تفسير ابن كثير - فرقان

Alfabaiyyah > حرف س > سو > سور > سور القرآن الكريم > 0023 - سورة المؤمنون > 0017 - سورة المؤمنون آية 17

تفسير ابن كثير - فرقان

EDIT

لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى خَلْق الْإِنْسَانِ، عَطَفَ بِذِكْرِ خَلْقِ السموات السبع، وكثيرًا ما يذكر تعالى خلق السموات وَالْأَرْضِ(١) مَعَ خَلْقِ الْإِنْسَانِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ﴾ [غَافِرٍ:٥٧] . وَهَكَذَا فِي أَوَّلِ ﴿الم﴾ السَّجْدَةِ، الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَقْرَأُ بِهَا [فِي](٢) صَبِيحَةِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فِي أولها خَلْقُ السموات وَالْأَرْضِ، ثُمَّ بَيَانُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ، وَفِيهَا أَمْرُ الْمَعَادِ وَالْجَزَاءِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ.
فَقَوْلُهُ: ﴿سَبْعَ طَرَائِقَ﴾ : قَالَ مجاهد: يعني السموات السَّبْعَ، وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ [الْإِسْرَاءِ: ٤٤] ، ﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا﴾ [نُوحٍ:١٥] ، ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنزلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطَّلَاقِ:١٢] . وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ﴾ أي: ويعلم مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يعرُج فِيهَا، وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ، وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ. وَهُوَ -سُبْحَانَهُ-لَا يَحجبُ عَنْهُ سَمَاءٌ سَمَاءً، وَلَا أَرْضٌ أَرْضًا، وَلَا جَبَلٌ إِلَّا يَعْلَمُ مَا فِي وَعْره، وَلَا بَحْرٌ إِلَّا يَعْلَمُ مَا فِي قَعْره، يَعْلَمُ عَدَدَ مَا فِي الْجِبَالِ وَالتِّلَالِ وَالرِّمَالِ، وَالْبِحَارِ وَالْقِفَارِ وَالْأَشْجَارِ، ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [الْأَنْعَامِ: ٥٩] .


(١) في أ: "السبع". (٢) زيادة من ف، أ.

Comments

Popular posts from this blog

Joker (2019 film) From Wikipedia, the free encyclopedia