0004 سورة الفاتحة آية 4
Terjemahan Tafsir Ibnu Kathir - Surah Al Fatihah Ayat 4 / 0004 SURAH AL FATIHAH AYAT 4 / BACAAN / PETUNJUK AYAT / Youtube
dalam Surah Al Fatihah Ayat 4 Allah Taala berfirman مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ yang bermaksud [1:4] Basmeih Yang Menguasai pemerintahan hari Pembalasan (hari Akhirat).
Verse (1:4) - English Translation
Welcome to the Quranic Arabic Corpus, an annotated linguistic resource for the Holy Quran. This page shows seven parallel translations in English for the fourth verse of chapter 1 (sūrat l-fātiḥah). Click on the Arabic text to below to see word by word details of the verse's morphology.
Chapter (1) sūrat l-fātiḥah (The Opening)
Sahih International: Sovereign of the Day of Recompense.
Pickthall: Master of the Day of Judgment,
Yusuf Ali: Master of the Day of Judgment.
Shakir: Master of the Day of Judgment.
Muhammad Sarwar: and Master of the Day of Judgment
Mohsin Khan: The Only Owner (and the Only Ruling Judge) of the Day of Recompense (i.e. the Day of Resurrection)
Arberry: the Master of the Day of Doom.
See Also
- Verse (1:4) Morphology - description of each Arabic word
- Dependency graph - syntactic analysis (i'rāb) for verse (1:4)
[1:4] Basmeih
Yang Menguasai pemerintahan hari Pembalasan (hari Akhirat).
[1:4] Tafsir Jalalayn
(Yang menguasai hari pembalasan) di hari kiamat kelak. Lafal 'yaumuddiin' disebutkan secara khusus, karena di hari itu tiada seorang pun yang mempunyai kekuasaan, kecuali hanya Allah Taala semata, sesuai dengan firman Allah Taala yang menyatakan, "Kepunyaan siapakah kerajaan pada hari ini (hari kiamat)? Kepunyaan Allah Yang Maha Esa lagi Maha Mengalahkan." (Q.S. Al-Mukmin 16) Bagi orang yang membacanya 'maaliki' maknanya menjadi "Dia Yang memiliki semua perkara di hari kiamat". Atau Dia adalah Zat yang memiliki sifat ini secara kekal, perihalnya sama dengan sifat-sifat-Nya yang lain, yaitu seperti 'ghaafiruz dzanbi' (Yang mengampuni dosa-dosa). Dengan demikian maka lafal 'maaliki yaumiddiin' ini sah menjadi sifat bagi Allah, karena sudah ma`rifah (dikenal).
[1:4] Quraish Shihab
Dan Dialah Penguasa satu-satunya pada hari kiamat, hari penghitungan dan pembalasan. wewenang-Nya pada hari itu bersifat mutlak dan tidak disekutui oleh suatu apa pun.
[1:4] Bahasa Indonesia
Yang menguasai di Hari Pembalasan.
الإعراب الميسر — شركة الدار العربية
﴿مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ﴾ [الفاتحة ٤]
﴿مالك﴾: صفة رابعة لله.
﴿يوم الدين﴾: مضاف إليه.
﴿يوم الدين﴾: مضاف إليه.
إعراب القرآن للدعاس — قاسم - حميدان - دعاس
﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ ١ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَـٰلَمِینَ ٢ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ ٣ مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ ٤ إِیَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِیَّاكَ نَسۡتَعِینُ ٥ ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَ ٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِیمَ ٦ صِرَ ٰطَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمۡتَ عَلَیۡهِمۡ غَیۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَیۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّاۤلِّینَ ٧﴾ [الفاتحة ١-٧]
﴿اسْمَ﴾ ذهب أهل البصرة في اشتقاقه إلى أنه مشتق من السمو وهو العلو بينما ذهب أهل الكوفة إلى أنه مشتق من السمة وهي العلامة- وحذفت الألف في البسملة لكثرة استعمالها. ﴿الرَّحْمنِ﴾ وزنه فعلان وفيه معنى المبالغة، ولا يوصف به إلا الله تعالى.
﴿الرَّحِيمِ﴾ وزنه فعيل وفيه كذلك معنى المبالغة.
﴿بِسْمِ﴾ جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره ابتدئ أو بخبر محذوف تقديره ابتدائي ﴿اللَّهِ﴾ لفظ الجلالة مضاف إليه. ﴿الرَّحْمنِ﴾ صفة لله. ﴿الرَّحِيمِ﴾ صفة ثانية.
وجملة البسملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب.(١) ﴿الْحَمْدُ﴾ الثناء على الجميل بالقول. ﴿الرب﴾ المالك والسيد وقد يراد به المصلح والمربي. ﴿الْعالَمِينَ﴾ جمع عالم بفتح اللام ويراد به جميع الكائنات. ﴿يَوْمِ الدِّينِ﴾ يوم الجزاء. ﴿الصِّراطَ﴾ الطريق. وهو يذكر ويؤنث والتذكير أكثر.
﴿الْحَمْدُ﴾ مبتدأ مرفوع. ﴿لِلَّهِ﴾ لفظ الجلالة مجرور باللام ومتعلقان بخبر محذوف تقديره الحمد واجب.
﴿رَبِّ﴾ صفة لله، أو بدل منه. ﴿الْعالَمِينَ﴾ مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.
﴿الرَّحْمنِ، الرَّحِيمِ﴾ صفتان لله. ﴿مالِكِ﴾ صفة ثالثة. ﴿يَوْمِ﴾ مضاف إليه. ﴿الدِّينِ﴾ مضاف إليه ثان.
﴿إِيَّاكَ﴾ ضمير نصب منفصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم. ﴿نَعْبُدُ﴾ فعل مضارع ﴿وَإِيَّاكَ﴾ سبق إعرابها. ﴿نَسْتَعِينُ﴾ فعل مضارع أصله نستعون استثقلوا الكسرة على الواو ونقلوها إلى العين فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. ﴿اهْدِنَا﴾ فعل أمر يراد به الدعاء مبني على حذف حرف العلة.
والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت ونا ضمير متصل في محل نصب مفعول به. ﴿الصِّراطَ﴾ اسم منصوب بنزع الخافض- أو مفعول به ثان. ﴿الْمُسْتَقِيمَ﴾ صفة للصراط، والأصل مستقوم مثل نستعين. ﴿صِراطَ﴾ بدل من الصراط- بدل كل من كل. ﴿الَّذِينَ﴾ اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.
﴿أَنْعَمْتَ﴾ فعل ماض مبني على السكون، والتاء تاء الفاعل، وجملة أنعمت صلة الموصول لا محل لها.
﴿عَلَيْهِمْ﴾ جار ومجرور متعلقان بأنعمت. ﴿غَيْرِ﴾ صفة الذين. ﴿الْمَغْضُوبِ﴾ مضاف إليه. ﴿عَلَيْهِمْ﴾ متعلقان بالمغضوب. ﴿وَلَا﴾ الواو عاطفة، لا زائدة لتأكيد معنى النفي في غير. ﴿الضَّالِّينَ﴾ معطوف على المغضوب عليهم مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم. ﴿آمين﴾ اسم فعل أمر للدعاء ليست من الفاتحة وهي بمعنى استجب، مبني على السكون وحرك بالفتح لمناسبة الياء المكسور ما قبلها.
﴿الرَّحِيمِ﴾ وزنه فعيل وفيه كذلك معنى المبالغة.
﴿بِسْمِ﴾ جار ومجرور متعلقان بفعل محذوف تقديره ابتدئ أو بخبر محذوف تقديره ابتدائي ﴿اللَّهِ﴾ لفظ الجلالة مضاف إليه. ﴿الرَّحْمنِ﴾ صفة لله. ﴿الرَّحِيمِ﴾ صفة ثانية.
وجملة البسملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب.(١) ﴿الْحَمْدُ﴾ الثناء على الجميل بالقول. ﴿الرب﴾ المالك والسيد وقد يراد به المصلح والمربي. ﴿الْعالَمِينَ﴾ جمع عالم بفتح اللام ويراد به جميع الكائنات. ﴿يَوْمِ الدِّينِ﴾ يوم الجزاء. ﴿الصِّراطَ﴾ الطريق. وهو يذكر ويؤنث والتذكير أكثر.
﴿الْحَمْدُ﴾ مبتدأ مرفوع. ﴿لِلَّهِ﴾ لفظ الجلالة مجرور باللام ومتعلقان بخبر محذوف تقديره الحمد واجب.
﴿رَبِّ﴾ صفة لله، أو بدل منه. ﴿الْعالَمِينَ﴾ مضاف إليه مجرور بالياء لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.
﴿الرَّحْمنِ، الرَّحِيمِ﴾ صفتان لله. ﴿مالِكِ﴾ صفة ثالثة. ﴿يَوْمِ﴾ مضاف إليه. ﴿الدِّينِ﴾ مضاف إليه ثان.
﴿إِيَّاكَ﴾ ضمير نصب منفصل مبني على الفتح في محل نصب مفعول به مقدم. ﴿نَعْبُدُ﴾ فعل مضارع ﴿وَإِيَّاكَ﴾ سبق إعرابها. ﴿نَسْتَعِينُ﴾ فعل مضارع أصله نستعون استثقلوا الكسرة على الواو ونقلوها إلى العين فانقلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها. ﴿اهْدِنَا﴾ فعل أمر يراد به الدعاء مبني على حذف حرف العلة.
والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت ونا ضمير متصل في محل نصب مفعول به. ﴿الصِّراطَ﴾ اسم منصوب بنزع الخافض- أو مفعول به ثان. ﴿الْمُسْتَقِيمَ﴾ صفة للصراط، والأصل مستقوم مثل نستعين. ﴿صِراطَ﴾ بدل من الصراط- بدل كل من كل. ﴿الَّذِينَ﴾ اسم موصول مبني على الفتح في محل جر بالإضافة.
﴿أَنْعَمْتَ﴾ فعل ماض مبني على السكون، والتاء تاء الفاعل، وجملة أنعمت صلة الموصول لا محل لها.
﴿عَلَيْهِمْ﴾ جار ومجرور متعلقان بأنعمت. ﴿غَيْرِ﴾ صفة الذين. ﴿الْمَغْضُوبِ﴾ مضاف إليه. ﴿عَلَيْهِمْ﴾ متعلقان بالمغضوب. ﴿وَلَا﴾ الواو عاطفة، لا زائدة لتأكيد معنى النفي في غير. ﴿الضَّالِّينَ﴾ معطوف على المغضوب عليهم مجرور بالياء لأنه جمع مذكر سالم. ﴿آمين﴾ اسم فعل أمر للدعاء ليست من الفاتحة وهي بمعنى استجب، مبني على السكون وحرك بالفتح لمناسبة الياء المكسور ما قبلها.
(١) يرجى مراجعة المقدمة لمعرفة أسلوب الكتاب.
تحليل كلمات القرآن
﴿مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ﴾ [الفاتحة ٤]
اللباب في علوم الكتاب — ابن عادل (٨٨٠ هـ)
﴿ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِیمِ ٣ مَـٰلِكِ یَوۡمِ ٱلدِّینِ ٤﴾ [الفاتحة ٣-٤]
وقال مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّان - رَضِيَ اللهُ عَنْه -: «ثَمانُونَ أَلْفاً، أَرْبَعُون ألفا في البَحْرِ، وأربعونَ ألفا في البَرِّ» .
وقال وَهْبٌ - رَضِيَ اللهُ عَنْه -: «لله ثَمَانِيَةَ عَشرَ ألفَ عَالَمٍ، الدّنيا منها، وما العمران في الخَرَابِ إلا كفُسطاطٍ في صَحْراء» .
وقال كَعْبُ الحبارِ - رَضِيَ اللهُ عَنْه -: «لا يُحْصي عَدَدَ العَالَمِين إلاّ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -» ؛ قال تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ﴾ [المدثر: 31] .
قوله تعالى: ﴿الرحمن الرحيم﴾
نَعْتٌ أوْ بَدَلٌ - وقرئا منصوبين، ومَرْفُوعَيْنِ، وتَوْجِيهُ ذلك ما ذكر في: ﴿رَبِّ العالمين﴾ ، وتقدم الكلام على اشْتِقاقِهما في «البَسْمَلَةِ» فَأَغْنَى عن إِعَادَتِه.
قوله تعالى: ﴿مالك يَوْمِ الدين﴾
يجوزُ أنْ يكونَ صِفَةً أيضاً، أوْ بَدَلاًَ، وإن كان البدلُ بالمشتقِّ قليلاً، وهو مُشْتَقٌّ من «المُلْك» - بفتح الميم - وهو: الشَّدُّ والرَّبْطُ، قال الشاعرُ في ذلك: [الطويل]
49 - مَلَكْتُ بِهَا كَفِّي فَأَنْهَرْتُ فَتْقَهَا ... يَرَى قَائِمٌ مِنْ دُونِهَا مَا وَرَاءَهَا
ومنه: إِمْلاَكُ العَرُوسِ؛ لأنّه عَقْدٌ، ورَبْطٌ، للِّنِكاحِ.
وقُرِىءَ: «مَالِك» بالألَفِ.
قال الأَخْفَش - رَحِمَهُ اللهُ تعالى - يُقال: مَلِك بَيَّنُ المُلْكِ - بضم الميم، و «مَالِك» من «المَلِكِ» بفتح الميم وكسرها.
ورُويَ ضمُّها - أيضاً - بهذا المعنى.
وروي عن العربِ: «لِي في هَذَا الوَادي مَلْكٌ ومُلْكٌ ومِلْكٌ» مُثَلَّثُ الفاء، ولكن المعروفَ الفرقُ بَيْنَ الأَلْفَاظِ الثَّلاثَةِ:
فالمفْتُوح: الشَّدُّ والرَّبْطُ.
والمضْمُومُ: هو القَهْرُ والتسلُّطَ على من يتأتّى منه الطَاعَةُ، ويكون باسْتِحْقَاقٍ وغَيْرِه، والمقصور: هو التَّسَلُّطَ عَلَى مَنْ يتأتّى منه الطاعة ومَنْ لا يتأتى منه، ولا يكونُ إلاَّ باستحقاقٍ؛ فيكونُ بَيْنَ المقصورِ والمضمُُومِ عمومٌ وخُصوصٌ من وجه.
وقال الرَّاغِبُ: المِلْكُ أي «بالكَسْرِ» كالجِنْسُ للملك، أي «بالضَّم» فكُلُّ مِلْكٍ «بالكسر» ملك، وليس كُلُّ ملكٍ مِلْكاً، فعلى هذا يكُونُ بينما عُمُومٌ وخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، وبهذا يُعْرَفُ الفرقُ بين ملك ومالك، فَإِنَّ ملكاً مأْخُوذَةٌ مِنَ المُلْكِ بالضمِ ومالِكا مأخوذ من المِلك «بالكَسْرِ» وقيل: إنَّ الفرقَ بينهما: أنَّ المَلِكَ: اسْمُ كُلِّ مَنْ يَمْلِكُ السياسة، إِمَّا في نَفْسِه، بِالتمكُّنِ مِنْ زمام ِ قواه وصرفها عَنْ هَوَاهَا.
وإِمَّا في نَفْسِهِ وفي غَيْرِهِ، سَوَاءٌ تولى ذلك أَوْ لَمْ يتولّ.
وقد رَجَّحَ كُلُّ فَرِيقٍ إِحْدَى القِرَائَتَيْنِ على الأُخْرَى تَرْجِيحاً يكادُ يسقط القِرَاءَاتِ الأُخْرَى، وهذا غَيْرُ مَرْضيٍّ؛ لأنَّ كِلْتَيْهِما مُتَوَاتِرةٌ، ويدلُّ على ذلك ما رُوِيَ عن ثَعْلَب - رَحِمَهُ اللهُ تعالى - أنه قال: إِذَا اخْتَلَفَ الإِعْرَابُ في القرآن عن السَّبعةِ، لم أُفَضِّلُ إِعْرَابَاً على إعراب في القرآنِ، فإذا خرجتُ إلى كلامِ الناسِ، فصَّلْتُ الأَقْوَى. نقله أَبُو عَمْرو الزّاهد في «اليَوَاقيت» .
قال أَبُو شَامَة - رَحِمَهُ اللهُ: - قَدْ أَكْثَر المُصَنِّفُونَ في القراءَات والتفاسِيرِ مِنَ التّرْجِيحِ بَيْنَ هَاتَيْنِ القِرَاءَتَيْنِ، حتى أن بعضهم يبالغ في ذلك إلى حد يكاد يسقط وجه القراءة الأخرى، ولَيْسَ هذا بِمَحْمُودٍ بعد ثُبُوتِ القِرَاءَتَيْنِ، وصحَّةِ اتصافِ الربِّ - سبحانه وتعالى - بهما حتى إني أُصَلِّي بهذه في رَكْعَةٍ، وبهذه في رَكْعةٍ، ذكر ذلك عند قَوْلِهِ تعالى: مَالِك يَوْمِ الدِّين. وَرَوى الحُسَيْنُ بنُ عَليٍّ الجعفي، وعبدُ الوَارِثِ بنُ سَعِيدٍ، عَنْ اَبِي عَمْروٍ: «مَلْكِ» بِجَزْمِ اللاَّمِ على النَّعْتِ أيضاً.
وقرأ الأَعْمَشُ، ومحمدُ بنُ السّمفيع، واَبُو عَبْد الملك قاضي الجُنْد: «مَالِكَ» بنصب الكاف على النِّداءِ. روي أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال في بعض غزواته: يا مالك يوم الدين، وقُرىء بنصبِ الكَافِ من غير ألف النداء أيضاً، وهي قراءةُ عَطِيَّةَ بن قَيْس، وقرأ عَوْن العُقَيْلِيُّ بالأَلَف وَرَفْعِ الكَاف، على مَعْنَى: «هُوَ مَالِك» .
وقرأَ يَحْيَى بنُ يَعْمُر «مالك» بالإمالة والإضجاع البليغ. وقرأ أيُّوبُ السَّخْتيَانِيّ: بَيْنَ الإمَالةِ والتّفْخِيم، ورواها قُتَيْبَةُ عنِ الكِسَائي.
وقرأ الحَسَنُ «مَلَك يَوْمَ الدِّين» على الفِعْلِ، وهو اختيارُ أبِي حَنِيفَة - رضي الله تعالى عنه - ورُويتْ أيضاً عَنْ أَبِي حَيْوَة، ويَحيَى بن يعمر فمما رجحت به قراءة «مَالِكِ» أَنَّها أمْدَحُ؛ لعُمُوم إضافَتِه، إذ يُقالُ: «مَالِكُ الجِنِّ، والإِنْسِ، والطَّيْرِ» ولا يُقالُ: «مَلِك الطّيْرِ» ، وأنشدوا على ذلك: [الكامل]
50 - سُبْحَانَ مَنْ عَنَتِ [الوُجُوهُ] لِوَجْهِهِ ... مَلِكِ المُلُوكِ وَمَالِكِ العَفْوِ
وقالُوا: فُلاَنُ مَالِك كَذَا، لِمَنْ يَمْلِكُه، بخلافِ مَلِك فَإِنَّهُ يُضَافُ إلى غَيرِ المُلُوكِ نحو: «مَلِكِ العَرَب، والعَجَمِ» ، ولأَنَّ الزيادةَ في البناءِ تَدُّلُّ على الزيادةِ في المعنى، كما تقدم في «الرحمن» ولأنَّ ثواب تالِيها أَكثرُ من ثوابِ تَالِي «مَلِك» .
ومما رُجِّحَتْ به قراءَةُ «مَلِكِ» ما حكاه الفَارسيّ، عن ابن السّرَّاجِ، عَنْ بَعْضِهِم: أنه وصف [نَفْسَه] بِأنه مَالِكُ كُلِّ شَيْءٍ، بقوله: «رَبِّ العَالَمينَ» ، فَلا فَائِدَةَ في قراءَةِ مَنْ قَرَأَ «مَالِكِ» ؛ لأنها تَكْرَارٌ.
قال أَبُو عَليٍّ: ولا حُجَّةَ فِيه؛ لأنَّ في التَّنْزِيلِ مِثْلهُ كَثِيرٌ، يَذْكُرُ العَامَُّ، ثُمَّ الخَاصُّ؛ نحو: ﴿هُوَ الله الخالق البارىء المصور﴾ [الحشر: 24] .
وقال حَاتم: «مَالِكِ» أَبْلَغُ في مَدْحِ الخَالِقِ، و «مَلِكِ» أَبْلَغ في مَدْحِ المَخْلُوقِ، والفرق بَيْنَهُمَا: اَنَّ المَالِكَ مِنَ المخلوقين قد يَكُونُ غيرَ مَلِكٍ، وإذا كَانَ اللهُ - تعالى - مَلِكاً كان مالكاً [أيضاً] واختاره ابنُ العَرَبيِّ.
ومِنْهَا: أَنَّها أَعَمُّ إذ تُضَافُ للملوكِ وغَيْرِ المَمْلوكِ، بخلاف «مَالِكِ» فإنه لا يُضَاف إلاَّ لِلْمملوكِ كما تقدم، ولإشْعَارِه بالكثرةِ، ولأنه تَمَدَّحَ تعالى - بقوله تعالى - «مَالِكِ المُلْكِ» ، وبقوله تعالى: ﴿قُلِ اللهم مَالِكَ الملك﴾ [آل عمران: 26] ، ومَلِكق مأخوذٌ منه [كما تقدّم، ولم يمتدح ب «مالك المِلْك» بكسر الميم الذي «مالك» مأخوذ منه] .
وقال قَوْمٌ: «مَعْنَاهُمَا: واحِدٌ؛ مثلُ: فَرِهين وفَارِهِين، وحَذِرِين وحَاذِرِين» .
ويُقالُ: المَلِكِ والمالِكِ: هو القَادِرُ على اختراع الأعيان من العَدَمِ إلى الوجود، ولا يَقْدِرُ عليه أحد غير الله تعالى. وجمع «مَالِكِ» : مُلاَّك ومُلَّك، وجَمْعُ «مَلِك» : أَمْلاَك ومُلُوك.
وقُرِىء: «مَلْك» بسكون اللاّم، ومنه قول الشاعر: [الوافر]
51 - ... - وَأَيَّامٍ لَنَا غُرٍ طوَالٍ عَصَيْنَا المَلْكَ فِيهَا أَنْ نَدِينَا
كما يُقالُ: فَخِذٌ وفَخْذٌ، وجَمْعُه على هذا: أَمْلُك ومُلُوك، قاله مَكِّيٌّ رَحِمَهُ اللهُ.
و «مَلِيك» ، ومنه: الكامل
52 - فَاقْنَعْ بِمَا قَسَمَ المَلِيكُ فَإِنَّمَا ... قَسَمَ الخَلاَئِقَ بَيْنَنَا عَلاَّمُهَا
و «مَلَكي» بالإشْبَاعِ، وتُرْوَى عن نَافِع - رَحِمَهُ اللهُ -.
إذا عُرِفَ هذا فيكونُ «مَلِك» نعتاً لله - تعالى - ظاهراً، فإنه معرفة بالإضافة.
وأما «مَالِك» فإِنْ أُرِيدَ به مَعْنَى المُضّيِ، فجعلُه نَعْتاً واضِحٌ أيضاً؛ لأن إضافَتَه مَحْضَة فيتعرَّفُ بها، ويُؤيّد كونَهُ ماضِيَ المَعْنَى قِراءةُ من قرأ: «مضلَكَ يَوْمَ الدِّينِ» فجعل «مَلَكَ» فِعْلاً مَاضِياً، وإن أُرِيد به الحالُ، أو الاستقبالُ [فَيُشَكِلُ؛ لأنه: إِمَّا أنْ يُجْعَلَ نعتاً لله، ولا يجوزُ؛ لأنَّ إضافَةَ اسمِ الفاعلِ بمعنى الحالِ، أو الاستقبال] غَيْرُ محضةٍ، فلا يُعْرَف، وإذا لم يتعرَّفْ، فلا يكون نعتاً لمعرفةٍ؛ لما عرفت فيه تقدم من اشتراط الموافقة تَعْرِيفاً وتنكيراً.
وإِمَّا أنْ يُجْعَلَ بَدَلاً، وهو ضَعيفٌ، لأن البدل بالمشتقاتِ نادِرٌ كما تقدم.
والذي يَنْبَغِي أنْ يُقالَ: إنه نعت على مَعْنَى أنَّ تَقْييدَهُ بالزمانِ غَيْرُ مُعْتَبِرٍ؛ لأَنَّ الموصوفَ إِذَا عُرِّفَ بِوَصْفٍ كان تقييدُه بزمانٍ غير معتبرٍ، فكان المعنى - والله أعلم - أنه متَّصِفٌ بمالك يوم الدِّين مطلقاً من غير نظر إِلَى مُضِيٍّ وَلاَ حَالٍ، ولاَ اسْتِقْبالٍ، وهذا مَالَ إلَيهِ الزمخشريُّ رحمة الله تعالى.
وإضافَةُ «مَالِكِ» و «مَلِكِ» إلى «يَوْمِ الدِّينِ» مِنْ بَابِ الاتِّساعِ؛ إذْ متعلّقهما غيرُ اليومِ، والتقديرُ: مَالِكِ الأَمْرِ كُلِّهِ يَوْم الدِّينِ.
ونظيرُ إِضَافَةِ «مَالِكٍ» إلى الظَّرْفِ - هُنَا - نَظِيرُ إِضَافَةِ «طَبَّاخٍ» إلى «ساعات» في قول الشاعر: [الرجز]
53 - رُبَّ ابْنِ عَمِّ لِسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ ... طَبَّاخِ سَاعَاتِ الكَرَى زَادَ الكَسَلْ
إِلاَّ أَنَّ المَفْعُولَ في البيت مَذْكُورٌ - وهو «زادَ الكَسِلْ» ، وف الآية الكريمةِ غيرُ مذكورٍ؛ للدلاَلةِ علَيه.
ويجوزُ أَنْ يكونَ الكَلاَمُ [على ظاهِرِه] من غيرَ تَقْدِيرِ حَذْفٍ.
ونسْبَةُ «المِلك» والمُلْك «إلى الزمان في حَقِّ اللهِ - تعالى - غَيْرُ مُشْكِلِةٍ، ويُؤيِّدُه ظاهرُ قِرِاءَةِ مَنْ قَرأ:» مَلَكَ يَوْمَ الدّين «فِعْلاً ماضياً، فإن ظاهِرَهَا كونُ» يَوْمَ «مَفْعُولاً به والإضافةُ على مَعْنَى» اللامِ «، لأنَّها الأصل.
ومِنْهم مضنْ جَعلها في هذا النحو على معنى» في «مُسْتَنِداً إلَى ظاهِرِ قَولِهِ تبارك وتعالى: ﴿بَلْ مَكْرُ الليل والنهار﴾ [سبأ: 33] قال: المعنى» مَكْرٌ في اللَّيْلِ «إذ اللَّيلُ لاَ يُوصَفُ بالمكرِ، إنما يُوصَفُ بِه العُقَلاَءُ، فالمَكْرُ واقِعٌ فيه.
والمشهورُ أَنَّ الإضافَةَ: إِمَّا على معنى» اللامِ «وإما على مَعْنى [مِنْ] ، وكونٌُها بمعنى» في «غَيْرُ صَحِيحٍ.
وأَمَّا قولُه تعالى:» مَكْرُ اللَّيْلِ» فلا دَلاَلَةَ فِيه؛ لأنَّ هذا من بَابِ البَلاَغَةِ، وهو التَّجوزُ في أَنْ جَعَلَ ليلهم ونهارهم ماكِرَيْنِ مبالغةً في كَثْرة وقوعه منهم فيهما؛ فهو نَظيرُ قَوْلِهِمْ: نَهَارُهُ صَائِم، ولَيْلُهُ قَائِم؛ وقول الشاعر في ذلك البيت: [البسيط]
54 - أَمَّا النَّهَارُ فَفِي قَيْد وَسِلْسِلَةٍ ... وَاللَّيْلِ فِي بَطْنِ مَنْحُوتٍ مِنَ السَّاجِ
لما كانت هذه الأشياءُ يكْثُر وقُوعها في هذه الظروفِ، وَصَفُوهَا بها مُبَالغةً في ذلك، وهو مَذْهَبٌ مَشْهُورٌ في كَلاَمِهِمْ.
و «اليَوْمُ» لُغَةً: القِطْعَةُ مِنَ الزَّمَانِ، أيَِّ زَمَنٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ وَنَهار؛ قال الله تبارك وتعالى: ﴿والتفت الساق بالساق إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المساق﴾ [القيامة: 29 و30] وذلك كنايةٌ عن احتضار الموتى، وهو لا يختَصُّ بِلَيْلٍ ولا نَهَار. وأما في العُرْف: فهو من طُلُوعِ الفَجْرِ إلى غُرُوبِ الشمس.
وقال الرَّاغِبُ: «اليوم» يُعَبَّرُ به عن وَقْتِ طُلُوعِ الشمسِ إلى [غُرُوبِها] .
وهذا إنَّما ذكرُوهُ في النَّهارِ لا في اليَوم، وجعلوا الفرقَ بينهما ما ذكرتُ، وقد يُطْلَقُ اليوم على السَّاعةِ، قال تبارك وتعالى: ﴿اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة: 3] ، وربما عُبِّرَ عَنِ الشِّدَّةِ باليومِ، يُقالُ يَوْمٌ أَيَوْمٌ؛ كما يُقالُ: لَيْلَةٌ لَيْلاَءُ. ذكره القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى. و «الدِّينِ» مضافٌ إِلَيْه أَيْضاً، والمرادُ به - هنا - الجَزَاءُ؛ ومنهُ قولُ الشاعر: [الهزج]
55 - وَلَمْ يَبْقَ سِوَى العُدْوَا ... نِ دِنَّاهُمْ كَمَا دَانُوا أي: جَازيْنَاهُمْ كما جَازَوْنَا.
وقال آخَرُ في ذلك: [الكامل]
56 - وَاعْلَمْ يَقِيناً أَنَّ مُلْكَكَ زَائلٌ ... وَاعْلَمْ بَأَنَّ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ
ومثله: [المتقارب]
57 - إِذَا مَا رَمَوْنَا رَمَيْنَاهُمُ ... وَدِنَّاهُمْ مِثْلَ مَا يَقْرِضُونا
ومثله [الطويل]
58 - حَصَادَكَ يَوْمَاً مَا زَرَعْتَ وإِنَّمَا ... يُدانُ [الفَتَى] يَوْماً كَمَا هُوَ دَائِنُ
وقال ابنُ عباسٍ - رضي الله تَعَالَى عنهما - ومُقاتِلٌ والسُُّدَّيِّ: «مَالِكِ يَوْمِ لدِّينِ» : قَاضِي يَوْمِ الحِسَابِ؛ قال تعالى: ﴿ذلك الدين القيم﴾ [التوبة: 36] . أي الحسابُ المستقيمُ.
وقال قَتَادَةُ: «الدِّين: الجَزَاءُ ويقعُ على الجزاءِ في الخَيْرِ والشَّرِّ جمِيعاً» .
وقال مُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِي: «مَالِكِ يَوْمِ الدِّين، يوم لا ينفعُ فيه إلاََّ الدِّين» .
وقيل: الدين القَهْرُ: يُقالُ: دِنْتُهُ فَدَانَ أي: قَهَرْتُهُ فذلّ.
وقيل: الدينُ الطاعَةُ؛ ومنه: «وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً» ، أيْ: طَاعَةٌ، وله مَعَاٍ أُخَرُ: العادَةُ؛ كقولِهِ هذا البيت: [الطويل]
59 - كَدِينِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلِهَا ... وَجَارَتِهَا أُمِّ الرِّبابِ بمَأْسَلِ
أَيْ: كَعَادَتِكِ. ومثله: [الوافر]
60 - تَقُولُ وَقَدْ دَرَأْتُ لَهَا وَضِينِي ... أَهَذَا دِينُهُ أَبَداً وَدينِي
ودَانَ: عَصَى وأطاعَ: وذَلَّ وعَزَّ، فهو من الأضدَادِ [قاله ثعلب] .
والقضاءُ؛ ومنه قولُه تبارك وتعالى: ﴿وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله﴾ [النور: 2] ، أَيْ: في قَضَائِهِ وحُكْمِهِ.
والحَالُ؛ سُئِلَ بعضُ الأعرابِ فقال: «لو كنتُ على دِينٍ غير هذه، لأَجَبْتُكَ» ، أَيْ: على حَالَةٍ.
والدَّاءُ؛ ومنه قولُ الشاعرِ في ذلك: [البسيط]
61 - يَا دِينَ قَلبِكَ مِنْ سَلْمَى وَقَدْ دِينَا ... ويُقالُ: جِنْتُهُ بفعله أَدِينُه دَيْناً أَدِينُه دَيْناً وَدِيناً - بفتح الدَّال وكَسْرِها في المصدر - أيْ: جَازَيْتُه.
﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: 85] .
ويُقَالُ: دِينُ فُلاَنٌ يُدَانُ إذا حُمِلَ على مَكْروهٍ، ومنه قِيل للعبدِ: مَدِين، ولِلأَمَةِ: مَدِينَة. وقِيل: هو من دِنْتُهُ: إذا جازيته بطاعته، وجعل بعضُهم «المَدِينَة» مِنْ هذا البابِ قاله الرَّاغِبُ، وسيأتي تحقيقُ هذه اللفظةِ عند ذكرها إِن شاء الله تعالى.
وإنما خُصَّ «يوم الدين» بالذكر مع كونِه مالِكا للأيّام كُلِّها؛ لأنَّ الأَمْلاَكَ يومئذَ زائِلة، فلا مُلْكَ ولاَ أَمْرَ إِلاَّ لَه؛ قال الله تعالى: ﴿الملك يَوْمَئِذٍ الحق للرحمن﴾ [الفرقان: 26] ، وقال: ﴿لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار﴾ [غافر: 16] ، وقال تعالى: ﴿والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الانفطار: 19] . * فصل فيمن قرأ بالإدغام هنا
قرأ أَبُو عَمْرو - رَحِمَهُ اللهُ تعالى: - «الرَّحِيم ملك» بإدغام الميمِ في الميمِ، وكذلك يُدْغِمُ كُلُّ حَرْفَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، أَوْ مَخْرج واحد، أو [كانا] قرِيبَي المَخْرج، سواءٌ كانَ الحرفُ سَاكِناً أَوْ مُتَحَرِّكاً، إلاُّ أَنْ يَكُونَ الحرفُ الأوَّلُ مُشَدَّداً، أَوْ مُنَوَّناً، أَوْ مَنْقُوصاً أَوْ مَفْتُوحاً، أوْ تَاءَ الخِطَابِ قبلَه ساكِن في غَيْرِ المِثْلَين، فإنه لا يدغمها وإدغامُ المتحرك يَكُونُ في الإدغَامِ الكَبيرِ، وافَقه حَمْزَة من إدغام المتحركِ في قوله تعالى: ﴿بَيَّتَ طَآئِفَةٌ﴾ [النساء: 81] [الصافات: 1 و2 و3] ، ﴿والذاريات ذَرْواً﴾ [الذاريات: 1] .
وأَدْغَمَ التاءَ فيما بعدَها من الحُرُوف وافَقَهُ حَمْزَةُ بروايةَ رَجَاء، وخَلَف، والكِسَائِي [في إدغام الساكن في المتحرك] إِلاَّ في الراءِ عند اللام، والدال عند الجيم، وكذلك لا يُدْغِمُ حَمْزَةُ الدَّالَ عند السين والصاد والزاي، ولا إدغام لسائر القراء إلاّ في أحرف معدودة. * فصل في كلام القدرية والجبرية
قال ابنُ الخَطِيب: قالتِ القدريَّةُ: إن كان خَالِقَ أَفْعالِ العبادِ، هو الله - تعالى - امتنع القول بالثواب، والعقاب، والجزاءِ، لأن الثوابَ للرّجل على ما لم يعملْ عَبَث، وعقابه على ما لم يعمل ظُلْمٌ وعلى هَذا التقديرِ، فيبطل كونه مَالِكاً ليوم الدين.
وقالت الجبريةُ: لو لم تَكُنْ أعمالُ العبادِ بتقدير الله وترجيحه، لم يكن مالكاً لها، ولما أَجْمَعَ المسلِمُون على كونه مَالِكاً للعباد، ولأعمالِهم، عَلِمْنَا أَنَّهُ حالقٌ لها مقدرٌ لَهَا.
وقال وَهْبٌ - رَضِيَ اللهُ عَنْه -: «لله ثَمَانِيَةَ عَشرَ ألفَ عَالَمٍ، الدّنيا منها، وما العمران في الخَرَابِ إلا كفُسطاطٍ في صَحْراء» .
وقال كَعْبُ الحبارِ - رَضِيَ اللهُ عَنْه -: «لا يُحْصي عَدَدَ العَالَمِين إلاّ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -» ؛ قال تعالى: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ﴾ [المدثر: 31] .
قوله تعالى: ﴿الرحمن الرحيم﴾
نَعْتٌ أوْ بَدَلٌ - وقرئا منصوبين، ومَرْفُوعَيْنِ، وتَوْجِيهُ ذلك ما ذكر في: ﴿رَبِّ العالمين﴾ ، وتقدم الكلام على اشْتِقاقِهما في «البَسْمَلَةِ» فَأَغْنَى عن إِعَادَتِه.
قوله تعالى: ﴿مالك يَوْمِ الدين﴾
يجوزُ أنْ يكونَ صِفَةً أيضاً، أوْ بَدَلاًَ، وإن كان البدلُ بالمشتقِّ قليلاً، وهو مُشْتَقٌّ من «المُلْك» - بفتح الميم - وهو: الشَّدُّ والرَّبْطُ، قال الشاعرُ في ذلك: [الطويل]
49 - مَلَكْتُ بِهَا كَفِّي فَأَنْهَرْتُ فَتْقَهَا ... يَرَى قَائِمٌ مِنْ دُونِهَا مَا وَرَاءَهَا
ومنه: إِمْلاَكُ العَرُوسِ؛ لأنّه عَقْدٌ، ورَبْطٌ، للِّنِكاحِ.
وقُرِىءَ: «مَالِك» بالألَفِ.
قال الأَخْفَش - رَحِمَهُ اللهُ تعالى - يُقال: مَلِك بَيَّنُ المُلْكِ - بضم الميم، و «مَالِك» من «المَلِكِ» بفتح الميم وكسرها.
ورُويَ ضمُّها - أيضاً - بهذا المعنى.
وروي عن العربِ: «لِي في هَذَا الوَادي مَلْكٌ ومُلْكٌ ومِلْكٌ» مُثَلَّثُ الفاء، ولكن المعروفَ الفرقُ بَيْنَ الأَلْفَاظِ الثَّلاثَةِ:
فالمفْتُوح: الشَّدُّ والرَّبْطُ.
والمضْمُومُ: هو القَهْرُ والتسلُّطَ على من يتأتّى منه الطَاعَةُ، ويكون باسْتِحْقَاقٍ وغَيْرِه، والمقصور: هو التَّسَلُّطَ عَلَى مَنْ يتأتّى منه الطاعة ومَنْ لا يتأتى منه، ولا يكونُ إلاَّ باستحقاقٍ؛ فيكونُ بَيْنَ المقصورِ والمضمُُومِ عمومٌ وخُصوصٌ من وجه.
وقال الرَّاغِبُ: المِلْكُ أي «بالكَسْرِ» كالجِنْسُ للملك، أي «بالضَّم» فكُلُّ مِلْكٍ «بالكسر» ملك، وليس كُلُّ ملكٍ مِلْكاً، فعلى هذا يكُونُ بينما عُمُومٌ وخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، وبهذا يُعْرَفُ الفرقُ بين ملك ومالك، فَإِنَّ ملكاً مأْخُوذَةٌ مِنَ المُلْكِ بالضمِ ومالِكا مأخوذ من المِلك «بالكَسْرِ» وقيل: إنَّ الفرقَ بينهما: أنَّ المَلِكَ: اسْمُ كُلِّ مَنْ يَمْلِكُ السياسة، إِمَّا في نَفْسِه، بِالتمكُّنِ مِنْ زمام ِ قواه وصرفها عَنْ هَوَاهَا.
وإِمَّا في نَفْسِهِ وفي غَيْرِهِ، سَوَاءٌ تولى ذلك أَوْ لَمْ يتولّ.
وقد رَجَّحَ كُلُّ فَرِيقٍ إِحْدَى القِرَائَتَيْنِ على الأُخْرَى تَرْجِيحاً يكادُ يسقط القِرَاءَاتِ الأُخْرَى، وهذا غَيْرُ مَرْضيٍّ؛ لأنَّ كِلْتَيْهِما مُتَوَاتِرةٌ، ويدلُّ على ذلك ما رُوِيَ عن ثَعْلَب - رَحِمَهُ اللهُ تعالى - أنه قال: إِذَا اخْتَلَفَ الإِعْرَابُ في القرآن عن السَّبعةِ، لم أُفَضِّلُ إِعْرَابَاً على إعراب في القرآنِ، فإذا خرجتُ إلى كلامِ الناسِ، فصَّلْتُ الأَقْوَى. نقله أَبُو عَمْرو الزّاهد في «اليَوَاقيت» .
قال أَبُو شَامَة - رَحِمَهُ اللهُ: - قَدْ أَكْثَر المُصَنِّفُونَ في القراءَات والتفاسِيرِ مِنَ التّرْجِيحِ بَيْنَ هَاتَيْنِ القِرَاءَتَيْنِ، حتى أن بعضهم يبالغ في ذلك إلى حد يكاد يسقط وجه القراءة الأخرى، ولَيْسَ هذا بِمَحْمُودٍ بعد ثُبُوتِ القِرَاءَتَيْنِ، وصحَّةِ اتصافِ الربِّ - سبحانه وتعالى - بهما حتى إني أُصَلِّي بهذه في رَكْعَةٍ، وبهذه في رَكْعةٍ، ذكر ذلك عند قَوْلِهِ تعالى: مَالِك يَوْمِ الدِّين. وَرَوى الحُسَيْنُ بنُ عَليٍّ الجعفي، وعبدُ الوَارِثِ بنُ سَعِيدٍ، عَنْ اَبِي عَمْروٍ: «مَلْكِ» بِجَزْمِ اللاَّمِ على النَّعْتِ أيضاً.
وقرأ الأَعْمَشُ، ومحمدُ بنُ السّمفيع، واَبُو عَبْد الملك قاضي الجُنْد: «مَالِكَ» بنصب الكاف على النِّداءِ. روي أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال في بعض غزواته: يا مالك يوم الدين، وقُرىء بنصبِ الكَافِ من غير ألف النداء أيضاً، وهي قراءةُ عَطِيَّةَ بن قَيْس، وقرأ عَوْن العُقَيْلِيُّ بالأَلَف وَرَفْعِ الكَاف، على مَعْنَى: «هُوَ مَالِك» .
وقرأَ يَحْيَى بنُ يَعْمُر «مالك» بالإمالة والإضجاع البليغ. وقرأ أيُّوبُ السَّخْتيَانِيّ: بَيْنَ الإمَالةِ والتّفْخِيم، ورواها قُتَيْبَةُ عنِ الكِسَائي.
وقرأ الحَسَنُ «مَلَك يَوْمَ الدِّين» على الفِعْلِ، وهو اختيارُ أبِي حَنِيفَة - رضي الله تعالى عنه - ورُويتْ أيضاً عَنْ أَبِي حَيْوَة، ويَحيَى بن يعمر فمما رجحت به قراءة «مَالِكِ» أَنَّها أمْدَحُ؛ لعُمُوم إضافَتِه، إذ يُقالُ: «مَالِكُ الجِنِّ، والإِنْسِ، والطَّيْرِ» ولا يُقالُ: «مَلِك الطّيْرِ» ، وأنشدوا على ذلك: [الكامل]
50 - سُبْحَانَ مَنْ عَنَتِ [الوُجُوهُ] لِوَجْهِهِ ... مَلِكِ المُلُوكِ وَمَالِكِ العَفْوِ
وقالُوا: فُلاَنُ مَالِك كَذَا، لِمَنْ يَمْلِكُه، بخلافِ مَلِك فَإِنَّهُ يُضَافُ إلى غَيرِ المُلُوكِ نحو: «مَلِكِ العَرَب، والعَجَمِ» ، ولأَنَّ الزيادةَ في البناءِ تَدُّلُّ على الزيادةِ في المعنى، كما تقدم في «الرحمن» ولأنَّ ثواب تالِيها أَكثرُ من ثوابِ تَالِي «مَلِك» .
ومما رُجِّحَتْ به قراءَةُ «مَلِكِ» ما حكاه الفَارسيّ، عن ابن السّرَّاجِ، عَنْ بَعْضِهِم: أنه وصف [نَفْسَه] بِأنه مَالِكُ كُلِّ شَيْءٍ، بقوله: «رَبِّ العَالَمينَ» ، فَلا فَائِدَةَ في قراءَةِ مَنْ قَرَأَ «مَالِكِ» ؛ لأنها تَكْرَارٌ.
قال أَبُو عَليٍّ: ولا حُجَّةَ فِيه؛ لأنَّ في التَّنْزِيلِ مِثْلهُ كَثِيرٌ، يَذْكُرُ العَامَُّ، ثُمَّ الخَاصُّ؛ نحو: ﴿هُوَ الله الخالق البارىء المصور﴾ [الحشر: 24] .
وقال حَاتم: «مَالِكِ» أَبْلَغُ في مَدْحِ الخَالِقِ، و «مَلِكِ» أَبْلَغ في مَدْحِ المَخْلُوقِ، والفرق بَيْنَهُمَا: اَنَّ المَالِكَ مِنَ المخلوقين قد يَكُونُ غيرَ مَلِكٍ، وإذا كَانَ اللهُ - تعالى - مَلِكاً كان مالكاً [أيضاً] واختاره ابنُ العَرَبيِّ.
ومِنْهَا: أَنَّها أَعَمُّ إذ تُضَافُ للملوكِ وغَيْرِ المَمْلوكِ، بخلاف «مَالِكِ» فإنه لا يُضَاف إلاَّ لِلْمملوكِ كما تقدم، ولإشْعَارِه بالكثرةِ، ولأنه تَمَدَّحَ تعالى - بقوله تعالى - «مَالِكِ المُلْكِ» ، وبقوله تعالى: ﴿قُلِ اللهم مَالِكَ الملك﴾ [آل عمران: 26] ، ومَلِكق مأخوذٌ منه [كما تقدّم، ولم يمتدح ب «مالك المِلْك» بكسر الميم الذي «مالك» مأخوذ منه] .
وقال قَوْمٌ: «مَعْنَاهُمَا: واحِدٌ؛ مثلُ: فَرِهين وفَارِهِين، وحَذِرِين وحَاذِرِين» .
ويُقالُ: المَلِكِ والمالِكِ: هو القَادِرُ على اختراع الأعيان من العَدَمِ إلى الوجود، ولا يَقْدِرُ عليه أحد غير الله تعالى. وجمع «مَالِكِ» : مُلاَّك ومُلَّك، وجَمْعُ «مَلِك» : أَمْلاَك ومُلُوك.
وقُرِىء: «مَلْك» بسكون اللاّم، ومنه قول الشاعر: [الوافر]
51 - ... - وَأَيَّامٍ لَنَا غُرٍ طوَالٍ عَصَيْنَا المَلْكَ فِيهَا أَنْ نَدِينَا
كما يُقالُ: فَخِذٌ وفَخْذٌ، وجَمْعُه على هذا: أَمْلُك ومُلُوك، قاله مَكِّيٌّ رَحِمَهُ اللهُ.
و «مَلِيك» ، ومنه: الكامل
52 - فَاقْنَعْ بِمَا قَسَمَ المَلِيكُ فَإِنَّمَا ... قَسَمَ الخَلاَئِقَ بَيْنَنَا عَلاَّمُهَا
و «مَلَكي» بالإشْبَاعِ، وتُرْوَى عن نَافِع - رَحِمَهُ اللهُ -.
إذا عُرِفَ هذا فيكونُ «مَلِك» نعتاً لله - تعالى - ظاهراً، فإنه معرفة بالإضافة.
وأما «مَالِك» فإِنْ أُرِيدَ به مَعْنَى المُضّيِ، فجعلُه نَعْتاً واضِحٌ أيضاً؛ لأن إضافَتَه مَحْضَة فيتعرَّفُ بها، ويُؤيّد كونَهُ ماضِيَ المَعْنَى قِراءةُ من قرأ: «مضلَكَ يَوْمَ الدِّينِ» فجعل «مَلَكَ» فِعْلاً مَاضِياً، وإن أُرِيد به الحالُ، أو الاستقبالُ [فَيُشَكِلُ؛ لأنه: إِمَّا أنْ يُجْعَلَ نعتاً لله، ولا يجوزُ؛ لأنَّ إضافَةَ اسمِ الفاعلِ بمعنى الحالِ، أو الاستقبال] غَيْرُ محضةٍ، فلا يُعْرَف، وإذا لم يتعرَّفْ، فلا يكون نعتاً لمعرفةٍ؛ لما عرفت فيه تقدم من اشتراط الموافقة تَعْرِيفاً وتنكيراً.
وإِمَّا أنْ يُجْعَلَ بَدَلاً، وهو ضَعيفٌ، لأن البدل بالمشتقاتِ نادِرٌ كما تقدم.
والذي يَنْبَغِي أنْ يُقالَ: إنه نعت على مَعْنَى أنَّ تَقْييدَهُ بالزمانِ غَيْرُ مُعْتَبِرٍ؛ لأَنَّ الموصوفَ إِذَا عُرِّفَ بِوَصْفٍ كان تقييدُه بزمانٍ غير معتبرٍ، فكان المعنى - والله أعلم - أنه متَّصِفٌ بمالك يوم الدِّين مطلقاً من غير نظر إِلَى مُضِيٍّ وَلاَ حَالٍ، ولاَ اسْتِقْبالٍ، وهذا مَالَ إلَيهِ الزمخشريُّ رحمة الله تعالى.
وإضافَةُ «مَالِكِ» و «مَلِكِ» إلى «يَوْمِ الدِّينِ» مِنْ بَابِ الاتِّساعِ؛ إذْ متعلّقهما غيرُ اليومِ، والتقديرُ: مَالِكِ الأَمْرِ كُلِّهِ يَوْم الدِّينِ.
ونظيرُ إِضَافَةِ «مَالِكٍ» إلى الظَّرْفِ - هُنَا - نَظِيرُ إِضَافَةِ «طَبَّاخٍ» إلى «ساعات» في قول الشاعر: [الرجز]
53 - رُبَّ ابْنِ عَمِّ لِسُلَيْمَى مُشْمَعِلْ ... طَبَّاخِ سَاعَاتِ الكَرَى زَادَ الكَسَلْ
إِلاَّ أَنَّ المَفْعُولَ في البيت مَذْكُورٌ - وهو «زادَ الكَسِلْ» ، وف الآية الكريمةِ غيرُ مذكورٍ؛ للدلاَلةِ علَيه.
ويجوزُ أَنْ يكونَ الكَلاَمُ [على ظاهِرِه] من غيرَ تَقْدِيرِ حَذْفٍ.
ونسْبَةُ «المِلك» والمُلْك «إلى الزمان في حَقِّ اللهِ - تعالى - غَيْرُ مُشْكِلِةٍ، ويُؤيِّدُه ظاهرُ قِرِاءَةِ مَنْ قَرأ:» مَلَكَ يَوْمَ الدّين «فِعْلاً ماضياً، فإن ظاهِرَهَا كونُ» يَوْمَ «مَفْعُولاً به والإضافةُ على مَعْنَى» اللامِ «، لأنَّها الأصل.
ومِنْهم مضنْ جَعلها في هذا النحو على معنى» في «مُسْتَنِداً إلَى ظاهِرِ قَولِهِ تبارك وتعالى: ﴿بَلْ مَكْرُ الليل والنهار﴾ [سبأ: 33] قال: المعنى» مَكْرٌ في اللَّيْلِ «إذ اللَّيلُ لاَ يُوصَفُ بالمكرِ، إنما يُوصَفُ بِه العُقَلاَءُ، فالمَكْرُ واقِعٌ فيه.
والمشهورُ أَنَّ الإضافَةَ: إِمَّا على معنى» اللامِ «وإما على مَعْنى [مِنْ] ، وكونٌُها بمعنى» في «غَيْرُ صَحِيحٍ.
وأَمَّا قولُه تعالى:» مَكْرُ اللَّيْلِ» فلا دَلاَلَةَ فِيه؛ لأنَّ هذا من بَابِ البَلاَغَةِ، وهو التَّجوزُ في أَنْ جَعَلَ ليلهم ونهارهم ماكِرَيْنِ مبالغةً في كَثْرة وقوعه منهم فيهما؛ فهو نَظيرُ قَوْلِهِمْ: نَهَارُهُ صَائِم، ولَيْلُهُ قَائِم؛ وقول الشاعر في ذلك البيت: [البسيط]
54 - أَمَّا النَّهَارُ فَفِي قَيْد وَسِلْسِلَةٍ ... وَاللَّيْلِ فِي بَطْنِ مَنْحُوتٍ مِنَ السَّاجِ
لما كانت هذه الأشياءُ يكْثُر وقُوعها في هذه الظروفِ، وَصَفُوهَا بها مُبَالغةً في ذلك، وهو مَذْهَبٌ مَشْهُورٌ في كَلاَمِهِمْ.
و «اليَوْمُ» لُغَةً: القِطْعَةُ مِنَ الزَّمَانِ، أيَِّ زَمَنٍ كَانَ مِنْ لَيْلٍ وَنَهار؛ قال الله تبارك وتعالى: ﴿والتفت الساق بالساق إلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ المساق﴾ [القيامة: 29 و30] وذلك كنايةٌ عن احتضار الموتى، وهو لا يختَصُّ بِلَيْلٍ ولا نَهَار. وأما في العُرْف: فهو من طُلُوعِ الفَجْرِ إلى غُرُوبِ الشمس.
وقال الرَّاغِبُ: «اليوم» يُعَبَّرُ به عن وَقْتِ طُلُوعِ الشمسِ إلى [غُرُوبِها] .
وهذا إنَّما ذكرُوهُ في النَّهارِ لا في اليَوم، وجعلوا الفرقَ بينهما ما ذكرتُ، وقد يُطْلَقُ اليوم على السَّاعةِ، قال تبارك وتعالى: ﴿اليوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ [المائدة: 3] ، وربما عُبِّرَ عَنِ الشِّدَّةِ باليومِ، يُقالُ يَوْمٌ أَيَوْمٌ؛ كما يُقالُ: لَيْلَةٌ لَيْلاَءُ. ذكره القُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى. و «الدِّينِ» مضافٌ إِلَيْه أَيْضاً، والمرادُ به - هنا - الجَزَاءُ؛ ومنهُ قولُ الشاعر: [الهزج]
55 - وَلَمْ يَبْقَ سِوَى العُدْوَا ... نِ دِنَّاهُمْ كَمَا دَانُوا أي: جَازيْنَاهُمْ كما جَازَوْنَا.
وقال آخَرُ في ذلك: [الكامل]
56 - وَاعْلَمْ يَقِيناً أَنَّ مُلْكَكَ زَائلٌ ... وَاعْلَمْ بَأَنَّ كَمَا تَدِينُ تُدَانُ
ومثله: [المتقارب]
57 - إِذَا مَا رَمَوْنَا رَمَيْنَاهُمُ ... وَدِنَّاهُمْ مِثْلَ مَا يَقْرِضُونا
ومثله [الطويل]
58 - حَصَادَكَ يَوْمَاً مَا زَرَعْتَ وإِنَّمَا ... يُدانُ [الفَتَى] يَوْماً كَمَا هُوَ دَائِنُ
وقال ابنُ عباسٍ - رضي الله تَعَالَى عنهما - ومُقاتِلٌ والسُُّدَّيِّ: «مَالِكِ يَوْمِ لدِّينِ» : قَاضِي يَوْمِ الحِسَابِ؛ قال تعالى: ﴿ذلك الدين القيم﴾ [التوبة: 36] . أي الحسابُ المستقيمُ.
وقال قَتَادَةُ: «الدِّين: الجَزَاءُ ويقعُ على الجزاءِ في الخَيْرِ والشَّرِّ جمِيعاً» .
وقال مُحَمَّدُ بنُ كَعْبٍ القُرَظِي: «مَالِكِ يَوْمِ الدِّين، يوم لا ينفعُ فيه إلاََّ الدِّين» .
وقيل: الدين القَهْرُ: يُقالُ: دِنْتُهُ فَدَانَ أي: قَهَرْتُهُ فذلّ.
وقيل: الدينُ الطاعَةُ؛ ومنه: «وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً» ، أيْ: طَاعَةٌ، وله مَعَاٍ أُخَرُ: العادَةُ؛ كقولِهِ هذا البيت: [الطويل]
59 - كَدِينِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلِهَا ... وَجَارَتِهَا أُمِّ الرِّبابِ بمَأْسَلِ
أَيْ: كَعَادَتِكِ. ومثله: [الوافر]
60 - تَقُولُ وَقَدْ دَرَأْتُ لَهَا وَضِينِي ... أَهَذَا دِينُهُ أَبَداً وَدينِي
ودَانَ: عَصَى وأطاعَ: وذَلَّ وعَزَّ، فهو من الأضدَادِ [قاله ثعلب] .
والقضاءُ؛ ومنه قولُه تبارك وتعالى: ﴿وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله﴾ [النور: 2] ، أَيْ: في قَضَائِهِ وحُكْمِهِ.
والحَالُ؛ سُئِلَ بعضُ الأعرابِ فقال: «لو كنتُ على دِينٍ غير هذه، لأَجَبْتُكَ» ، أَيْ: على حَالَةٍ.
والدَّاءُ؛ ومنه قولُ الشاعرِ في ذلك: [البسيط]
61 - يَا دِينَ قَلبِكَ مِنْ سَلْمَى وَقَدْ دِينَا ... ويُقالُ: جِنْتُهُ بفعله أَدِينُه دَيْناً أَدِينُه دَيْناً وَدِيناً - بفتح الدَّال وكَسْرِها في المصدر - أيْ: جَازَيْتُه.
﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: 85] .
ويُقَالُ: دِينُ فُلاَنٌ يُدَانُ إذا حُمِلَ على مَكْروهٍ، ومنه قِيل للعبدِ: مَدِين، ولِلأَمَةِ: مَدِينَة. وقِيل: هو من دِنْتُهُ: إذا جازيته بطاعته، وجعل بعضُهم «المَدِينَة» مِنْ هذا البابِ قاله الرَّاغِبُ، وسيأتي تحقيقُ هذه اللفظةِ عند ذكرها إِن شاء الله تعالى.
وإنما خُصَّ «يوم الدين» بالذكر مع كونِه مالِكا للأيّام كُلِّها؛ لأنَّ الأَمْلاَكَ يومئذَ زائِلة، فلا مُلْكَ ولاَ أَمْرَ إِلاَّ لَه؛ قال الله تعالى: ﴿الملك يَوْمَئِذٍ الحق للرحمن﴾ [الفرقان: 26] ، وقال: ﴿لِّمَنِ الملك اليوم لِلَّهِ الواحد القهار﴾ [غافر: 16] ، وقال تعالى: ﴿والأمر يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ﴾ [الانفطار: 19] . * فصل فيمن قرأ بالإدغام هنا
قرأ أَبُو عَمْرو - رَحِمَهُ اللهُ تعالى: - «الرَّحِيم ملك» بإدغام الميمِ في الميمِ، وكذلك يُدْغِمُ كُلُّ حَرْفَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، أَوْ مَخْرج واحد، أو [كانا] قرِيبَي المَخْرج، سواءٌ كانَ الحرفُ سَاكِناً أَوْ مُتَحَرِّكاً، إلاُّ أَنْ يَكُونَ الحرفُ الأوَّلُ مُشَدَّداً، أَوْ مُنَوَّناً، أَوْ مَنْقُوصاً أَوْ مَفْتُوحاً، أوْ تَاءَ الخِطَابِ قبلَه ساكِن في غَيْرِ المِثْلَين، فإنه لا يدغمها وإدغامُ المتحرك يَكُونُ في الإدغَامِ الكَبيرِ، وافَقه حَمْزَة من إدغام المتحركِ في قوله تعالى: ﴿بَيَّتَ طَآئِفَةٌ﴾ [النساء: 81] [الصافات: 1 و2 و3] ، ﴿والذاريات ذَرْواً﴾ [الذاريات: 1] .
وأَدْغَمَ التاءَ فيما بعدَها من الحُرُوف وافَقَهُ حَمْزَةُ بروايةَ رَجَاء، وخَلَف، والكِسَائِي [في إدغام الساكن في المتحرك] إِلاَّ في الراءِ عند اللام، والدال عند الجيم، وكذلك لا يُدْغِمُ حَمْزَةُ الدَّالَ عند السين والصاد والزاي، ولا إدغام لسائر القراء إلاّ في أحرف معدودة. * فصل في كلام القدرية والجبرية
قال ابنُ الخَطِيب: قالتِ القدريَّةُ: إن كان خَالِقَ أَفْعالِ العبادِ، هو الله - تعالى - امتنع القول بالثواب، والعقاب، والجزاءِ، لأن الثوابَ للرّجل على ما لم يعملْ عَبَث، وعقابه على ما لم يعمل ظُلْمٌ وعلى هَذا التقديرِ، فيبطل كونه مَالِكاً ليوم الدين.
وقالت الجبريةُ: لو لم تَكُنْ أعمالُ العبادِ بتقدير الله وترجيحه، لم يكن مالكاً لها، ولما أَجْمَعَ المسلِمُون على كونه مَالِكاً للعباد، ولأعمالِهم، عَلِمْنَا أَنَّهُ حالقٌ لها مقدرٌ لَهَا.
11 | مَالِكِ | سَيِّدِ | المزيد |
12 | يَوْمِ | يَوْمِ الدِّينِ: يَوْمِ الجَزاءِ | المزيد |
13 | الدِّينِ | الجَزاءِ | المزيد |
نهاية آية رقم {4} |
(1:4:1) māliki (The) Master | N – genitive masculine active participle اسم مجرور | |
(1:4:2) yawmi (of the) Day | N – genitive masculine noun → Day of Resurrection اسم مجرور | |
(1:4:3) l-dīni (of the) Judgment. | N – genitive masculine noun اسم مجرور |
as
- 0001 سورة الفاتحة 👍👍
- 0002 سورة البقرة 👍
- 0003 سورة آل عمران 👍
- 0004 سورة النساء 👍
- 0005 سورة المائدة 👍
- 0006 سورة الأنعام 👍
- 0007 سورة الأعراف 👍
- 0008 سورة الأنفال 👍
- 0009 سورة التوبة 👍
- 0010 سورة يونس 👍
- 0011 سورة هود 👍
- 0012 سورة يوسف 👍
- 0013 سورة الرعد 👍
- 0014 سورة إبراهيم 👍
- 0015 سورة الحجر 👍
- 0016 سورة النحل 👍
- 0017 سورة الإسراء 👍
- 0018 سورة الكهف 👍
- 0019 سورة مريم 👍
- 0020 سورة طه 👍
- 0021 سورة الأنبياء 👍
- 0022 سورة الحج 👍
- 0023 سورة المؤمنون 👍
- 0024 سورة النور 👍
- 0025 سورة الفرقان 👍
- 0026 سورة الشعراء 👍
- 0027 سورة النمل 👍
- 0028 سورة القصص 👍
- 0029 سورة العنكبوت 👍
- 0030 سورة الروم 👍
- 0031 سورة لقمان 👍
- 0032 سورة السجدة 👍
- 0033 سورة الأحزاب 👍
- 0034 سورة سبإ 👍
- 0035 سورة فاطر 👍
- 0036 سورة يس 👍
- 0037 سورة الصافات 👍
- 0038 سورة ص 👍
- 0039 سورة الزمر 👍
- 0040 سورة غافر 👍
- 0041 سورة فصلت 👍
- 0042 سورة الشورى 👍
- 0043 سورة الزخرف 👍
- 0044 سورة الدخان 👍
- 0045 سورة الجاثية 👍
- 0046 سورة الأحقاف 👍
- 0047 سورة محمد 👍
- 0048 سورة الفتح 👍
- 0049 سورة الحجرات 👍
- 0050 سورة ق 👍
- 0051 سورة الذاريات 👍
- 0052 سورة الطور 👍
- 0053 سورة النجم 👍
- 0054 سورة القمر 👍
- 0055 سورة الرحمن 👍
- 0056 سورة الواقعة 👍
- 0057 سورة الحديد 👍
- 0058 سورة المجادلة 👍
- 0059 سورة الحشر 👍
- 0060 سورة الممتحنة 👍
- 0061 سورة الصف 👍
- 0062 سورة الجمعة 👍
- 0063 سورة المنافقون 👍
- 0064 سورة التغابن 👍
- 0065 سورة الطلاق 👍
- 0066 سورة التحريم 👍
- 0067 سورة الملك 👍
- 0068 سورة القلم 👍
- 0069 سورة الحاقة 👍
- 0070 سورة المعارج 👍
- 0071 سورة نوح 👍
- 0072 سورة الجن 👍
- 0073 سورة المزمل 👍
- 0074 سورة المدثر 👍
- 0075 سورة القيامة 👍
- 0076 سورة الإنسان 👍
- 0077 سورة المرسلات 👍
- 0078 سورة النبإ 👍
- 0079 سورة النازعات 👍
- 0080 سورة عبس 👍
- 0081 سورة التكوير 👍
- 0082 سورة الإنفطار 👍
- 0083 سورة المطففين 👍
- 0084 سورة الإنشقاق 👍
- 0085 سورة البروج 👍
- 0086 سورة الطارق 👍
- 0087 سورة الأعلى 👍
- 0088 سورة الغاشية 👍
- 0089 سورة الفجر 👍
- 0090 سورة البلد 👍
- 0091 سورة الشمس 👍
- 0092 سورة الليل 👍
- 0093 سورة الضحى 👍
- 0094 سورة الشرح 👍
- 0095 سورة التين 👍
- 0096 سورة العلق 👍
- 0097 سورة القدر 👍
- 0098 سورة البينة 👍
- 0099 سورة الزلزلة 👍
- 0100 سورة العاديات 👍
- 0101 سورة القارعة 👍
- 0102 سورة التكاثر 👍
- 0103 سورة العصر 👍
- 0104 سورة الهمزة 👍
- 0105 سورة الفيل 👍
- 0106 سورة قريش 👍
- 0107 سورة الماعون 👍
- 0108 سورة الكوثر 👍
- 0109 سورة الكافرون 👍
- 0110 سورة النصر 👍
- 0111 سورة المسد 👍
- 0112 سورة الإخلاص 👍
- 0113 سورة الفلق 👍
- 0114 سورة الناس 👍
Comments
Post a Comment