَّيْلِ، يقال: «تَقَسَّسْتُ أصْواتَهُم» ، أي: تَتَبَّعْتهَا باللَّيْلِ، ويُقال لرئيس النصارى: قِسٌّ وقِسِّيسٌ، وللدليلِ بالليلِ: قَسْقَاسٌ وقَسْقَسٌ، قاله الراغب، وقال غيرُه: القَسُّ بفتح القاف تَتَبُّعُ الشيءِ، ومنه سُمِّيَ عالم النصارى؛ لتتبُّعِه العِلْمَ، قال رُؤبَةُ بْنُ العَجَّاجِ: [الرجز]
2034 - أصْبَحْنَ عَنْ قَسِّ الأذَى غَوَافِلاَ ... يَمْشِينَ هَوْناً خُرُداً بَهَالِلا
ويقال: قَسَّ الأثَرَ وقصَّهُ بالصَّاد أيضاً، ويقال: قَسٌّ وقِسٌّ بفتح القاف وكسرها، وقِسِّيس، وزعم ابن عطية أنه أعجميٌّ مُعَرَّبٌ، وقال الواحديُّ: «وقد تكلَّمتِ العربُ بالقسِّ والقِسِّيسِ» وأنشد المازنيُّ: [الرجز]
2035 - لَوْ عَرَفَتْ لأيْبُلِيِّ قَسِّ ... أشْعَثَ في هَيْكَلِهِ مُنْدَسِّ ... حَنَّ إليها كَحَنين الطَّسِّ ...
وأنشد لأميةَ بْنِ الصَّلْتِ: [البسيط]
2036 - لَوْ كانَ مُنْفَلِتٌ كَانَتْ قَسَاوِسَةٌ ... يُحْييهِمُ اللَّهُ فِي أيْديهِمُ الزُّبُرُ
هذا كلامُ أهل اللغة في القِسِّيسِ، ثم قال: «وقال عروةُ بْنُ الزُّبيرِ: ضَيَّعَتِ النصارى الإنجيلَ وما فيه، وبَقِيَ منهمْ رَجُلٌ يقالُ له قِسِّيسٌ» يعني: بقي على دينه لم يُبَدِّلْهُ، فمَنْ بَقِيَ على هديه ودينه ومذهبه، قيل له: «قِسِّيسٌ» ، وقال قطربٌ: القَسُّ والقِسِّيسُ: العَالِمُ بلغة الرُّوم؛ قال وَرَقَةُ: [الوافر]
2037 - أ - بِمَا خَبَّرْتَنا مِنْ قَوْلِ قَسٍّ ... مِنَ الرُّهْبَانِ أكْرَهُ أنْ يَبُوحَا
فعلى هذا: القَسُّ والقِسِّيسُ مما اتفق فيه اللغتان، قلتُ: وهذا يُقَوِّي قول ابن عطيَّة، ولم ينقلْ أهلُ اللغة في هذا اللفظ «القُسّ» بضم القاف، لا مصدراً ولا وصْفاً، فأما قُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ الإيَادِيُّ، فهو عَلَمٌ، فيجوز أن يكون مِمَّا غُيِّرَ بطريق العلمية، ويكون أصلُه «قَسٌّ» أو «قِسٌّ» بالفتح أو الكسر؛ كما نقله ابن عطية، وقُسُّ بْنُ ساعدَةَ كان أعلم أهْلِ زمانِهِ، وهو الذي قال فيه عليه السلام: «يُبْعَثُ أمَّةً وَحْدَهُ» ، وأمَّا جمعُ قِسِّيسٍ، فجمعُ تصحيحٍ؛ كما في الآية الكريمة، قال الفراء: «ولو جُمِعَ قَسُوساً» ، كان صواباً؛ لأنهما في معنًى واحدٍ «، يعني: قِسًّا» و «قِسِّيساً» ، قال: ويُجْمَعُ القِسِّيسُ على «قَسَاوِسَة» جمعوه على مثال المَهَالبَة، والأصلُ: قَسَاسِسَة، فكثُرت السِّينَاتِ فأُبْدِلت إحداهُنَّ واواً، وأنشدوا لأميَّة: [البسيط]
2037 - ب - لَوْ كَانَ مُنْفَلِتٌ كَانَتْ قَسَاوِسَةٌ..... ... ... ... ... ... ... ... . .
قال الواحديُّ: «والقُسوسَة مصدرُ القِسِّ والقِسِّيس» ، قلت: كأنه جعل هذا المصدر مشتقًّا من هذا الاسْمِ؛ كالأبُوَّة والأخُوَّة والفُتُوَّة من لفظ أبٍ وأخٍ وفَتًى، وتقدم أن القَسَّ بالفتحِ في الأصْل هو المصدرُ، وأنَّ العالِمَ سُمِّيَ به مبالغةً، قال شهاب الدين: ولا أدري ما حملَ مَنْ قال: إنه معرَّب مع وجودِ معناه في لغة العربِ كما تقدم؟ .
والرُّهْبَانُ: جمعُ رَاهِبٍ؛ كَرَاكِبٍ ورُكْبَانٍ، وفَارِسٍ وفُرْسانٍ، وقال أبو الهيثمِ: «إنَّ رُهْبَاناً يكُونُ واحِداً ويكون جَمْعاً» ؛ وأنشد على كونه مفرداً قول الشاعر: [الرجز]
2038 - لَوْ عَايَنَتْ رُهْبَانَ دَيْرٍ في القُلَلْ ... لأقْبَلَ الرُّهْبَانُ يَعْدُو ونَزَلْ
ولو كان جمعاً، لقال: «يَعْدُونَ» و «نَزَلُوا» بضمير الجمع، وهذا لا حُجَّة فيه؛ لأنه قد عاد ضميرُ المفْرَدِ على الجَمْعِ الصريحِ؛ لتأوُّله بواحدٍ؛ كقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنعام لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ﴾ [النحل: 66] ، فالهاء في «بُطُونِهِ» تعود على الأنعامِ؛ وقال: [الرجز]
2039 - وَطَابَ ألْبَانُ اللِّقَاحِ وَبَرَدْ ... في «بَرَدَ» ضميرٌ يعودُ على «ألْبَان» ، وقالوا: «هو أحْسَنُ الفِتْيَانِ وأجملُه» ؛ وقال الآخر: [الرجز]
2040 - لَوْ أنَّ قَوْمِي حِينَ أدْعُوهُمْ حَمَلْ ... على الجِبَالِ الشُّمِّ لانْهَدَّ الْجَبَلْ
إلى غير ذلك مِمَّا يطولُ ذكرُه، ومن مجيئه جمعاً الآيةُ، ولم يَرِدْ في القرآنِ الكريمِ إلا جَمْعاً؛ وقال كثيرٌ: [الكامل]
2041 - رُهْبَانُ مَدْيَنَ والَّذِينَ عَهِدتهُمْ ... يَبْكُونَ مِنْ حَذَرِ العِقَابِ قُعُودَا
لَوْ يَسْمَعُونَ كَمَا سَمِعْتُ كَلاَمَهَا ... خَرُّوا لِعَزَّةَ رُكَّعاً وَسُجُودَا
قيل: ولا حُجَّة فيه؛ لأنه قال: «والَّذِينَ» فيُحتمل أنَّ الضمير إنما جُمِعَ؛ لأجلِ هذا الجمعِ، لا لكونِ «رُهْبَانٍ» جمعاً، وأصرحُ من هذا قولُ جريرٍ: [الكامل]
2042 - رُهْبَانُ مَدْيَنَ لَوْ رَأوْكِ تَنَزَّلُوا ... والعُصْمُ مِنْ شَعَفِ العَقُولِ الفَادِرِ
قال أبو الهيثم: وإنْ جُمِعَ الرُّهْبَانُ الواحدُ «رَهابين ورَهَابَنَة» ، جاز، وإنْ قلت: رَهَبانِيُّونَ كان صواباً؛ كأنك تَنْسُبُه إلى الرَّهْبَانِيَّة، والرَّهْبَانِيَّةُ من الرَّهْبَةِ، وهي المخافةُ، وقال الراغب، «والرُّهْبَانُ يكون واحداً وجمعاً، فمنْ جعلهُ واحداً، جَمعه على رَهَابِينَ، ورهابِنَةُ بالجمع أليقُ» ، يعين: أن هذه الصيغةَ غَلَبَتْ في الجمع كالفَرَازِنَة والمَوَازِجَة والكَيَالِجَة، وقال الليث: «الرَّهْبَانِيَّةُ مصدرُ الراهبِ والتَّرَهُّب: التعبُّد في صَوْمَعَة» ، وهذا يُشْبِهُ الكلام المتقدِّم في أن القُسُوسَة مصدرٌ من القَسِّ والقسِّيس، ولا حاجةَ إلى هذا، بل الرَّهْبَانِيَّةُ مصدرٌ بنفسِها من الترهُّبِن وهو التعبُّد أو من الرَّهَبِ، وهو الخوفُ، ولذلك قال الراغب: «والرهبانيَّةُ غُلُوُّ مَنْ تحمَّلَ التعبُّدَ مِنْ فَرْطِ الرَّهْبة» ، وقد تقدَّم اشتقاقُ هذه المادة في قوله: ﴿وَإِيَّايَ فارهبون﴾ [البقرة: 40] .
وعِلَّةُ هذا التَّفَاوُتِ: أنَّ اليَهُودَ مخْصُوصُون بالحِرْصِ الشَّديد على الدُّنْيَا، قال: ﴿وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ الناس على حَيَاةٍ وَمِنَ الذين أَشْرَكُواْ﴾ [البقرة: 96] لِقُرْبِهِمْ في الحِرْصِ بالمُشرِكِين المنكِرينَ للمَعَادِ، والحِرْصُ مَعْدِنُ الأخلاقِ الذَّمِيمَةِ، لأن من كان حَرِيصاً على الدُّنيا طرح دينه في طَلَبِ الدُّنْيا، وأقدمَ على كل مَحْظُورٍ مُنْكَرٍ بسببِ طلبِ الدُّنْيَا، فلا جَرَم تشْتَدُّ عداوَتُهُ مع كُلِّ مَنْ نَالَ مَالاً وَجَاهاً، وأمَّا النَّصَارى، فإنَّهُمْ في أكْثَرِ الأمْرِ مُعْرِضُون عَنِ الدُّنْيَا، مُقْبِلُون على العِبَادَةِ، وتَرْكِ طلبِ الرِّياسة والتكبُّرِ والتَّرفُّعِ، وكُلُّ مَنْ كان كذلِكَ، فإنَّه لا يَحْسُدُ النَّاس ولا يُؤذِيهم، بل يكون ليِّن العَرِيكَة في طلبِ الحقِّ، سَهْل الانقِيَاد له، فَهَذَا هو الفَرْقُ بين هذيْنِ الفرِيقَيْن، وهو المرادُ بقوله تعالى: ﴿ذلك بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ .
وفيه دقِيقَةٌ نافِعَةٌ في طَلب الدِّينِ، وهو أنَّ كُفْرَ النَّصَارى أغْلَظ من كُفْرِ اليَهُود؛ لأنَّ النَّصَارى يُنَازِعُون في الإلهيَّات والنُّبُوَّاتِ، واليَهُودُ: لا ينازِعُون إلاَّ في النُّبُوَّاتِ، ولا شَكَّ أن الأوَّل أغْلَظَ؛ لأنَّ النَّصَارى مع غِلَظِ كُفْرِهم، لم يشْتَدَّ حِرْصُهُم على طلبِ الدُّنْيَا، بل كان في قَلْبِهِم شَيْءٌ من المَيْلِ إلى الآخِرَة، شَرَّفَهُم اللَّه بقوله تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الذين قالوا إِنَّا نصارى﴾ .
وأمَّا اليهودُ مع أنَّ كُفْرَهُم أخفُّ مِنْ كُفْرِ النَّصَارى، طردهم اللَّهُ وخصَّهُم بمزيدِ اللَّعْنَة، وما ذلِكَ إلاَّ بسببِ تَهَالُكِهِمْ على الدُّنيا، ويُؤيِّد ذلِكَ قولُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -:
«حُبُّ الدُّنيا رَأسُ كُلِّ خَطِيئةٍ» .
فإن قيل: كيف مدَحَهُم اللَّه تعالى بذلك، مع قوله تعالى: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابتدعوها﴾ [الحديد: 27] ، وقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ -: «لا رَهْبَانِيَّة في الإسلام» ؛ فالجواب: أنَّ ذَلِكَ صار مَمْدُوحاً في مُقابلةِ اليهُودِ في القَسَاوَةِ، والغِلْظَةِ، ولا يَلْزَمُ من هذا كونُهُ مَمْدُوحاً على الإطلاق.
قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ﴾ نسقٌ على «أنَّ» المجرورةِ بالباء، أي: ذلك بما تقدَّم، وبأنَّهم لا يستكبرون.
فصل
المراد بقوله تعالى: ﴿وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الذين قالوا إِنَّا نصارى﴾ يَعْنِي: وفْدَ النَّجَاشِي الذين قدمُوا مع جعفر، وهم السَّبْعُون، وكانوا أصْحاب الصَّوامعِ.
وقال مُقَاتِل والكَلْبِي: كَانُوا أرْبَعينَ رَجُلاً، اثنَانِ وثلاثُون من الحَبَشَةِ، وثمانِيَةٌ من الشَّام. وقال عطاء: كانوا ثَمَانِين رجُلاً، أرْبَعُون مِنْ أهْلِ نَجْرَان من بَنِي الحارثِ بن كَعْب، واثنان وثلاثُون من الحَبَشَةِ، وثمانِيَة رُومِيُّون مِنْ أهْلِ الشَّام.
وقال قتادة: نزلت في ناسٍ من أهْلِ الكتابِ، كانُوا على شَرِيعَةٍ من الحقِّ مِمَّا جَاءَ بِه عيسى - عليه السلام -، فلمَّا بُعِثَ محمَّدٌ - صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم - صَدَّقوه، وآمَنُوا به، فأثْنَى اللَّهُ عليهم بقوله: تعالى: ﴿ذلك بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً﴾ أي: عُلَمَاء.
قال قُطْرُب: القِسُّ والقِسِّيسُ: العَالِمُ بِلُغَةِ الرُّومِ.
قوله تعالى: «وإذَا سَمِعُوا» «إذَا» شرطيةٌ جوابُها «تَرَى» ، وهو العاملُ فيها، وهذه الجملةُ الشرطيةُ فيها وجهان:
أظهرهما: أنَّ محلَّها الرفعُ؛ نسقاً على خبر «أنَّهُم» الثانية، وهو «لا يَسْتَكْبِرُونَ» ، أي: ذلك بأنَّ منهم كذا، وأنهم غيرُ مستكْبرينَ، وأنهم إذا سمعُوا: فالواو عطفتْ مُفْرَداً على مثله.
والثاني: أنَّ الجملةَ استئنافية، أي: أنه تعالى أخْبَرَ عنهم بذلك، والضميرُ في «سَمِعُوا» ظاهرُه: أنْ يعود على النصارى المتقدِّمين؛ لعمومهم، وقيل: إنما يعودُ لبعضِهمْ، وهم مَنْ جاء من «الحبشةِ» إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
قال ابن عبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - في روايَةِ عطاء: يريد النَّجاشي وأصحابه، قرأ عليْهِمْ جَعفرُ بالحبَشَةِ «كهيعص» فأخَذَ النجاشِيُّ نَبْتَةً من الأرض، وقال: واللَّه ما زَادَ على ما قال في الإنْجِيلِ مِثْل هذه مثلاً، فما زالوا يَبْكُون، حتى فََرَغَ جَعْفَرُ من القراءة، واختارَه ابْنُ عَطِيَّة، قال: «لأنَّ كل النصارى ليسوا كذلك» .
و «مَا» في «مَا أنْزِلَ» تحتملُ الموصولةَ، والنكرةَ الموصوفة، وقوله تعالى: «تَرَى» بصَريَّةٌ، فيكون قوله ﴿تَفِيضُ مِنَ الدمع﴾ جملةً في محلِّ نصبٍ على الحالِ.
وقرئ شاذًّا: «تُرَى» بالبناء للمفعول، «أعْيُنُهُمْ» رفعاً، وأسند الفيض إلى الأعين؛ مبالغةً، وإن كان الفائضُ إنَّمَا هو دمعها لا هِيَ؛ كقول امرئِ القيسِ: [الطويل]
2043 - فَفَاضَتْ دُمُوعُ العيْنِ مِنِّي صَبَابَةً ... عَلَى النَّحْرِ حَتَّى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلِي
والمرادُ: المبالغةُ في وصفهم بالبكاءِ، أو يكونُ المعنى أنَّ أعينَهُمْ تمتلئُ حتى تفيضَ؛ لأنَّ الفيضَ ناشئٌ عن الامتلاءِ؛ كقوله: [الطويل]
2044 - قَوَارِصُ تَأتِينِي وَتَحْتَقِرُونَهَا ... وَقَدْ يَمْلأ المَاءُ الإنَاءَ فَيُفْعَمُ
وإلى هذين المعنَيَيْن نحا الزمخشريُّ؛ فإنه قال: «فإنْ قلت: ما معنى ﴿تَفِيضُ مِنَ الدمع﴾ ؟ قلتُ: معناه تَمْتَلِئُ من الدمْع حتَّى تفيضَ؛ لأنَّ الفيضَ أنْ يتملئَ الإناءُ حتَّى يَطْلُعَ ما فيه من جوانبه، فوضَعَ الفيضَ الذي هو من الامتلاءِ موضعَ الامتلاء، وهو من إقامةِ المسبَّب مُقام السَّبَب، أو قصدت المبالغةَ في وصفهم بالبكاء، فجعلْتَ أعينهم، كأنها تفيضُ بأنفسها، أي: تسيلُ من الدمعِ؛ من أجلِ البكاءِ، من قولك، دَمَعتْ عَيْنُهُ دَمْعاً» .
قوله تعالى «مِنَ الدَّمْعِ» فيه أربعةُ أوجه:
أحدها: أنه متعلِّقٌ ب «تَفِيضُ» ، ويكون معنى «مِن» ابتداء الغاية، والمعنى: تَفِيضُ من كثرة الدمع.
والثاني: أنه متعلِّقٌ بمحذوف؛ على أنه حالٌ من الفاعلِ في «تَفِيضُ» قالهما أبو البقاء، وقَدَّر الحالَ بقولك: «مَمْلُوءَةً من الدَّمْعِ» ، وفيه نظر؛ لأنه كونٌ مقيَّدٌ، ولا يجوزُ ذلك، فبقيَ أن يُقَدَّرَ كوناً مطلقاً، أي: تفيضُ كائنةً من الدمْعِ، وليس المعنى على ذلك، فالقولُ بالحاليةِ لا ينبغي، فإن قيل: هل يجوزُ عند الكوفيين أن يكون «مِنَ الدَّمْعِ» تمييزاً؛ لأنهم لا يَشْترطُونَ تنكيرَ التمييز، والأصل: تفيض دمعاً؛ كقولك: «تَفَقَّأ زَيْدٌ شَحْماً» ، فهو من المنتصب عن تمام الكلام؟ قيل: إن ذلك لا يجوزُ، لأنَّ التمييز، إذا كان منقولاً من الفاعلية، امتنع دخولُ «مِنْ» عليه، وإن كانت مقدَّرة معه، فلا يجوز: «تَفَقَّأ زَيْدٌ من شَحْمٍ» ، وهذا - كما رأيت - مجرورٌ ب «مِنْ» ؛ فامتنع أن يكون تمييزاً، إلا أن الزمخشريَّ في سورة براءة [الآية 92] جعله تمييزاً في قوله تعالى: ﴿تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع﴾ ، ولا بدَّ من نقلِ نصِّه لتعرفه؛ قال - رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى -: ﴿تَفِيضُ مِنَ الدمع﴾ كقولك: «تَفِيضُ دَمْعاً» ، وهو أبلغُ من قولِك: يفيضُ دَمْعُها؛ لأنَّ العينَ جُعِلَتْ كأنها دمعٌ فائضٌ، و «مِنْ» للبيان؛ كقولك: «أفديكَ مِنْ رَجُلٍ» ، ومحلُّ الجارِّ والمجرور النصبُ على التمييز «؛ وفيه ما قد عرفْتَه من المانِعَيْنِ، وهو كونُه معرفةً، وكونُه جُرَّ ب» مِنْ «وهو فاعلٌ في الأصْل، وسيأتي لهذا مزيدُ بيانٍ؛ فعلى هذا: تكونُ هذه الآية الكريمةُ كتلك عنده، وهو الوجهُ الثالث.
الرابع: أنَّ» مِنْ «بمعنى الباء، أي: تفيضُ بالدمْعِ، وكونُها بمعنى الباء رأيٌ ضعيفٌ، وجعلوا منه أيضاً قوله تعالى: ﴿يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ﴾ [الشورى: 45] أي: بِطَرْفٍ؛ كما أنَّ الباءَ تأتي بمعنى» مِنْ» ؛ كقوله: [الطويل]
2045 - شَرِبْنَ بِمَاءِ البَحْرِ ثُمَّ ترفَّعَتْ ... مَتَى لُجَجٍ خُضْرٍ لَهُنَّ نَئِيجُ
أي: مِنْ مَاء البَحْرِ.
قوله: ﴿مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق﴾ «مِنْ» الأولَى لابتداءِ الغاية، وهي متعلقةٌ ب «تَفِيضُ» ، والثانيةُ يُحْتملُ أن تكونَ لبيانِ الجنس، أي: بَيَّنَتْ جنس الموصولِ قبلَها، ويُحتملُ أن تكون للتبعيضِ، وقد أوضح الزمخشريُّ هذا غايةَ الإيضاح؛ قال - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «فإنْ قلتَ: أيُّ فَرْقٍ بين» مِنْ «و» مِنْ» في قوله: ﴿مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق﴾ ؟ قلتُ: الأولَى لابتداء الغاية؛ على أنَّ الدمع ابتدأ ونشأ من معرفة الحقِّ، وكان من أجله وبسببه، والثانيةُ: لبيان الموصول الذي هو «ما عَرَفُوا» ، وتحتمل معنى التبعيض؛ على أنهم عرفوا بعض الحقِّ، فأبكاهم وبلغ منهم، فكيف إذا عرفوه كلَّه، وقرَءُوا القرآن، وأحاطُوا بالسنة» . انتهى، ولم يتعرَّض لما يتعلَّق به الجارَّان، وهو يمكن أنْ يُؤخَذَ من قوةِ كلامه، ولْنَزِدْ ذلك إيضاحاً، و «مِن» الأولى متعلِّقةٌ بمحذوفٍ؛ على أنها حال من «الدَّمْع» ، أي: في حالِ كونه ناشئاَ ومبتدئاً من معرفةِ الحقِّ، وهو معنى قول الزمخشريِّ؛ على أنَّ الدمع ابتدأ ونشأ من معرفة الحقِّ، ولا يجوزُ أن يتعلَّق ب «تَفِيضُ» ؛ لئلا يلزم تعلُّقُ حرفَيْن مُتَّحِدَيْن لفظاً ومعنًى بعامل واحد؛ فإنَّ «مِنْ» في «مِنَ الدَّمْعِ» لابتداءِ الغاية؛ كما تقدَّم، اللهم إلا أن يُعتقد كونُ «مِنْ» في «مِنَ الدَّمْعِ» للبيانِ، أو بمعنى الباء، فقد يجوز ذلك، وليس معناه في الوضُوحِ كالأول، وأمَّا «مِنَ الحَقِّ» فعلى جعله أنها للبيان تتعلَّقُ بمحذوف، أي: أعْنِي من كذا، وعلى جعله أنَّها للتبعيض تتعلَّق ب «عَرَفُوا» ، وهو معنى قوله: «عَرَفُوا بَعْضَ الحقِّ» .
وقال أبو البقاء في «مِنَ الحَقِّ» : إنه حالٌ من العائد المحذوف على الموصولِ، أي: مِمَّا عرفوه كائناً من الحق، ويجوزُ أن تكون «مِنْ» في قوله تعالى: «مِمَّا عَرَفُوا» تعليليةً، أي: إنَّ فَيْضَ دمعهم بسبب عرفانِهِمُ الحقَّ؛ ويؤيِّدُه قول الزمخشري: «وكان من أجله وبسببه» ، فقد تحصل في «من» الأولى أربعةُ أوجه، وفي الثالثةِ ضعفٌ، أو منعٌ؛ كما تقدَّم، وفي «مِن» الثانية أربعةٌ أيضاً: وجهان بالنسبة إلى معناها: هل هي ابتدائية أو تعليليةٌ؟ ووجهان بالنسبة إلى ما تتعلًَّق به: هل هو «تَفِيضُ» ، أو محذوفٌ؛ على أنها حالٌ من الدمع، وفي الثالثة: خمسةٌ: اثنان بالنسبة إلى معناها: هل هي بيانيةٌ أو تبعيضيةٌ؟ وثلاثةٌ بالنسبة إلى متعلَّقها: هل هو محذوفٌ، وهو «أعْنِي» ، أو نفسُ «عَرَفُوا» ، أو هو حالٌ، فتتعلَّق بِمَحْذُوفٍ أيضاً؛ كما ذكره أبو البقاء.
وقوله تعالى: ﴿ترى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدمع مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق﴾ ، يَدُلُّ على أنَّ الإخلاصَ والمعرفةَ بالقَلْبِ مع القولِ تكُونُ إيماناً.
قوله تعالى: «يَقُولُون» الآية. فيه ثلاثةُ أوجهٍ:
أحدها: أنه مستأنفٌ، فلا محلَّ له، أخبر الله تعالى عنهم بهذه المقالةِ الحسنةِ.
الثاني: أنها حال من الضمير المجرور في «أعْيُنَهُمْ» ، وجاز مجيءُ الحال من المضاف إليه؛ لأنَّ المضافَ جزؤهُ؛ فهو كقوله تعالى: ﴿مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً﴾ [الحجر: 47] .
الثالث: أنه حالٌ من فاعل «عَرَفُوا» ، والعاملُ فيها «عَرَفُوا» ، قال أبو حيان لمَّا حكى كونه حالاً: «كذا قاله ابن عطية وأبو البقاء، ولم يُبَيِّنا ذا الحال، ولا العامل فيها» ، قال شهاب الدين: أمَّا أبو البقاء، فقد بَيَّنَ ذا الحال، فقال: «يَقُولُونَ» حالٌ من ضمير الفاعل في «عَرَفُوا» ، فقد صرَّح به، ومتى عُرِفَ ذو الحال، عُرِفَ العالمُ فيها؛ لأنَّ العامل في الحال هو العامل في صاحبها، فالظاهرُ: أنه اطَّلع على نسخةٍ مغلوطةٍ من إعراب أبي البقاءِ سَقَطَ منها ما ذكرته لك، ثم إنَّ أبا حيان ردَّ كونها حالاً من الضمير في «أعْيُنَهُمْ» ؛ بما معناه: أن الحالَ لا تَجيءُ من المضافِ إليه، وإن كان المضافُ جُزْأهُ، وجعله خطأ، وأحال بيانه على بعضِ مصنَّفاته، ورَدَّ كونها حالاً أيضاً من فاعل «عَرَفُوا» ؛ بأنه يلزمُ تقييدُ معرفتهم الحقَّ بهذه الحال، وهم قد عرفوا الحقَّ في هذه الحالِ وفي غيرِها، قال: «فالأوْلَى: أن يكون مستأنفاً» ، قال شهاب الدين: أمَّا ما جعله خطأ، فالكلام معه في هذه المسألة في موضوعٍ غَيْرِ هذا، وأمَّا قوله: «يَلْزَمُ التَّقييدُ» ، فالجوابُ: أنه إنما ذُكِرَتْ هذه الحالُ؛ لأنَّها أشرفُ أحوالهم، فَخَرَجَتْ مخرجَ المدحِ لهم، وقوله تعالى: «رَبَّنا آمَنَّا» في محلِّ نصب بالقول، وكذلك: «فاكْتُبْنَا» إلى قوله سبحانه: «الصَّالِحِينَ» .
فصل
المعنى: يَقُولُون ربَّنَا آمنَّا بما سَمِعْنَا وشَهِدْنَا بأنَّهُ حقٌّ، ﴿فاكتبنا مَعَ الشاهدين﴾ يريد: أمَّةَ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - لقوله - تعالى -: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى الناس﴾ [البقرة: 143] .
وقيل: كُلُّ مَنْ شَهِدَ من أنْبِيَائِك ومُؤمِنِي عِبَادك بأنَّكَ لا إله غَيْرك.
قوله تعالى: ﴿وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بالله وَمَا جَآءَنَا مِنَ الحق وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ القوم الصالحين﴾ : «مَا» استفهاميَّةٌ في محلِّ رفع بالابتداء، و «لَنَا» جارٌّ ومجرورٌ خبرهُ، تقديرُه: أيُّ شيءٍ اسْتَقَرَّ لنا، و «لا نُؤمِنُ» جملة حالية، وقد تقدَّم الكلام على نظير هذه الآية، وأنَّ بعضهم قال: إنها حالٌ لازمةٌ لا يتمُّ المعنى إلا بها؛ نحو:
﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التذكرة مُعْرِضِينَ﴾ [المدثر: 49] ، وتقدَّم ما قلتُه فيه، فأغْنَى ذلك عن إعادته، وقال أبو حيان هنا: «وهي المقصودُ وفي ذكرهَا فائدةُ الكلامِ؛ وذلك كما تقول:» جَاء زَيْدٌ رَاكِباً «لِمَنْ قال: هَلْ جَاءَ زَيْدٌ مَاشِياً أو رَاكِباً؟» .
فصل
قوله: «وَمَا جَاءَنَا» في محلِّ «مَا» وجهان:
أحدهما: أنه مجرور نسقاً على الجلالة، أي: بالله وبِمَا جَاءَنَا، وعلى هذا فقوله: «مِنَ الحَقِّ» فيه احتمالان:
أحدهما: أنه حالٌ من فاعل «جَاءَنَا» ، أي: جاء في حال كونه من جِنْسِ الحقِّ.
والاحتمال الآخر: أن تكونَ «مِنْ» لابتداء الغاية، والمرادُ بالحقِّ الباري تعالى، وتتعلَّقُ «مِنْ» حينئذ ب «جَاءَنَا» ؛ كقولك: «جَاءَنَا فلانٌ مِنْ عِنْدِ زَيْدٍ» .
والثاني: أنَّ محلَّه رفعٌ بالابتداء، والخبر قوله: «مِنَ الحَقِّ» ، والجملةُ في موضع الحال، كذا قاله أبو البقاء، ويصيرُ التقدير: وما لَنَا لا نُؤمِنُ بالله، والحالُ أنَّ الذي جاءنا كَائِنٌ من الحَقِّ، و «الحقُّ» يجوز أن يُرادَ به القرآنُ؛ فإنه حقٌّ في نفسه، ويجوزُ أن يُرادَ به الباري تعالى - كما تقدمَ - والعاملُ فيها الاستقرارُ الذي تَضَمَّنَهُ قولُه «لَنَا» .
قوله: «وَنَطْمَعُ» في هذه الجملة ستَّة أوجه:
أحدها: أنها منصوبة المحلِّ؛ نسقاً على المحكيِّ بالقول قبلها، أي: يقولُونَ كذا ويقولون نطمعُ وهو معنًى حسنٌ.
الثاني: أنها في محلِّ نصبٍ على الحال من الضمير المستتر في الجارِّ الواقعِ خبراً وهو «لَنَا» ؛ لأنه تضمَّنَ الاستقرارَ، فرفع الضمير وعملَ في الحال، وإلى هذا ذهب الزمخشري؛ فإنه قال: «والواوُ في» ونَطْمَعُ» واوُ الحال، فإن قلتَ: ما العاملُ في الحال الأولى والثانية؟ قلتُ: العاملُ في الأولى ما في اللام من معنى الفعلِ؛ كأنه قيل: أيُّ شيءٍ حَصَل لنا غَيْرَ مؤمِنينَ، وفي الثانية معنى هذا الفعل، ولكن مقيَّداً بالحال الأولى؛ لأنك لو أزَلْتَها، وقلت: «مَا لَنَا وَنَطْمَعُ» ، لم يكنْ كلاماً» . قال شهاب الدين: وفي هذا الكلام نظرٌ، وهو قولُه: «لأنَّكَ لَوْ أزَلْتَه ... إلى آخره» ؛ لأنَّا إذا أزَلْنَاها وأتَيْنَا ب «نَطْمَعُ» ، لم نأتِ بها مقترنةً بحرفِ العطف، بل مجرَّدة منه؛ لنحلَّها محلَّ الأولى؛ ألا ترى أنَّ النحويين إذا وضَعُوا المعطوفَ موضعَ المعطُوف عليه، وضعوه مجرَّداً من حرفِ العطف، ورأيتُ في بعض نسخ الكشَّافِ: «مَا لَنَا نَطْمَعُ» من غير واوٍ مقترنةٍ ب «نَطْمَعُ» ولكن أيضاً لا يَصِحُّ؛ لأنك لو قلت: «مَا لَنَا نَطْمَعُ» كان كلاماً؛ كقوله تعالى:
﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التذكرة مُعْرِضِينَ﴾ [المدثر: 49] ، ف «نَطْمَعُ» واقعٌ موقعَ مفردٍ هو حال، كما لو قلت: مَا لَكَ طَامِعاً، وما لَنَا طَامِعِين، وردَّ عليه أبو حيان هذا الوجه بشيئينِ: أحدهما: أن العامل لا يقتضي أكثر من حالٍ واحدة، إذا كان صاحبُه مفرداً دون بدل أو عطف، إلا أفعل التفضيل على الصَّحيح.
والثاني: أنه يلزم دخولُ الواو على مضارعٍ مُثْبَتٍ. وذلك لا يجُوز إلا بتأويل تقدير مبتدأ، أي: ونحْنُ نَطْمَعُ.
الثالث: أنها في محل نصبٍ على الحال من فاعل «نُؤمِنُ» ، فتكون الحالان متداخلَتَيْنِ، قال الزمخشريُّ: «ويجوز أن يكون» ونَطْمعُ «حالاً من» لا نُؤمِنُ «على معنى: أنهم أنْكَرُوا على أنفسهم؛ أنهم لا يوحِّدون الله، ويطمعُون مع ذلك أن يَصْحَبُوا الصالحين» ، وهذا فيه ما تقدَّم من دخول واو الحال على المضارع المثْبَت، وأبو البقاء لمَّا أجاز هذا الوجْهَ، قدَّر مبتدأ قبل «نَطْمَعُ» ، وجعل الجملةَ حالاً من فاعل «نُؤمِنُ» ؛ ليخلصَ من هذا الإشكال؛ فقال: ويجوزُ أن يكون التقديرُ: «ونَحْنُ نَطْمَعُ» ، فتكون الجملةُ حالاً من فاعل «لا نُؤمِنُ» .
الرابع: أنها معطوفةٌ على «لا نُؤمِنُ» ، فتكون في محلِّ نصبٍ على الحال من ذلك الضمير المستترِ في «لَنَا» ، والعاملُ فيها هو العاملُ في الحال قبلها.
فصل
فإن قيل: هذا هو الوجه الثاني المتقدِّم، وذكرت عن أبي حيان هناك؛ أنه منع مجيء الحالين لِذِي حالٍ واحدةٍ، وبأنه يلزمُ دخولُ الواو على المضارع، فما الفرقُ بين هذا وذاك؟ فالجوابُ: أنَّ الممنوع تعدُّدُ الحالِ دُونَ عاطف، وهذه الواوُ عاطفةٌ، وأنَّ المضارع إنما يمتنعُ دخولُ واوِ الحال عليه، وهذه عاطفةٌ لا واوُ حالٍ؛ فحَصَلَ الفرقُ بينهما من جهة الواو؛ حيثُ كانت في الوجه الثاني واوَ الحال، وفي هذا الوجه واو عطف، ولَمَّا حكى الزمخشريُّ هذا الوجه، أبدى له معنيين حسنين؛ فقال - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «وأن يكون معطوفاً على» لا نُؤمِنُ «على معنى: وما لنا نَجْمَعُ بَيْنَ التثْليثِ وبين الطَّمَع في صُحْبَةِ الصَّالحينَ، أو على معنى: ومَا لَنَا لا نَجْمَعُ بينهما بالدُّخُولِ في الإسلام؛ لأنَّ الكَافِرَ ما ينبغي له أن يطمعَ في صُحْبَة الصَّالحِينَ» .
الخامس: أنها جملة استئنافية، قال أبو حيان: الأحسنُ والأسهلُ: أن يكون استئناف إخبارٍ منهم؛ بأنهم طامعون في إنعام الله عليهم؛ بإدخالهم مع الصالحين، فالواوُ عطافةٌ هذه الجملة على جملة ﴿وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ﴾ ، قال شهاب الدين: وهذا المعنى هو ومعنى كونها معطوفةً على المَحْكيِّ بالقول قبلها - شيءٌ واحدٌ - فإن [فيه] الإخبار عنهُمْ بقولهم كَيْتَ وكَيْتَ.
السادس: أن يكون «وَنَطْمَعُ» معطوفاً على «نُؤمِنُ» ، أي: وما لنا لا نَطْمَعُ، قال أبو حيان هنا: «ويظهر لي وجهٌ غيرُ ما ذكرُوه، وهو أن يكون معطوفاً على» نُؤمِنُ «، التقديرُ: وما لَنَا لا نُؤمِنُ ولا نَطْمَعُ، فيكونُ في ذلك إنكارٌ لانتفاءِ إيمانهمْ وانتفاءِ طمعهِمْ مع قدرتهم على تحصيل الشيئين: الإيمان والطَّمع في الدخول مع الصالحين» ، قال شهاب الدين: قوله: «غَيْرُ ما ذَكَرُوهُ» ليس كما ذَكَرَهُ، بل ذكر أبو البقاء فقال: «ونَطْمَعُ» يجُوزُ أن يكون معطوفاً على «نُؤمِنُ» ، أي: «وما لَنَا لا نَطْمَعُ» ، فقد صرَّحَ بعطفه على الفعل المنفيِّ ب «لاَ» ، غايةُ ما في الباب أن الشيخَ زاده بَسْطاً.
والطَّمَعُ قال الراغب: «هو نزوعُ النَّفْسِ إلى الشَّيْءِ شَهْوَةً له» ، ثم قال: «ولَمَّا كَانَ أكْثَرُ الطَّمَعِ من جهةِ الهوى، قيل: الطَمَعُ طَبعٌ والطمعُ يدنِّسُ الإهَابَ» ، وقال أبو حيان: «الطمعُ قَرِيبٌ من الرَّجَاءِ يقال منه طَمِعَ يَطْمَعُ طَمعاً» ؛ قال تعالى: {خَوْفاً وَطَمَعاً} [السجدة: 16] وطماعةً وطماعيةً كالكراهِيَة؛ قال: [الطويل]
2046 - ... ... ... ... ... ... ... ..... طَمَاعِيَةً أنْ يَغْفِرَ الذَّنْبَ غَافِرُهْ
فالتشديدُ فيها خطأٌ، واسمُ الفاعِلِ منه طَمِعٌ ك «فَرِحٍ» و «أشرٍ» ، ولم يَحْكِ أبو حيان غيرَه، وحكى الراغب: طَمِعٌ وطَامِعٌ، وينبغي أن يكون ذلك باعتبارين؛ كقولهم «فَرِحٌ» لمن شأنه ذلك، و «فَارِحٌ» لمن تجدَّد له فَرَحٌ.
قوله: «أنْ يُدْخِلَنَا» ، أي: «في أنْ» فمحلُّها نصبٌ أو جرٌّ؛ على ما تقدَّم غير مرة. و «مَعَ» على بابها من المصاحبة، وقيل: هي بمعنى «في» ولا حاجة إليه؛ لاستقلال المعنى مع بقاءِ الكلمة على موضوعها.
فصل
قال المُفَسِّرُون -[رحمهم الله]- إنَّ اليَهُودَ عَيَّرُوهم، وقالُوا لَهُمْ: لِمَ آمَنْتُم؟ فأجابُوهُم بِهَذا.
والمراد: يدْخِلُنَا ربُّنَا مع القَوم الصَّالحِيِنَ جَنَّتَهُ، ودارَ رِضوانه قال - تعالى -: ﴿لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ﴾ [الحج: 59] ، إلا أنه حَسُنَ الحَذْف لِكَوْنه مَعْلُوماً.
قوله تعالى: ﴿فَأَثَابَهُمُ الله بِمَا قَالُواْ﴾ [المائدة: 85] .
وقرأ الحسن: «فآتاهُمُ اللَّهُ» : من آتاه كذا، أي: أعطاهُ، والقراءةُ الشهيرةُ أوْلَى؛ لأنَّ الإثابةَ فيها مَنْبَهَةٌ على أنَّ ذلك لأجْلِ عملٍ؛ بخلاف الإيتاء؛ فإنه يكونُ على عملٍ وعلى غيره، وقوله تعالى: «جَنَّاتٍ» مفعولٌ ثانٍ ل «أثَابَهُمْ» ، أو ل «آتاهُمْ» على حسب القراءتَيْنِ. و ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار﴾ في محلِّ نصبٍ صفةً ل «جَنَّاتٍ» . و «خَالِدِينَ» حالٌ مقدرةٌ.
فإن قيل: ظَاهِرُ الآيَةِ يَدُلُّ على أنَّهُم إنَّما اسْتَحَقُّوا ذلك الثَّوابَ بمُجَرَّدِ القوْلِ؛ لأنَّهُ - تعالى - قال: ﴿فَأَثَابَهُمُ الله بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ﴾ ، وذَلِكَ غير مُمْكِن؛ لأنَّ مُجَرَّدَ القَوْلِ لا يُفيدُ الثَّوَابَ.
فالجوابُ مِنْ وجهين:
الأوَّلُ: أنَّهُ قد سَبَقَ من وَصْفِهِم مَا يدلُّ على إخلاصِهِمْ فيما قالوا وهُو المعرفَةُ، وذلك قوله - تعالى -: ﴿مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق﴾ ، وكُلَّما حصلتِ المعْرِفَةُ والإخْلاصُ وكمَال الانْقِيَادِ، ثُمَّ انْضَافَ إليْه القَوْلُ، لا جَرَمَ كمل الإيمان.
الثاني: روى عطاءُ عن ابْن عبَّاس - رضي الله تعالى عنهما - أنَّه قال: قوله - تعالى -: «بِمَا قَالُوا» يُرِيدُ بما سَألُوا، يعني قولهُمْ: «فاكتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِين» .
فصل
دَلَّتِ الآيَةُ على أنَّ المُؤمِنَ الفَاسِقَ لا يُخَلَّدُ في النَّارِ من وجْهَيْن:
أحدهما: أنَّهُ - تعالى - قال: ﴿وذلك جَزَآءُ المحسنين﴾ ، وهذا الإحْسَانُ لا بُدَّ وأنْ يكُونَ هُوَ الذي تقدَّم ذِكْرُه من المَعْرِفَةِ، وهُوَ قوله - تعالى -: ﴿مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحق﴾ ، ومِنَ الإقْرَارِ به، وهو قولُهُ - تعالى -: ﴿فَأَثَابَهُمُ الله بِمَا قَالُواْ﴾ ، وإذا كَانَ كَذَلِك فإمَّا أنْ يُقال: إنَّ هذه الآيَةُ دالَّةٌ على أنَّ المعرفة، وهُوَ إقرارٌ يوجِبُ هذا الثَّواب، فإمَّا أنْ يُنقل من الجَنَّةِ إلى النَّارِ، وهذا بَاطِلٌ بالإجْمَاع، أو يُقَال: يُعاقَبُ على ذَنْبِهِ، ثمَّ يُنْقَلُ إلى الجَنَّةِ، وهُوَ المَطْلُوب.
الثاني: أنَّهُ - تعالى - قال: ﴿والذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجحيم﴾ ، فقولُهُ تعالى: ﴿أولئك أَصْحَابُ الجحيم﴾ يُفِيدُ الحصر، أي: أولَئِكَ أصْحَابُ الجحيمِ لا غَيْرهِم، والمُصَاحِبُ للشَّيءِ المُلازِم له الذي لا يَنْفَكُّ عَنْهُ، وهذا يقتضي تَخْصِيصُ الكُفَّارِ بالدَّوَام.
قوله تعالى: «وذَلِكَ جَزَاءُ» مبتدأ وخبرٌ، وأُشِيرَ ب «ذَلِكَ» إلى الثواب أو الإيتاء، و «المُحْسنين» يُحتمل أن يكون من باب إقامةِ الظاهرِ مُقامَ المضمرِ، والأصل: «وذَلِكَ جَزَاؤهُمْ» ، وإنما ذُكِر وصفُهم الشريفُ مَنْبَهَةً على أن هذه الخَصْلَةَ محصِّلة جزائِهِمْ بالخَيْرِ، ويُحْتَمَلُ أن يرادَ كلُّ مُحْسِنٍ، فيندرجُون اندراجاً أوليًّا.
والمُرَادُ بالمُحْسِنينَ: المُوَحِّدين المُؤمِنِين.
15312 | لَتَجِدَنَّ | لتلقَيَنَّ، أو لتَعْلمَنَّ | المزيد |
15313 | أَشَدَّ | أَقْوَى وأعظم | المزيد |
15314 | النَّاسِ | اسْمٌ لِلْجَمْعِ مِنْ بَنِي آدَمَ، واحِدُهُ إنْسانٌ عَلى غَيْرِ لَفْظِهِ | المزيد |
15315 | عَدَاوَةً | بُغْضًا وكراهية | المزيد |
15316 | لِّلَّذِينَ | الَّذِينَ: اسْمٌ مَوْصولٌ لِجَماعَةِ الذُّكورِ | المزيد |
15317 | آمَنُواْ | أقرّوا بِوَحدانِيَّةِ اللهِ وبِصِدْقِ رُسُلِهِ وانقادوا للهِ بالطّاعةِ وللرَّسولِ بالاتّباعِ | المزيد |
15318 | الْيَهُودَ | بنُو إسرائيل، نُسِبُوا إلى يهُوذا أحد أبناء يَعْقُوب، ومفرده يَهُودِيّ | المزيد |
15319 | وَالَّذِينَ | الَّذِينَ: اسْمٌ مَوْصولٌ لِجَماعَةِ الذُّكورِ | المزيد |
15320 | أَشْرَكُواْ | أَشْرَكُواْ بِاللهِ: جَعَلُواْ غَيْرَهُ شَريكاً لَهُ فِي مُلْكِهِ | المزيد |
15321 | وَلَتَجِدَنَّ | ولتلقَيَنَّ، أو لتَعْلمَنَّ | المزيد |
15322 | أَقْرَبَهُمْ | أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً: أَقْرَبَهُمْ مَحَبَّةً | المزيد |
15323 | مَّوَدَّةً | راجِعْ التَفْسيرَ في السَّطْرِ السَّابِقِ | المزيد |
15324 | لِّلَّذِينَ | الَّذِينَ: اسْمٌ مَوْصولٌ لِجَماعَةِ الذُّكورِ | المزيد |
15325 | آمَنُواْ | أقرّوا بِوَحدانِيَّةِ اللهِ وبِصِدْقِ رُسُلِهِ وانقادوا للهِ بالطّاعةِ وللرَّسولِ بالاتّباعِ | المزيد |
15326 | الَّذِينَ | اسْمٌ مَوْصولٌ لِجَماعَةِ الذُّكورِ | المزيد |
15327 | قَالُوَاْ | تَكَلَّمُوا | المزيد |
15328 | إِنَّا | إِنَّ: حَرْفُ تَوْكيدٍ ونَصْبٍ يُفيدُ تأكيدَ مَضْمونِ الجُملَةِ | المزيد |
15329 | نَصَارَى | النَّصَارَى: أتباع المسيح عليه الصلاة والسلام، سُمّوا كذلك نسبة إلى الناصِرَة: بلدة في فلسطين يُنْسَب إليها المسيح، أو لأنَّهُم نَصَروا المسيح | المزيد |
15330 | ذَلِكَ | اسْمُ إشارَةٍ لِلْمُفْرَدِ المُذَكَّرِ البَعيدِ يُخاطَبُ بِهِ المُفْرَدُ | المزيد |
15331 | بِأَنَّ | حَرْفُ تَوْكيدٍ ونَصْبٍ يُفيدُ تأكيدَ مَضْمونِ الجُملَةِ | المزيد |
15332 | مِنْهُمْ | مِنْ: حَرْفُ جَرٍّ للدَّلالَةِ عَلى أخْذِ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ بِمَعْنَى ( بَعْض ) | المزيد |
15333 | قِسِّيسِينَ | جمعُ قِسِّيس: أحَدُ ألقاب رُؤَساء النصارى | المزيد |
15334 | وَرُهْبَاناً | رُهْبانًا: جمع راهب: المتعبد في صومعته من النصارى، المتخلي عن المتع والناس | المزيد |
15335 | وَأَنَّهُمْ | حَرْفُ تَوْكيدٍ ونَصْبٍ يُفيدُ تأكيدَ مَضْمونِ الجُملَةِ | المزيد |
15336 | لاَ | نافِيَةٌ غَيْرُ عامِلَةٍ | المزيد |
15337 | يَسْتَكْبِرُونَ | لا يستكبرون: متواضعون لا يستكبرون عن قَبول الحق | المزيد |
نهاية آية رقم {82} |
(5:82:1) latajidanna Surely you will find | EMPH – emphatic prefix lām V – 2nd person masculine singular imperfect verb EMPH – emphatic suffix nūn اللام لام التوكيد فعل مضارع والنون للتوكيد | |
(5:82:2) ashadda strongest | N – accusative masculine singular noun اسم منصوب | |
(5:82:3) l-nāsi (of) the people | N – genitive masculine plural noun اسم مجرور | |
(5:82:4) ʿadāwatan (in) enmity | N – accusative feminine indefinite noun اسم منصوب | |
(5:82:5) lilladhīna to those who | P – prefixed preposition lām REL – masculine plural relative pronoun جار ومجرور | |
(5:82:6) āmanū believe, | V – 3rd person masculine plural (form IV) perfect verb PRON – subject pronoun فعل ماض والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل | |
(5:82:7) l-yahūda the Jews | PN – accusative masculine plural proper noun → Judaism اسم علم منصوب | |
(5:82:8) wa-alladhīna and those who | CONJ – prefixed conjunction wa (and) REL – masculine plural relative pronoun الواو عاطفة اسم موصول | |
(5:82:9) ashrakū (are) polytheists; | V – 3rd person masculine plural (form IV) perfect verb PRON – subject pronoun فعل ماض والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل | |
(5:82:10) walatajidanna and surely you will find | CONJ – prefixed conjunction wa (and) EMPH – emphatic prefix lām V – 2nd person masculine singular imperfect verb EMPH – emphatic suffix nūn الواو عاطفة اللام لام التوكيد فعل مضارع والنون للتوكيد | |
(5:82:11) aqrabahum nearest of them | N – accusative masculine singular noun PRON – 3rd person masculine plural possessive pronoun اسم منصوب و«هم» ضمير متصل في محل جر بالاضافة | |
(5:82:12) mawaddatan (in) affection | N – accusative feminine indefinite noun اسم منصوب | |
(5:82:13) lilladhīna to those who | P – prefixed preposition lām REL – masculine plural relative pronoun جار ومجرور | |
(5:82:14) āmanū believe, | V – 3rd person masculine plural (form IV) perfect verb PRON – subject pronoun فعل ماض والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل | |
(5:82:15) alladhīna those who | REL – masculine plural relative pronoun اسم موصول | |
(5:82:16) qālū say, | V – 3rd person masculine plural perfect verb PRON – subject pronoun فعل ماض والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل | |
(5:82:17) innā "We | ACC – accusative particle PRON – 1st person plural object pronoun حرف نصب و«نا» ضمير متصل في محل نصب اسم «ان» | |
(5:82:18) naṣārā (are) Christians." | PN – nominative plural proper noun → Christianity اسم علم مرفوع | |
(5:82:19) dhālika That (is) | DEM – masculine singular demonstrative pronoun اسم اشارة | |
(5:82:20) bi-anna because | P – prefixed preposition bi ACC – accusative particle حرف جر حرف نصب من اخوات «ان» | |
(5:82:21) min'hum among them | P – preposition PRON – 3rd person masculine plural object pronoun جار ومجرور | |
(5:82:22) qissīsīna (are) priests | N – accusative masculine plural noun اسم منصوب | |
(5:82:23) waruh'bānan and monks, | CONJ – prefixed conjunction wa (and) N – accusative masculine plural indefinite noun الواو عاطفة اسم منصوب | |
(5:82:24) wa-annahum and that they | CONJ – prefixed conjunction wa (and) ACC – accusative particle PRON – 3rd person masculine plural object pronoun الواو عاطفة حرف نصب من اخوات «ان» و«هم» ضمير متصل في محل نصب اسم «ان» | |
(5:82:25) lā (are) not | NEG – negative particle حرف نفي | |
(5:82:26) yastakbirūna arrogant. | V – 3rd person masculine plural (form X) imperfect verb PRON – subject pronoun فعل مضارع والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل |
- PERBINCANGAN ZAHIR PERKATAAN ""
- Di sini Allah Taala menyebut perkataan "".
- Perkataan "" ini susunannya di dalam Al Quran berada pada susunan yang ke ?? dan susunannya di dalam ayat ini berada pada susunan yang ke ??.
- Perkataan "" ini bermaksud
- as
- potongan ayat ini terdiri daripada ??? perkataan dan ??? huruf iaitu perkataan dan perkataan dan perkataan .
- as
- 0001 سورة الفاتحة 👍👍
- 0002 سورة البقرة 👍
- 0003 سورة آل عمران 👍
- 0004 سورة النساء 👍
- 0005 سورة المائدة 👍
- 0006 سورة الأنعام 👍
- 0007 سورة الأعراف 👍
- 0008 سورة الأنفال 👍
- 0009 سورة التوبة 👍
- 0010 سورة يونس 👍
- 0011 سورة هود 👍
- 0012 سورة يوسف 👍
- 0013 سورة الرعد 👍
- 0014 سورة إبراهيم 👍
- 0015 سورة الحجر 👍
- 0016 سورة النحل 👍
- 0017 سورة الإسراء 👍
- 0018 سورة الكهف 👍
- 0019 سورة مريم 👍
- 0020 سورة طه 👍
- 0021 سورة الأنبياء 👍
- 0022 سورة الحج 👍
- 0023 سورة المؤمنون 👍
- 0024 سورة النور 👍
- 0025 سورة الفرقان 👍
- 0026 سورة الشعراء 👍
- 0027 سورة النمل 👍
- 0028 سورة القصص 👍
- 0029 سورة العنكبوت 👍
- 0030 سورة الروم 👍
- 0031 سورة لقمان 👍
- 0032 سورة السجدة 👍
- 0033 سورة الأحزاب 👍
- 0034 سورة سبإ 👍
- 0035 سورة فاطر 👍
- 0036 سورة يس 👍
- 0037 سورة الصافات 👍
- 0038 سورة ص 👍
- 0039 سورة الزمر 👍
- 0040 سورة غافر 👍
- 0041 سورة فصلت 👍
- 0042 سورة الشورى 👍
- 0043 سورة الزخرف 👍
- 0044 سورة الدخان 👍
- 0045 سورة الجاثية 👍
- 0046 سورة الأحقاف 👍
- 0047 سورة محمد 👍
- 0048 سورة الفتح 👍
- 0049 سورة الحجرات 👍
- 0050 سورة ق 👍
- 0051 سورة الذاريات 👍
- 0052 سورة الطور 👍
- 0053 سورة النجم 👍
- 0054 سورة القمر 👍
- 0055 سورة الرحمن 👍
- 0056 سورة الواقعة 👍
- 0057 سورة الحديد 👍
- 0058 سورة المجادلة 👍
- 0059 سورة الحشر 👍
- 0060 سورة الممتحنة 👍
- 0061 سورة الصف 👍
- 0062 سورة الجمعة 👍
- 0063 سورة المنافقون 👍
- 0064 سورة التغابن 👍
- 0065 سورة الطلاق 👍
- 0066 سورة التحريم 👍
- 0067 سورة الملك 👍
- 0068 سورة القلم 👍
- 0069 سورة الحاقة 👍
- 0070 سورة المعارج 👍
- 0071 سورة نوح 👍
- 0072 سورة الجن 👍
- 0073 سورة المزمل 👍
- 0074 سورة المدثر 👍
- 0075 سورة القيامة 👍
- 0076 سورة الإنسان 👍
- 0077 سورة المرسلات 👍
- 0078 سورة النبإ 👍
- 0079 سورة النازعات 👍
- 0080 سورة عبس 👍
- 0081 سورة التكوير 👍
- 0082 سورة الإنفطار 👍
- 0083 سورة المطففين 👍
- 0084 سورة الإنشقاق 👍
- 0085 سورة البروج 👍
- 0086 سورة الطارق 👍
- 0087 سورة الأعلى 👍
- 0088 سورة الغاشية 👍
- 0089 سورة الفجر 👍
- 0090 سورة البلد 👍
- 0091 سورة الشمس 👍
- 0092 سورة الليل 👍
- 0093 سورة الضحى 👍
- 0094 سورة الشرح 👍
- 0095 سورة التين 👍
- 0096 سورة العلق 👍
- 0097 سورة القدر 👍
- 0098 سورة البينة 👍
- 0099 سورة الزلزلة 👍
- 0100 سورة العاديات 👍
- 0101 سورة القارعة 👍
- 0102 سورة التكاثر 👍
- 0103 سورة العصر 👍
- 0104 سورة الهمزة 👍
- 0105 سورة الفيل 👍
- 0106 سورة قريش 👍
- 0107 سورة الماعون 👍
- 0108 سورة الكوثر 👍
- 0109 سورة الكافرون 👍
- 0110 سورة النصر 👍
- 0111 سورة المسد 👍
- 0112 سورة الإخلاص 👍
- 0113 سورة الفلق 👍
- 0114 سورة الناس 👍
Comments
Post a Comment