0006 سورة يس آية 6 - * تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق
* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق
لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ فَهُمْ غَـٰفِلُونَ ﴿سورة يس آية ٦﴾. لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَىٰٓ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿سورة يس آية ٧﴾.
اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله: { لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آبـاؤُهُمْ } فقال بعضهم: معناه: لتنذر قوماً ما أنذر الله من قبلهم من آبـائهم. ذكر من قال ذلك: حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنا مـحمد بن جعفر، قال: ثنا شُعْبة، عن سِماك، عن عكرمة فـي هذه الآية: { لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آبـاؤُهُمْ } قال: قد أنذروا. وقال آخرون: بل معنى ذلك لتنذر قوماً ما أنذر آبـاؤهم. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آبـاؤُهُمْ } قال بعضهم: لتنذر قوماً ما أنذر آبـاؤهم من إنذار الناس قبلهم. وقال بعضهم: لتنذر قوماً ما أنذر آبـاؤهم: أي هذه الأمة لـم يأتهم نذير، حتـى جاءهم مـحمد صلى الله عليه وسلم. واختلف أهل العربـية فـي معنى «ما» التـي فـي قوله: { ما أُنْذرَ آبـاؤُهُمْ } إذا وُجِّه معنى الكلام إلـى أن آبـاءهم قد كانوا أنذروا، ولـم يُرد بها الـجحد، فقال بعض نـحويِّـي البصرة: معنى ذلك: إذا أريد به غير الـجحد لتنذرهم الذي أُنذر آبـاؤهم { فَهُمْ غافِلُونَ }. وقال: فدخول الفـاء فـي هذا الـمعنى لا يجوز، والله أعلـم. قال: وهو علـى الـجحد أحسن، فـيكون معنى الكلام: إنك لـمن الـمرسلـين إلـى قوم لـم ينذر آبـاؤهم، لأنهم كانوا فـي الفترة. وقال بعض نـحويّـي الكوفة: إذا لـم يرد بـما الـجحد، فإن معنى الكلام: لتنذرهم بـما أنذر آبـاؤهم، فتلقـى البـاء، فتكون «ما» فـي موضع نصب { فَهُمْ غافِلُونَ } يقول: فهم غافلون عما الله فـاعل: بأعدائه الـمشركين به، من إحلال نقمته، وسطوته بهم. وقوله: { لَقَدْ حَقَّ القَوْلُ علـى أكْثَرِهِمْ فَهمْ لا يُؤْمِنُونَ } يقول تعالـى ذكره: لقد وجب العقاب علـى أكثرهم، لأن الله قد حتـم علـيهم فـي أمّ الكتاب أنهم لا يؤمنون بـالله، ولا يصدّقون رسوله.
Comments
Post a Comment