0010 سورة الرعد آية 10
Verse (13:10) - English Translation
Welcome to the Quranic Arabic Corpus, an annotated linguistic resource for the Holy Quran. This page shows seven parallel translations in English for the tenth verse of chapter 13 (sūrat l-raʿd). Click on the Arabic text to below to see word by word details of the verse's morphology.
Chapter (13) sūrat l-raʿd (The Thunder)
Sahih International: It is the same [to Him] concerning you whether one conceals [his] speech or one publicizes it and whether one is hidden by night or conspicuous [among others] by day.
Pickthall: Alike of you is he who hideth the saying and he who noiseth it abroad, he who lurketh in the night and he who goeth freely in the daytime.
Yusuf Ali: It is the same (to Him) whether any of you conceal his speech or declare it openly; whether he lie hid by night or walk forth freely by day.
Shakir: Alike (to Him) among you is he who conceals (his) words and he who speaks them openly, and he who hides himself by night and (who) goes forth by day.
Muhammad Sarwar: It is all the same to Him whether you speak in secret or out loud, try to hide in the darkness of night or walk in the brightness of day.
Mohsin Khan: It is the same (to Him) whether any of you conceal his speech or declare it openly, whether he be hid by night or go forth freely by day.
Arberry: Alike of you is he who conceals his -- saying, and he who proclaims it, he who hides himself in the night, and he who sallies by day;
See Also
- Verse (13:10) Morphology - description of each Arabic word
الإعراب الميسر — شركة الدار العربية
﴿ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار﴾: ﴿ومَن﴾ عطف على ﴿مَن﴾ السابقة، و﴿هو﴾ مبتدأ، ومستخف خبر، والجملة الاسمية صلة ﴿مَن﴾ لا محل لها من الإعراب، و﴿بالليل﴾ جار ومجرور متعلقان بـ﴿مستخف﴾، وسارب عطف على مستخف، و﴿بالنهار﴾ جار ومجرور متعلقان بـ﴿سارب﴾.
إعراب القرآن للدعاس — قاسم - حميدان - دعاس
تحليل كلمات القرآن
• ﴿مِّن﴾ حرف جر، ﴿كُم﴾ ضمير، مخاطب، مذكر، جمع.
• ﴿مَّنْ﴾ اسم موصول.
• ﴿أَسَرَّ﴾ فعل ماض مزيد الرباعي باب (أَفْعَلَ)، من مادّة (سرر)، غائب، مذكر، مفرد.
• ﴿ٱلْ﴾، ﴿قَوْلَ﴾ مصدر الثلاثي مجرد، من مادّة (قول)، مذكر، منصوب.
• ﴿وَ﴾ حرف عطف، ﴿مَن﴾ اسم موصول.
• ﴿جَهَرَ﴾ فعل ماض ثلاثي مجرد، من مادّة (جهر)، غائب، مذكر، مفرد.
• ﴿بِ﴾ حرف جر، ﴿هِۦ﴾ ضمير، غائب، مذكر، مفرد.
• ﴿وَ﴾ حرف عطف، ﴿مَنْ﴾ اسم موصول.
• ﴿هُوَ﴾ ضمير، غائب، مذكر، مفرد.
• ﴿مُسْتَخْفٍۭ﴾ اسم فاعل مزيد السداسي باب (اسْتَفْعَلَ)، من مادّة (خفي)، مذكر، نكرة، مجرور.
• ﴿بِ﴾ حرف جر، ﴿ٱلَّ﴾، ﴿يْلِ﴾ اسم، من مادّة (ليل)، مذكر، مجرور.
• ﴿وَ﴾ حرف عطف، ﴿سَارِبٌۢ﴾ اسم فاعل الثلاثي مجرد، من مادّة (سرب)، مذكر، نكرة، مرفوع.
• ﴿بِ﴾ حرف جر، ﴿ٱل﴾، ﴿نَّهَارِ﴾ اسم، من مادّة (نهر)، مذكر، مجرور.
اللباب في علوم الكتاب — ابن عادل (٨٨٠ هـ)
أحدها: أنَّ الكفار لما طلبوا آيات أخر غير ما أتى به الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ بين أنَّه تعالى عالم بجميع المعلومات، فلو علم من حالهم أنهم إنما طلبوا الآية الآخرى للاسترشاد، وطلب البيان أظهرها، وما منعها، لكنه تعالى عالم أنهم لم يقولوا ذلك إلا لمحض العناد؛ فلذلك منعهم، ونظيره قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الغيب للَّهِ﴾ [يونس: 20] ، وقوله: ﴿إِنَّمَا الآيات عِندَ الله﴾ [العنكبوت: 50] .
وثانيها: أنه تعالى لما قال: ﴿وَإِن تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ﴾ [الرعد: 5] في إنكار البعث بسبب أنَّ أجزاء أبدان الحيوانات تتفرَّق، وتختلط بعضها ببعض، ولا يتميَّز، فبين الله تعالى أنه إنما لم يتميز في حق من لا يكون عالماً بجميع المعلومات فأمّضا من: ﴿يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أنثى وَمَا تَغِيضُ الأرحام وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ كيف لا يميزها؟ .
وثالثها: أنَّه متصلٌ بقوله: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالسيئة قَبْلَ الحسنة﴾ [الرعد: 6] .
والمعنى: أنه تعالى عالم بجميع المعلومات، فهو إنَّما ينزل العذاب بحسب ما يعلم كونه مصلحة فيه.
قوله: ﴿الله يَعْلَمُ﴾ يجوز في الجلالة وجهان:
أحدهما: أنَّها خبر مبتدأ مضمر، أي: هو الله، وهذا على قول من فسَّر «هادٍ» بأنه هو الله [تعالى، فكان هذه الجملة تفسير له، وهذا [ما] عنى الزمخشري بقوله: وأن يكون المعنى: هو الله] تفسيراً ل «هادٍ» على الوجه الأخير، ثم ابتدأ فقال: «يَعْلمُ» .
والثاني: أنَّ الجلالة مبتدأ «ويَعْلمُ» خبرها، وهو كلامٌ مستأنفٌ مستقلٌّ.
قال أبو حيَّان، «و» يَعْلمُ «هاهنا متعدية إلى واحدٍ؛ لأنَّه لا يراد هنا النسبة إنَّما المراد تعلق العلم بالمفردات» .
قال شهاب الدين رَحِمَهُ اللَّهُ: «وإذا كانت كذلك، كانت غير فائتة» وقد تقدَّم أنه لا ينبغي أنه يجوز نسبة هذا إلى الله عزَّ وجلَّ وتقدم تحقيقه في الأنفال فالتفت إليه.
قوله: «مَا تَحْمِلُ» «مَا» تحتمل ثلاثة أوجهٍ:
أحدها: أن تكون موصولة أسمية، والعائد محذوف، أي: ما تحمله.
والثاني: أن تكون مصدرية، فلا عائد.
والثالث: أن تكون استفهامية، وفي محلها وجهان:
أحدهما: أنها في محلِّ رفع بالابتداء، و «تَحْمِلُ» خبره، والجملة معلقة للعلم.
والثاني: أنها في محلِّ نصب ب «تَحْمِلُ» قاله أبو البقاء.
وهو أولى؛ لأنَّه لا يحتاج إلى حذف عائد لا سيَّما عند البصريين؛ فإنهم لا يجيزون زيداً ضَرَبتُ.
ولم يذكر أبو حيان غير هذا، ولم يتعرض لهذا الاعتراض.
و «مَا» في قوله: ﴿وَمَا تَغِيضُ الأرحام وَمَا تَزْدَادُ﴾ محتملة للأوجه المتقدِّمة و «غاض، وزاد» سمع تعدِّيهما، ولزومهما، ولك أن تدَّعي حذف العائد على القول بتعديهما، وأن تجعلهما مصدريّة عل القول بمصدريتها.
فصل
إذا كانت «مَا» موصولة فالمعنى: أنه تعالى يعلم ما تحمل كل أنثى من الولد أهو ذكرٌ، أم أثنى، أم ناقصٌ، وحسنٌ، أم قبيحٌ، وطويلٌ، أم قصيرٌ أو غير ذلك من الأحوال.
وقوله سبحانه: ﴿وَمَا تَغِيضُ الأرحام﴾ الغيضُ: النقصان سواء كان لازماً، أو متعدياً فيقال: غاض الماء وغضته أنا، ومنه قوله تعالى: ﴿وَغِيضَ المآء﴾ [هود: 44] والمعنى: ما تغضيه الأرحام إلاَّ أنه حذف الرَّافع.
و «مَا تَزْدادُ» ، أي تأخذه زيادة، تقول: أخذت منه حقي، وازددت منه كذا، ومنه قوله تعالى: ﴿وازدادوا تِسْعاً﴾ [الكهف: 25] .
ثم اختلفوا فيما تفيضه الرحم، وما تزداده على وجوهٍ:
الأول: عدد الولد فإنَّ الرَّحم قد يشتمل على واحدٍ، وعلى اثنين، وثلاثة، وأربعة.
يروى أن شريكاً كان رابع أربعة في بطن أمه.
الثاني: عند الولادة قد تكون زائدة، وقد تكون ناقصة.
الثالث: [مدة الولادة] قد تكون تسعة أشهر [فأزيد] إلى سنتين عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ وإلى أربع عند الشافعي رَضِيَ اللَّهُ عَنْه، وإلى خمس عند مالكٍ رضي الله.
قيل: إنَّ الضحاك ولد لسنتين، وهرم بن حيان بقي في بطن أمِّه أربع سنين، ولذلك سميي هرماً.
الرابع: الدم؛ فإنه تارة يقلُّ، وتارة يكثرُ.
الخامس: ما ينقصُ بالسَّقط من غير أن يتم، وما يزداد بالتَّمامِ.
السادس: ما ينقصُ بظهور دم الحيض؛ لأنَّه إذا سال الدَّم في وقت الحمل ضعف الولد، ونقص بمقدار ذلك النقصان، وتزداد أيام الحمل، لتصير هذه الزيادة جابرة لذلك النُّقصان.
قال ابن عبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: «كلَّما سال الحيضُ في وقت الحمل يوماً، زاد في مدَّة الحمل يوماً، ليحصل الجبرُ، ويعتدلُ الأمر» .
وهذا يدلُّ على أنَّ الحامل تحيضُ، وهو مذهب مالكٍ، وأحد قولي الشَّافعي لقول ابن عباس في تأويل هذه الآية: إنَّه حيض الحبالى، وهو قول عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْها وأنها كانت تفتي النِّساء الحوامل إذا حضن أن يتركن الصَّلاة.
وقال المخالف: لو كانت الحاملُ تحيض مكان ما تراه المرأة من الدَّم حيضاً، لما صحَّ استراءُ الأمة بحيضة، وهذا بالإجماع.
السابع: أن دم الحيض فضلة تجتمع في [بطن] المرأة، فإذا امتلأت عروقها من تلك الفضلات؛ فاضت، وخرجت، وسالت من دواخل تلك العروض، ثم إذا سالت تلك المواد، امتلأت تلك العروض مرَّة أخرى.
هذا كلُّه إذا قلنا: إن «ما: موصولة.
فإذا قلنا: إنَّها مصدرية: فالمعنى أنَّه تعالى يعلمُ حمل كلَّ شيءٍ، ويعلم غيض الأرحام، وازديادها لا يخفى عليه شيء من ذلك، ولا أوقاته، وأحوالهن.
ثم قال: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ﴾ يحتمل أن يكون المراد بالعنديَّة: العلم ومعناه: أنَّه تعالى يعلم كمية كل شيء، وكيفيته على الوجه المفصل المبين ومتى كان الأمر كذلك امتنع وقوع التغيير في تلك المعلومات، ويحتمل أن يكون المراد من العنديَّة أنه تعالى خصَّص كل حادث بوقت معين، وحال معينة بمشيئة الأزليَّة وإرادته السرمدية.
وعند حكماء الإسلام: أنه تعالى وضع أشياء كلّيّة، وأودع فيها قوى، وخواصَّ، وحركها بحيث يلزم من حركاتها المقدرة بالمقادير المخصوصة أحوال جزيئة متعينة ومناسبات مخصوصة [مقدرة] ، ويدخل في هذه الآية أفعالُ العبادِ، وأحوالهم، وخواطرهم، وهي من أدلِّ الدَّلائلِ على بطلان قول المعتزلةِ.
قوله:» عِنْدَهُ» يجوز أن يكون مجرور المحل صفة ل «شَيْءٍ» ، أو مرفوعة صفة ل «كُلُّ» ، أو منصوبة ظرفاً لقوله: «بِمقْدارٍ» ، أو ظرفاً للاستقرار الذي تعلق به الجار لوقوعه خبراً.
قوله: ﴿عَالِمُ الغيب﴾ يجوز أن يكون مبتدأ، وخبره: «الكَبيرُ المتعَالِ» ، وأن يكون خبراً لمبتدأ محذوفٍ، أي: هو عالمٌ.
وقرأ زيد بن عليى «عَالِمَ» نصمباً على المدحِ.
ووقف ابنُ كثير، وأبو عمرو في رواية على ياءِ «المُتعَالِ» وصلاً ووقفاً، وهذا هو الأشهر في لسانهم، وحذفها الباقون وصلاً ووقفاً لحذفها في الرَّسم.
واستسهل سيبويه حذفها الفواصل، والقوافي، ولأنَّ «ألْ» تعاقب التنوين، فحذفت معها إجراء لها مجراها.
فصل
قال ابن عباس رضي اكلله عنه: يريد علم ما غاب عن خلقه وما شاهدوه.
قال الواحديُّ: «فعلى هذا» الغَيْب «مصدر يرادُ به الغائب، والشهادة أراد بها الشَّاهد» .
واختلفوا في المراد بالغائب، والشَّاهد؛ فقيل: المراد بالغائب: [المعدوم] ، وبالشَّاهد: الموجود. وقيل: الغائب مالا يعرفه الخلق.
واعلم أنَّ المعلومات قسمان: المعدمات، والموجودات.
والمعدومات منهنا معدوماتٌ يمتنع وجودها، ومعدومات لا يمتنع وجودها.
والموجودات قسمان: موجودات يمتنع عدمها، وموجودات لا يمتنع عدمها، وكل واحدٍ من هذه الأقسام الأربعة له أحكام، وخواص، والكل معلوم لله تعالى.
قال إمامُ الحرمين: الله تعالى معلوماتٌ لا نهاية لها وله في كل واحد من تلك المعلومات معلومات أخرى لا نهاية لها؛ لأن الجوهر الفرد يعلم الله تعالى من حاله أنه يمكن وقوعه في أحياز لا نهاية لها على البدل، وموصوف بأوصاف لا نهاية لها على البدل، وهو تعالى عالمٌ بكلِّ الأحوال على التفصيل وكل هذه الأقسام داخلة تحت قوله: ﴿عَالِمُ الغيب والشهادة﴾ .
ثم قال: «الكَبِيرُ المُتعَالِ» وهو تعالى يمتنع أن يكون كبيراً بحسب الجثَّة والمقدار؛ فوجب أن يكون كبيراً بحسب القدرة الإلهيَّة، و «المُتعَالِ» المتنزه عن كلِّ ما لا يجوز عليه في ذاته، وصفاته.
قوله تعالى: ﴿سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ القول وَمَنْ جَهَرَ بِهِ﴾ .
في «سَواءٌ» وجهان:
أحدهما: أنه خبرٌ مقدمٌ، و: «مَنْ اسرَّ» ، و «مَنْ جَهرَ» هو المبتدأ، وإنما لم يثن الخبر؛ لأنَّه في الأصل مصدر، وهو ههنا بمعنى متسوٍ، و «مِنكُمْ» على هذا حالٌش من الضمير المستتر في «سَواءٌ» ؛ لأنه بمعنى مستوٍ.
قال أبو البقاء: «ويضعف أن يكون حالاً من الضمير في» أسرَّ» ، و «جَهَرَ» لوجهين:
أحدهما: تقديم ما في الصلة على الموصول، أو الصِّفة على الموصوف.
والثاني: تقديم الخبر على» مِنْكُم «وحقُّه أن يقع بعده» .
قال شهابُ الدِّين رَحِمَهُ اللَّهُ: «وحقُّه أ، يقع بعده يعني: بعدهُ، وبعد المبتدأ، ولا يصير كلامه لا معنى له» .
والثاني: أنه مبتدأ وجاز الابتداء به لوصفه بقوله: «مِنْكُم» .
وأعرب سيبويه: «سواءٌ» عليه الجهر والسِّر كذلك، وقول بن عطيَّة: إنَّ سيبويه ضعَّف ذلك بأنه ابتداء بنكرة غلط عليه.
قال ابنُ الخطيب: لفظ «سواء» يطلب اثنين، تقول: «سواء زيد، وعمرو» ، ثم فيه وجهان:
الأول: أنَّ «سواءٌ» مصدر، والمعنى: ذو سواء، كما تقول: عدل زيد وعمرو، أي: ذو عدلٍ.
الثاني: أن يكون «سواءٌ» بمعنى مستوٍ، وعلى هذا التقدير، فلا حاجة إلى الإضمار، إلا أنَّ سيبويه يستقبحُ أن يقال: مستو زيد وعمرو؛ لأنَّ اسماء الفاعل إذا كانت نكرة لا يبتدأ بها.
ولقائلٍ أن يقول: بل هذا الوجه أول؛ لأنَّ حمل الكلام عليه يغني عن التزامِ الإضمار الذي هو خلاف الأصل.
قوله: ﴿وَسَارِبٌ بالنهار﴾ فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون معطوفاً على «مُسْتَخْفٍ» ، ويراد ب «مَنْ» حينئذ اثنان، وحمل المبتدأ الذي هو لفظ «هُوَ» على لفظها، فأفرده، والخبر على معناها فثناه.
والوجه الثاني: أن يكون عطفاً على «من هُوَ» في «ومَنْ هُو مُسْتخْفٍ» لا على: مُستَخفٍ «وحده.
ويوضح هذين الوجيهن ما قاله الزمخشريُّ قال:» فإن قلت: كان حق العبارةِ أن يقال: ومن هو مستخف باللَّيل، ومن هو ساربٌ بالنَّهار حتَّى يتنول معنى الاستواء المستخفي، والسارب، وإلا فقد تناول واحد هو مستخف وسارب.
قلت: فيه وجهان:
أحدهما: أن قوله: «سَارِبٌ» عطف على: «مَنْ هُو مُسْتَخْفٍ» [لا على:: مُسْتَخْفٍ» .
والثاني: أنَّه عطف على: «مُسْتَخْفٍ» إلا أنَّ: «مَنْ» في معنى الاثنين؛ كقوله: [الطويل] 3166 - ... ... ... ... ... . ... نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يَا ذِئْبُ يَصْطحِبَانِ
كأنه قيل: سواء منكم اثنان مستخف بالليل، وسارب بالنَّهار «.
قال شهابُ الدِّين: وفي عبارته بقوله: كان حق العبارة كذا سوء أدب، وقوله كقوله:» نَكُنْ مِثلَ مَنْ يا ذئب» يشير إلى البيت المشهور في قصة بعضهم مع ذئبٍ يخاطبه: [الطويل]
3167 - تَعَشَّ فإنْ عَاهَدْتَنِي لا تَخُونُنِي ... نَكُنْ مِثْلَ مَنْ يَا ذِئبُ يَصْطحِبَانِ
وليس في البيت حملٌ على اللفظ والمعنى، وإنَّما فيه حملٌ على المعنى فقط، وهو مقصوده.
وقوله: «وإلا فقد تناتول واحدٌ هو مستخق وسارب» لو قال بهذا قائل لأصاب الصَّواب وهو مذهب ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما ومجاهد ذهبا إلى أن المستخفي والسَّاب شخص واحد يستخفي بالليل، ويسرب بالنَّهار، ليري تصرفه في النَّاس.
الثالث: أن يكون على حذف» مَنْ «الموصولة، أي: ومن هو سارب، وهذا إنَّما يتمشى عند الكوفيين، فإنهم يجيزون حذف الموصول، وقد استدلالهم على ذلك.
والسَّاربُ: اسم فاعل من» سَرَبَ، يَسْرُبُ» ، أي: تصرف كيف يشاء؛ قال: [الكامل]
3168 - أنَّى سَربْتِ وكُنْتِ غَيرَ سَرُوبِ ... وتُقرَّبُ الأحلامُ غَيْرَ قَريبِ
وقال آخر: [الطويل]
3169 - وكُلُّ أنَاسٍ قَاربُوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ ... ونَحْنُ خَلعْنَا قَيْدُهُ فهو سَارِبُ
أي: متصرف كيف توجَّه، ولا يدفعه أحدٌ عن مرعى قومه بالمنعة، والقوة.
فصل
معنى الكلام: أي: يستوي في علم الله المسر في القول، والجاهر به. وفي المستخفي، والسَّارب وجهان:
الأول: يقال: أخفيت الشيء أخفيه فخفي، واستخفى فلان من فلان، أي: توارى واستتر منه.
والسَّارب: قال الفراء والزجاج: أي: ظاهر بالنهار في سربه، أي: طريقه يقال: خلا له سربه، أي: طريقه، والسَّرب بفتح السِّين، وسكون الراء الطريق.
وقال الأزهري: «تقول العرب: سَربتِ الإبلُ تسرب سَرَباً، أي: مضت في الأرض ظاهرة حيث شاءت» .
فمعنى الآية: سواء كان الإنسان مستخفياً في الظُّلماتِ، وكان ظاهراً في الطرقاتِ فعلم الله تعالى محيطٌ بالكلِّ.
قال ابن عباس: «سواء ما أضمرته القلوب، أو أظهرته الألسنة» .
وقال مجاهد: سواء من أقدم على القبائح في ظلمات الليل، ومن أتى بها في النهار الظاهر على سبيل التَّوالي.
وقال ابن عباس أيضاً: «هو صاحب ريبة مستخسف بالليل، وإذا خرج النهار أرى النَّاس أنه بريء من الإثم» .
والقول الثاني: نقل الواحدي عن الأخفش، وقطرب قال: المستخفي: الظاهر والسارب: المتواري، ومنه يقال: خفيت الشيء، أي: أظهرته، وأخفيت الشيء أي: استخرجته، ويسمى النَّبَّاش: المستخفي، والسَّارب: المتواري، أي: الداخل سرباً، وانسرب الوحش: إذا دخل في السِّرب، أي: في كناسه.
قال الواحديُّ: «وهذا الوجه صحيح في اللغة إلا أنَّ الأول هو المختارُ لإطباق أكثر المفسرين عليه، وأيضاً: فالليل يدلُّ على الاستتار، والنهار على الظهور» .
قوله: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ﴾ الضمير فيه أربعة أوجه:
أحدها: أنه عائد على «مِنْ» المكررة، أي: لمن أسرّ القول، ولمن جهر به ولمن استخفى: «مُعَقباتٌ» ، أي: جماعة من الملائكة يعقب بعضهم بعضاً.
الثاني: أنه يعود على «مِنْ» الأخيرة، وهو قول ابن عبَّاسٍ.
قال ابن عطية: والمعقبات على هذا: حرسُ الرجل وجلاوزته الذين يحفظونه، قالوا: والآية على هذا في الرؤساء الكفار، واختاره الطبريُّ وآخرون إلاَّ أنَّ المارودي ذكر على هذا التأويل: أنَّ الكلام نفي، والتقدير: لا يحفظونه، وهذا ينبغي ألاّ يمسع ألبتة، كيف يبرز كلام موجب، ويراد به نفي، وحذف «لا» إنما يجوز إذا كان المنفي مضارعاً في جواب قسم، نحو ﴿تَالله تَفْتَأُ﴾ [يوسف: 85] وقد تقدَّم تحريره وإنّضما معنى الكلام كما قال المهدويُّ: يحفظونه من أمر الله في ظنه، وزعمه.
الثالث: أن الضمير في «لهُ» يعود على الله تعالى وفي «يَحْفظُونَهُ» للبعد أي: للهِ ملائكة يحفظون العبد من الآفات، ويحفظون عليه أعماله قاله الحسن رَضِيَ اللَّهُ عَنْه.
الرابع: عود الضميرين على النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وإن لم يجر له ذكر قريب، ولتقدُّم ما يشعر به في قوله: «لوْلاَ أنْزِلَ عليْهِ» .
و «مُعقِّباتٌ» جمع معقب بزنة مفعل، من عقب الرجل إذا جاء على عقب الآخر؛ لأن بعضهم يعقبُ بعضاً، أو لأنَّهم يعقبون ما يتكلَّم به.
وقال الزمخشري: «والأصل: معتقبات، فأدغمت التاء في القاف، كقوله: ﴿وَجَآءَ المعذرون﴾ [التوبة: 90] فلا يتعيَّن أن يكون أصله» المُتعذِّرُون «وقد تقدَّم توجيهه، وأنه لا يتعيَّن ذلك فيه.
وأما قوله: ويجوز» مُعِّبات «بكسر العين، فهذا لا يجوز؛ لأنه بناه على أن أصله: معتقبات، فأدغمت التاء في القاف، وقد بيَّنا أن ذلك وهم فاحشٌ وفي» مُعَقِّباتٌ «احتمالان:
أحدهما: أن يكون معقبة بمعنى معقب، والتَّاء للمبالغة، كعلاَّمة، ونسَّابة. أي: ملك معقب، ثم جمع هذا كعلامات، ونسَّابات.
والثاني: أن يكون معقبة صفة لجماعة، ثم جمع هذا الوصف، وذكر ابنُ جريرٍ: أن معقبة جمع معقب، وشبه ذلك ب» رَجُلٍ، ورجالٍ، ورِجَالاتٍ «. قال أبو حيَّان: وليس كما ذكر، إنما ذلك ك» جَمَلٍ، وجِمَالٍ، وجمالاتٍ «ومعقب، ومعقبات إنَّما هو كضارب، وضاربات.
ويمكن أن يجاب عنه: بأنه يمكن أن يريد بذلك أنَّه أطلق من حيث الاستعمال على جمع معقب، وإن كان أصله أن يطلق على مؤنث» معقب» ، فصار مثل: «الواردة» للجماعة الذين يريدون، وإن كان أصله للمؤنثة من جهة أنَّ جموع التَّكسير في العقلاء تعامل معاملة المؤنثة في الإخبار، وعود الضَّمير، ومنه قولهم: الرِّجحالُ وأعضادها، والعلماء ذاهبةٌ إلى كذا، وتشبيهنه ذلك برجل، ورجالات من حيث المعنى لا الصناعة» .
وقرأ أبي، وإبراهيم، وعبيد الله بن زيادٍ: له معاقيب.
قال الزمخشريُّ: «جمع معقب، أو معقبة، والياء عوضٌ من حذف إحدى القافين في التكسير» .
ويوضح هذا ما قاله ابنُ جنِّي؛ فإنه قال: «مَعَاقِيب» تكسير مَعْقِب بسكون العين، وكسر القاف، ك «مُطْعِم، مطاعم» و «مَقْدِم، ومَقَادِيم» ، فكأن «مُعْقباً» جمع على معاقبة، ثم جعلت الياء في «معاقيب» عوضاً من الهاء المحذوفة في «مُعَاقبةٍ» .
فصل
قال: المعقب من كلِّ شيء ما خلف يعقب ما قبله، ويجوز أن يكون عقبه، إذا جاء على عقب، والمعنى في كلا الوجهين واحد.
والتَّعقيب: العود بعد البدءِ، وإنَّما ذكر بلفظ التَّأنيث؛ لأن واحدها معقب وجمعه معقبة، ثم جمع المعقبة معقبات، كقولك: رجالات مكسر، وقد تقدَّم.
وفي المراد ب «المعقبات» قولان:
أشهرهما: أن المراد الحفظة، وإنَّمام وصفوا بالمعقبات، إما لأجل أن ملائكة اللَّيل تعقب ملائكة النَّهار، وبالعكس، وإما لأجل أنهم يعقبون أعمال العباد ويتبعونها بالحفظ، والكتابة، وكل من عمل عملاً ثم معاد إليه؛ فقد عقَّبهُ.
فعلى هذا المراد من المعقبات: ملائكة الليل، والنَّهار، قال تعالى جلًَّ ذكره ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَاماً كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ إِنَّ الأبرار لَفِي نَعِيمٍ﴾ [الانفطار: 10، 11، 12، 13] .
قوله: ﴿مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ يجوز أن يتعلق بمحذوف على أنَّه صفة ل «مُعقِّباتٌ» ويجوز أن يتعلق ب: مُعقِّباتٌ» ، و «مِنْ» لابتداء الغاية، ويجوز أن تكون حالاً من الضمير الذي هو الظرف الواقع خبراً والكلامم على هذه الأوجه تام عند قوله: ﴿وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ .
وقد عبَّر ِأبو البقاء، رَحِمَهُ اللَّهُ عن هذه الأوجه بعبارة مشكلة، وهي قوله: ﴿مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ﴾ يجحوز أن يكون صفة ل «مُعقِّباتٌ» ، وأن يكون ظرفاً، وأن يكون حالاً من الضمير الذي فيه، فعلى هذا يتمُّ الكلام عنده «انتهى» .
ويجوز أن يتعلق ب» يَحْفَظُونَه «أي: يحفظونه من بين يديه، ومن خلفه.
فإن قيل: كيف يتعلَّق حرفان متحدان لفظاً ومعنى بعاملٍ واحدٍ، وهما» مِنْ «الداخلة على» بَيْنِ «و» مِنْ» الداخلة على: «أمْرِ اللهِ» ؟ .
فالجواب: أنَّ» مِنْ «الثانية مغايرة للأولى في المعنى كما ستعرفه.
قوله:» يَحْفَظُونهُ» يجوز أن يكون صفة ل «مُعقِّباتٌ» ، ويجوز أن يكون حالاً من الضمير المستكن في الجار الواقع [خبراً] ، و «مِنْ أمْرِ اللهِ» متعلق به، و «مِنْ» إمَّا للسَّببِ أي: بسبب أمر الله.
ويدل له على قراءة عليِّ بن أبي طالبٍ، وابن عبَّاسٍ، وزيد بن عليّ، وعكرمة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم: بأمر الله.
وقيل: المعنى على هذا يحفظون عمله بإذن الله، فحذف المضاف.
قال ابن الأنباري: كلمة «مِنْ» معناها الباء، وتقديره: يحفظونه بأمر الله وإعانته، والدَّليل عليه: أنه لا بد من المصير إليه؛ لأنَّه لا قدرة للملائكة، ولا لأحد من الخلقِ على أن يحفظوا أحداً من أمر الله، ممَّا قضاه الله عليه؛ وإمَّا أن تكون على بابها.
قال أبُو البقاء: «مِنْ أمْرِ اللهِ» من الجنِّ، والإنس، فتكون «مِنْ» على بابها.
«يعني: أن يراد بأمر الله: نفس ما يحفظ منه كمردة الإنس، والجن، فتكون» مِنْ «لابتداء الغاية» .
ويجوز أن تكون بمعنى «عَنْ» ، وليس عليه معنى يليق بالآية الكريمة، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنَّه صفة ل: «مُعقِّباتٍ» أيضاً فيجيء الوصف بثلاثة أشياء في بعض الأوجه المتقدمة بكونها ﴿مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ وبكونها «يَحفظه» ، وبكونها «مِنْ أمْرِ اللهِ» ولكن يتقدَّم الصوف بالجملة على الوصف بالجار، وهو جائزٌ فصيحٌ، وقد ذكر الفراء فيه وجهين:
الأول: أنه على التَّقديم، والتأخير، والتقدير: له معقبات من أمر الله يحفظونه من بين يديه.
قال شهاب الدِّين رَحِمَهُ اللَّهُ: «والأصل عدم ذلك مع الاستغناء عنه» .
والثاني: أن فيه إضماراً، أي: ذلك الحفظ من أمر الله، أي: ممَّا أمر الله به، فحذف الاسم، وأبقى خبره، كما يكتب على الكيس: ألفان، والمراد الذي فيه ألفان.
فصل
ذكر المفسرون: أن للهِ ملائكة يتعاقبون بالليل، والنهار؛ فإذا صعدت ملائكمة الليل جاء في عقبها ملائكة النهار، وإذا صعدت ملائكة النَّهار، جاء في عقبها ملائكة الليل.
لما روى أبو هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: قال «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ باللِّيلِ ومَلائكِةٌ بالنَّهارِ يَجْتمِعُونَ عِنْدَ صلاةِ الفَجْرِ وصلاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرجُ الَّذينَ باتُواة فيكُم؛ فيَسْألهُم وعو أعملُ بِهِم: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادي؟ فَيقُولُون: تَركْنَاهُم، وهُمْ يُصَلُّونَ، وأتَيْنَاهُمْ، وهُمْ يُصَلُّون» .
وقوله: ﴿مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ يعنى من قدام، هذا استخفى باللَّيل والسَّارب بالنَّهار، ومن وراء ظهره يحفظونه من أمر الله يعني بإذنِ الله ما لم يجىء القدر، فإذا جاء القدر خلوا عنه.
وقيل: يحفظونه ممَّا أمر الله به من الحفظ عنه.
قال مجاهدٌ: ما من عبدٍ إلا وله ملك وكلٌ به يحفظه في نومه ويقظته من الجنِّ والإنس، والهوام.
وقيل: المراد بالآية الملكين القاعدين على اليمين، وعلى الشمال يكتبان الحسنات والسيئات «يحفظونه» أي يحفظون عليه، «من أمر الله» يعني الحسنات والسيئات قال الله تعالى:
﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق. 18] .
وقال عبد الرحمن بن زيد: نزلت هذه الآية في عامر بن الطُّفيل وأربد بن ربيعة، وكانت قصَّتهما على ماروى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما، قال: «أقبل عامر بن الطُّفيل، وأربد بن ربيعة، وهما عامريان يريدان رسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وهو جالس في المسجد في نفرٍ من أصحابه، فدخلا المسجد، فاسْتشْرَفَ الناسُ لجمالِ عامرٍ، وكان أعورَ، وكان من أجمل النَّاس، فقال رجل: يا رسول الله هذا عامر بن الطُّفيل قد أقبل نحوك فقال: دعه؛ فإن يرد الله به خيراً يهده، مفأقبل حتى قام عليه، فقال: يا محمد ما لي إن أسلمت؛ فقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: لك ما للمسلمين، وعليك ما على المسلمين، قال: تجعلي لي الأمر بن بعدك؛ قال: ليس ذلك إليَّ، إنما ذلك إلى الله عَزَّ وَجَلَّ يجعله حيث يشاءُ، فقال: تجعلني على الوبر والمدرِ، قال: لا، قال: فما تجعلي لي؟ قال أجعل لك أعنَّة الخيل تغزُو عليها قال: أوليس ذلك لي اليوم، قم معي أكلمك، فقام معه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وكان عامر أوصى إلى أربد بن ربيعة: إذا رأيتني أكلمه فدُرْ من خلفه، فاضربه بالسيف، فجعل يخاصم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويراجعه، فدار أربدُ من خلف النبي ليضربه، فاخترط من سيفه شبراً، ثمذَ حبسه الله عزَّ وجلَّ عنده، فلم يقدر على سلّه، وجعل عامرُ يومىء إليه، فالتفت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فرأى أربد وما يصنع بسيفه، فقال: «اللَّهُمَّ أكْفِنِيهما بِمَا شِئْتَ» فأرسل الله على أربد صاعقة في يوم مصحوٍ صائفٍ، فأحرقته، وولّى عامر بنُ الطفيل هارباً، وقال: يا محمد! دعوت ربك فقتل أربد، والله لأملأنَّها عليك خيلاً جرداً، وفتياناً مرداً، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «يَمْنَعُكَ اللهُ مِنْ هذا، وأبْناءُ قيْلة» يريد الأوس، والخزرج؛ فنزل عامرٌ بيت امرأة سلوليّة فلما أصبح، ضم عليه سلاحه، وقد تغير لونه، فخرج يركض في الصحراء ويقول: ابرز يا ملك الموت، ويقول الشِّعر، ويقول: واللات لئن أصبح لي محمداً وصاحبه يعني ملك المت لأنفذتهما برمحي؛ فأرسل الله تبارك وتعالى ملكاً فلطمه بجناحه، فأذراه في التراب، وخرجت على ركبته في الوقت غدة عظيمة، فعاد إلى بيت السلولية، وهو يقول: «غُدَّةٌ كغُدةِ البَعيرِ، ومَوْتٌ في بَيْتِ سَلُوليَّة» ، ثم دعا بفرسه، فركبه، ثمَّ أجراه حتَّى مات على ظهره، فأجاب الله دعاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فقُتلَ عامرٌ بالطعن، وأربد بالصَّاعقة» ، وأنزل الله في هذه القصَّة: ﴿سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ القول وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بالليل وَسَارِبٌ بالنهار لَهُ مُعَقِّبَاتٌ﴾ يعنى للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ معقبات يحفظونه من بين يديه ومن خلفه من أمر الله، يعنىم: تلك المعقبات من أمر الله، وفيه تقديرم وتأخير.
ونقل عن ابن عبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما واختاره أبو مسلم الأصفهاني رَحِمَهُ اللَّهُ أن المراد يستوي في علم الله السرُّ، والجهر، والمستخفي في ظلمة اللَّيل والسارب بالنهار المستظهر بالمعاونين، والأنصار، وهم الملوك، والأمراء فمن لجأ إلى الله فلن يفوِّت الله سبحانه وتعالى أمره، ومن سار نهاراً بالمعقبات، وهم الأحراس والأعوان الذين يحفظونه لم ينجه حراسه من الله تعالى والمعقب هو العون؛ لأنه إذا نصر هذا وذاك؛ فلا بد وأن ينصر ذاك هذا؛ فنصر كل واحد منهما معاقبة لنصرة الآخر؛ فهذه المعقبات لا تخلص من قضاء الله، وقدره، وهم وإن ظنُّوا أنهم يخلصون مخدومهم من أمر الله، ومن قضائه؛ فإنهم لا يقدرون على ذلك ألبتَّة.
والمقصود من الكلام: بعث السلاطين، والأمراء، والكبراء على أن يطلبوا الخلاص من المكاره من الله، ويعلولوا على حفظه وعصمته ولا يعولوا في دعفها على الأعوان والأنصار؛ ولذلك قال تعالى جل ذكره بعده: ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سواءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ﴾ .
قال القرطبي: «قيل: إن في الكلام نفياً محذوفاً تقديره: لا يحفظونه من أمر الله تعالى ذكره الماورديُّ.
قال المهدوي: ومن ج عل المعقٍِّبات: الحرس، فالمعنى: م يحفظونه من أمر الله على ظنه، وزعمه.
وقيل: سواء من أسر القول، ومن جهر، فله حراس، وأعوان يتعاقبون عليه، فيحملونه على المعاصي، و «يَحْفظُونَهُ» من أن ينجع فيه وعظٌ.
قال القشيريُّ: وهذا لا يمنع الرب من الإمهال إلى أن يحق العذابل، وهو إذا غير هذا العاصي ما بنفسه بطول الإصرار، فيصير ذلك سبباً للعقوبة، فكأنه الذي يحل العقوبة» .
وقال عبد الرحمن بن زيد: «المعقِّبات: ما تعاقب من أمر الله تعالى وقضائه في عباده» .
قال الماورديُّ: «ومن قال بهذا القول، ففي تأويل قوله: ﴿يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله﴾ وجهان:
أحدهما: يحفظونه من الموت ما لم يأت أجله، قاله الضحاك.
الثاني: يحفظونه من الجنِّ، والهوام المؤذية، ما لم يأت قدرٌ، قاله أبو أمامة، وكعب الأحبار رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما فإذا جاء القدر خلوا عنه؟ .
قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ﴾ : من العافية والنعمة ﴿حتى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ من [الحالة الجميلة] فيعصون ربَّهم.
قال الجبائي، والقاضي: هذه الآية تدلُّ على مسألتين:
الأولى: أنَّه سبحانه لا يعاقبُ أطفال المشركين بذنوب آبائهم؛ لأنَّهم لم يغيِّروا ما بأنفسهم من نعمه، فيغير الهلن حالهم من النِّعمة إلى العذاب.
الثانية: قالوا: الآية تدلُّ على بطلان قول المجبرة: إنَّه تعالى ابتدأ العبد بالضَّلال، والخذلان أوَّل ما يبلغ؛ لأنَّ ذلك أبلغ في العقاب، مع أنَّه ما كان منه تغيير.
قال ابن الخطيب:» والجواب أن ظاهر الآية يدل على أن فعل الله تعالى في التغيير يترتب على فعل العبد، وقوله ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله﴾ [التكوير: 29] يدلُّ على أن فعله مقدم على فعل العبد، فوقع التَّعارض.
وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سواءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ﴾ يدلُّ على أنَّ العبد غير مستقل بالفعل، فلو كان العبد مستقلاً بتحصيل الإيمان، ولكان قادراً على ردّ ما أراد الله تعالى من كفر، وحينئذٍ بطل قوله: ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سواءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ﴾ ؛ فثبت أنَّ الآية السابقة، وإن أشعرب بمذهبهم إلا أن هذا من أقوى الدلائل على مذهبنا.
روى الضحاك عن ابن عبَّاس رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: لم تغن المعقبات شيئاً وقال عطاء عنه: لا رادّ لعذابي، ولاناقض لحكمي: ﴿وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ﴾ ، أي: ليس لهم من دون الله من يتولاهم، ويمنع قضاء الله عنهم، أي: مال هم والٍ يتولَّى أمرهم، ويمنع العذاب عهم.
قوله: ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ﴾ » العامل في «إذَا» محذوف لدلالة جوابها عليه تقديره: لم يرد أو وقع، أو نحوهما، ولا يعمل فيها جوابها؛ لأنَّ ما بعد الفاء لا يعملُ فيما قبلها.
31980 | سَوَاء | مُتَساوٍ ومتعادل | المزيد |
31981 | مِّنكُم | مِنْ: حَرْفُ جَرٍّ لِتَبْيينَ الجِنْسِ أو تَبْيينَ ما أُبْهِمَ قَبْلَ (مِنْ ) أو في سِياقِها | المزيد |
31982 | مَّنْ | يُحْتَمَلُ أن تَكونَ مَوْصولَةً أو نَكِرَةً مَوْصوفَةً | المزيد |
31983 | أَسَرَّ | أخْفَى | المزيد |
31984 | الْقَوْلَ | الكَلامَ | المزيد |
31985 | وَمَن | مَنْ: يُحْتَمَلُ أن تَكونَ مَوْصولَةً أو نَكِرَةً مَوْصوفَةً | المزيد |
31986 | جَهَرَ | رَفَعَ صَوْتَهُ | المزيد |
31987 | بِهِ | البَاءُ: حَرْفُ جَرٍّ يُفيدُ مَعْنى الإلصاقِ | المزيد |
31988 | وَمَنْ | مَنْ: يُحْتَمَلُ أن تَكونَ مَوْصولَةً أو نَكِرَةً مَوْصوفَةً | المزيد |
31989 | هُوَ | ضَميرُ الغَائِبِ المُفْرَدُ المُذَكَّرُ | المزيد |
31990 | مُسْتَخْفٍ | مُسْتَتِرٍ | المزيد |
31991 | بِاللَّيْلِ | اللَّيْلُ: الوَقْتُ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ إلَى شُروقِها | المزيد |
31992 | وَسَارِبٌ | السارب: الظاهر الذي لا خفاء فيه | المزيد |
31993 | بِالنَّهَارِ | النَّهَارُ: الوقْتُ مِنْ طُلوعِ الشَّمْسِ إلَى غُرُوبِها | المزيد |
نهاية آية رقم {10} |
(13:10:1) sawāon (It is) same (to Him) | N – nominative masculine indefinite noun اسم مرفوع | |
(13:10:2) minkum [of you] | P – preposition PRON – 2nd person masculine plural object pronoun جار ومجرور | |
(13:10:3) man (one) who | REL – relative pronoun اسم موصول | |
(13:10:4) asarra conceals | V – 3rd person masculine singular (form IV) perfect verb فعل ماض | |
(13:10:5) l-qawla the speech | N – accusative masculine verbal noun اسم منصوب | |
(13:10:6) waman or (one) who | CONJ – prefixed conjunction wa (and) REL – relative pronoun الواو عاطفة اسم موصول | |
(13:10:7) jahara publicizes | V – 3rd person masculine singular perfect verb فعل ماض | |
(13:10:8) bihi it | P – prefixed preposition bi PRON – 3rd person masculine singular personal pronoun جار ومجرور | |
(13:10:9) waman and (one) who | CONJ – prefixed conjunction wa (and) REL – relative pronoun الواو عاطفة اسم موصول | |
(13:10:10) huwa [he] | PRON – 3rd person masculine singular personal pronoun ضمير منفصل | |
(13:10:11) mus'takhfin (is) hidden | N – genitive masculine indefinite (form X) active participle اسم مجرور | |
(13:10:12) bi-al-layli by night | P – prefixed preposition bi N – genitive masculine noun جار ومجرور | |
(13:10:13) wasāribun or goes freely | CONJ – prefixed conjunction wa (and) N – nominative masculine indefinite active participle الواو عاطفة اسم مرفوع | |
(13:10:14) bil-nahāri by day. | P – prefixed preposition bi N – genitive masculine noun جار ومجرور |
- 0001 سورة الفاتحة 👍👍
- 0002 سورة البقرة 👍
- 0003 سورة آل عمران 👍
- 0004 سورة النساء 👍
- 0005 سورة المائدة 👍
- 0006 سورة الأنعام 👍
- 0007 سورة الأعراف 👍
- 0008 سورة الأنفال 👍
- 0009 سورة التوبة 👍
- 0010 سورة يونس 👍
- 0011 سورة هود 👍
- 0012 سورة يوسف 👍
- 0013 سورة الرعد 👍
- 0014 سورة إبراهيم 👍
- 0015 سورة الحجر 👍
- 0016 سورة النحل 👍
- 0017 سورة الإسراء 👍
- 0018 سورة الكهف 👍
- 0019 سورة مريم 👍
- 0020 سورة طه 👍
- 0021 سورة الأنبياء 👍
- 0022 سورة الحج 👍
- 0023 سورة المؤمنون 👍
- 0024 سورة النور 👍
- 0025 سورة الفرقان 👍
- 0026 سورة الشعراء 👍
- 0027 سورة النمل 👍
- 0028 سورة القصص 👍
- 0029 سورة العنكبوت 👍
- 0030 سورة الروم 👍
- 0031 سورة لقمان 👍
- 0032 سورة السجدة 👍
- 0033 سورة الأحزاب 👍
- 0034 سورة سبإ 👍
- 0035 سورة فاطر 👍
- 0036 سورة يس 👍
- 0037 سورة الصافات 👍
- 0038 سورة ص 👍
- 0039 سورة الزمر 👍
- 0040 سورة غافر 👍
- 0041 سورة فصلت 👍
- 0042 سورة الشورى 👍
- 0043 سورة الزخرف 👍
- 0044 سورة الدخان 👍
- 0045 سورة الجاثية 👍
- 0046 سورة الأحقاف 👍
- 0047 سورة محمد 👍
- 0048 سورة الفتح 👍
- 0049 سورة الحجرات 👍
- 0050 سورة ق 👍
- 0051 سورة الذاريات 👍
- 0052 سورة الطور 👍
- 0053 سورة النجم 👍
- 0054 سورة القمر 👍
- 0055 سورة الرحمن 👍
- 0056 سورة الواقعة 👍
- 0057 سورة الحديد 👍
- 0058 سورة المجادلة 👍
- 0059 سورة الحشر 👍
- 0060 سورة الممتحنة 👍
- 0061 سورة الصف 👍
- 0062 سورة الجمعة 👍
- 0063 سورة المنافقون 👍
- 0064 سورة التغابن 👍
- 0065 سورة الطلاق 👍
- 0066 سورة التحريم 👍
- 0067 سورة الملك 👍
- 0068 سورة القلم 👍
- 0069 سورة الحاقة 👍
- 0070 سورة المعارج 👍
- 0071 سورة نوح 👍
- 0072 سورة الجن 👍
- 0073 سورة المزمل 👍
- 0074 سورة المدثر 👍
- 0075 سورة القيامة 👍
- 0076 سورة الإنسان 👍
- 0077 سورة المرسلات 👍
- 0078 سورة النبإ
- 0079 سورة النازعات 👍
- 0080 سورة عبس 👍
- 0081 سورة التكوير 👍
- 0082 سورة الإنفطار 👍
- 0083 سورة المطففين 👍
- 0084 سورة الإنشقاق 👍
- 0085 سورة البروج 👍
- 0086 سورة الطارق 👍
- 0087 سورة الأعلى 👍
- 0088 سورة الغاشية 👍
- 0089 سورة الفجر 👍
- 0090 سورة البلد 👍
- 0091 سورة الشمس 👍
- 0092 سورة الليل 👍
- 0093 سورة الضحى 👍
- 0094 سورة الشرح 👍
- 0095 سورة التين 👍
- 0096 سورة العلق 👍
- 0097 سورة القدر 👍
- 0098 سورة البينة 👍
- 0099 سورة الزلزلة 👍
- 0100 سورة العاديات 👍
- 0101 سورة القارعة 👍
- 0102 سورة التكاثر 👍
- 0103 سورة العصر 👍
- 0104 سورة الهمزة 👍
- 0105 سورة الفيل 👍
- 0106 سورة قريش 👍
- 0107 سورة الماعون 👍
- 0108 سورة الكوثر 👍
- 0109 سورة الكافرون 👍
- 0110 سورة النصر 👍
- 0111 سورة المسد 👍
- 0112 سورة الإخلاص 👍
- 0113 سورة الفلق 👍
- 0114 سورة الناس 👍
Comments
Post a Comment