0001 سورة الشرح آية 1 - * تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق
* تفسير تفسير القرآن العظيم/ ابن كثير (ت 774 هـ) مصنف و مدقق
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴿سورة الشرح آية ١﴾. وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ ﴿سورة الشرح آية ٢﴾. ٱلَّذِيٓ أَنقَضَ ظَهْرَكَ ﴿سورة الشرح آية ٣﴾. وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴿سورة الشرح آية ٤﴾. فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْرًا ﴿سورة الشرح آية ٥﴾. إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْرًا ﴿سورة الشرح آية ٦﴾. فَإِذَا فَرَغْتَ فَٱنصَبْ ﴿سورة الشرح آية ٧﴾. وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَب ﴿سورة الشرح آية ٨﴾.
يقول تعالى { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } يعني أما شرحنا لك صدرك؟ أي نورناه، وجعلناه فسيحاً رحيباً واسعاً كقوله{ فَمَن يُرِدِ ٱللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلَـٰمِ } الأنعام 125 وكما شرح الله صدره، كذلك جعل شرعه فسيحاً واسعاً سمحاً سهلاً، لا حرج فيه ولا إصر ولا ضيق. وقيل المراد بقوله { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } شرح صدره ليلة الإسراء كما تقدم من رواية مالك بن صعصعة، وقد أورده الترمذي ههنا، وهذا وإن كان واقعاً ليلة الإسراء كما رواه مالك بن صعصعة، ولكن لا منافاة فإن من جملة شرح صدره، الذي فعل بصدره ليلة الإسراء، وما نشأ عنه من الشرح المعنوي أيضاً، فالله أعلم. قال عبد الله بن الإمام أحمد حدثني محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزاز، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا معاذ بن محمد بن معاذ بن أبي بن كعب، حدثني أبو محمد بن معاذ عن معاذ عن محمد عن أبي بن كعب أن أبا هريرة كان جريئاً على أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء لا يسأله عنها غيره، فقال يا رسول الله ما أول ما رأيت من أمر النبوة؟ فاستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً، وقال " لقد سألت يا أبا هريرة إني لفي الصحراء ابن عشر سنين وأشهر، وإذا بكلام فوق رأسي، وإذا رجل يقول لرجل أهو هو؟ قال نعم، فاستقبلاني بوجوه لم أرها قط، وأرواح لم أجدها من خلق قط، وثياب لم أرها على أحد قط، فأقبلا إلي يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي، لا أجد لأحدهما مساً، فقال أحدهما لصاحبه أضجعه، فأضجعاني بلا قصر ولا هصر، فقال أحدهما لصاحبه افلق صدره، فهوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع، فقال له أخرج الغل والحسد، فأخرج شيئاً كهيئة العلقة، ثم نبذها فطرحها، فقال له أدخل الرأفة والرحمة، فإذا مثل الذي أخرج شبه الفضة، ثم هز إبهام رجلي اليمنى فقال أعدُ واسلم، فرجعت بها أعدو رقة على الصغير، ورحمة للكبير ". وقوله تعالى { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } بمعنى{ لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } الفتح 2 { ٱلَّذِىۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } الإنقاض الصوت، وقال غير واحد من السلف في قوله { ٱلَّذِىۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } أي أثقلك حمله، وقوله تعالى { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } قال مجاهد لا أذكر إلا ذكرت معي أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله، وقال قتادة رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي بها أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
وقال ابن جرير حدثني يونس، أخبرنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث عن دراج، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " أتاني جبريل فقال إن ربي وربك يقول كيف رفعت ذكرك؟ قال الله أعلم، قال إذا ذكرت، ذكرت معي " وكذا رواه ابن أبي حاتم عن يونس عن عبد الأعلى به. ورواه أبو يعلى من طريق ابن لهيعة عن دراج. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة، حدثنا أبو عمر الحوضي، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سألت ربي مسألة وددت أني لم أسأله، قلت قد كان قبلي أنبياء، منهم من سخرت له الريح، ومنهم من يحيي الموتى، قال يا محمد ألم أجدك يتيماً فآويتك؟ قلت بلى يا رب قال ألم أجدك ضالاً فهديتك؟ قلت بلى يا رب قال ألم أجدك عائلاً فأغنيتك؟ قلت بلى يا رب قال ألم أشرح لك صدرك؟ ألم أرفع لك ذكرك؟ قلت بلى يا رب " وقال أبو نعيم في " دلائل النبوة " حدثنا أبو أحمد الغطريفي، حدثنا موسى بن سهل الجوني، حدثنا أحمد بن القاسم بن بهرام الهيتي، حدثنا نصر بن حماد عن عثمان بن عطاء عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما فرغت مما أمرني الله به من أمر السموات والأرض، قلت يا رب إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد كرمته جعلت إبراهيم خليلاً، وموسى كليماً، وسخرت لداود الجبال، ولسليمان الريح والشياطين، وأحييت لعيسى الموتى، فما جعلت لي؟ قال أو ليس قد أعطيتك أفضل من ذلك كله أني لا أذكر إلا ذكرت معي، وجعلت صدور أمتك أناجيل يقرؤون القرآن ظاهراً، ولم أعطها أمة، وأعطيتك كنزاً من كنوز عرشي لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؟ " وحكى البغوي عن ابن عباس ومجاهد أن المراد بذلك الأذان، يعني ذكره فيه، وأورد من شعر حسان بن ثابت
وقال آخرون رفع الله ذكره في الأولين والآخرين، ونوه به حين أخذ الميثاق على جميع النبيين أن يؤمنوا به، وأن يأمروا أممهم بالإيمان به، ثم شهد ذكره في أمته، فلا يذكر الله إلا ذكر معه، وما أحسن ما قال الصرصري رحمه الله
وقال أيضاً
أَغَرُّ عليهِ للنُّبُوَّةِ خاتَمٌ من اللّهِ من نورٍ يلوحُ ويَشْهَدُ وضَمَّ الإلهُ اسمَ النَّبِيِّ إلى اسمِهِ إذا قالَ في الخَمْسِ المُؤَذِّنُ أَشْهَدُ وشَقَّ لهُ منِ اسمِهِ لِيُجِلَّهُ فَذُو العَرْشِ مَحْمود وهذا مُحَمَّدُ |
لا يَصِحُّ الأذانُ في الفَرْضِ إِلا باسْمِهِ العَذْبِ في الفَمِ المَرْضِيِّ |
أَلَمْ تَرَ أَنَّا لا يَصِحُّ أَذانُنا ولا فَرْضُنا إِنْ لَمْ نُكَرِّرْهُ فيهِما |
صَبْراً جَميلاً ما أقربَ الفَرَجا مَنْ راقبَ اللّهَ في الأُمور نَجا مَنْ صَدَّقَ اللّهَ لَمْ يَنَلْه أَذى ومَنْ رَجاه يَكونُ حَيْثُ رَجا |
إذا اشْتَمَلَتْ على اليَأْسِ القُلوبُ وضاقَ لِما بهِ الصَّدْرُ الرَّحيبُ وأوطَأَتِ المَكارِهُ واطمَأَنَّتْ وأرسَتْ في أماكنِها الخُطوبُ ولمْ تَرَ لانْكِشافِ الضُّرِّ وَجْهاً ولا أغنى بِحِيْلَتِهِ الأريبُ أتاكَ على قُنوطٍ منكَ غَوْثٌ يَمُنُّ بهِ اللطيفُ المُسْتَجيبُ وكُلُّ الحادثاتِ إذا تَناهَتْ فَمَوْصولٌ بها الفَرَجُ القريبُ |
ولَرُبَّ نازلةٍ يَضيقُ بها الفَتى ذَرْعاً وعندَ اللّهِ منْها المَخْرَجُ كَمُلَتْ فلمَّا استَحْكَمتْ حَلَقاتُها فُرِجَتْ وكانَ يَظُنُّها لا تُفْرَجُ |
Comments
Post a Comment