0001 سورة البينة آية 1 - * تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق

ا   ب   ت   ث   ج   ح   خ   د   ذ   ر   ز   س   ش   ص   ض   ط   ظ   ع   غ   ف   ق   ك   ل   م   ن   و   ه   ي
A   B   C   D   E   F   G   H   I   J   K   L   M   N   O   P   Q   R   S   T   U   V   W   X   Y   Z

* تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري (ت 310 هـ) مصنف و مدقق


اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا منْ أهل الْكِتابِ وَالمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ } فقال بعضهم: معنى ذلك: لم يكن هؤلاء الكفار من أهل التوراة والإنجيل، والمشركون من عَبدة الأوثان { منفكين } يقول: منتهين، حتى يأتيهم هذا القرآن. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: { مُنْفَكِّينَ } قال: لم يكونوا ليَنتهوا حتى يتبين لهم الحقّ. حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله: { مُنْفَكِّينَ } قال: منتهين عما هم فيه. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله { مُنْفَكِّينَ حَتَى تأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ }: أي هذا القرآن. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول الله: { وَالمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ } قال: لم يكونوا منتهين حتى يأتيهم ذلك المنفَكّ. وقال آخرون: بل معنى ذلك أن أهل الكتاب وهم المشركون، لم يكونوا تاركين صفة محمد في كتابهم، حتى بُعث، فلما بُعث تفرّقوا فيه. وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال: معنى ذلك: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين مفترقين في أمر محمد، حتى تأتيهم البيِّنة، وهي إرسال الله إياه رسولاً إلى خلقه، رسول من الله. وقوله: { مُنْفَكِّينَ } في هذا الموضع عندي من انفكاك الشيئين أحدهما من الآخر، ولذلك صَلُح بغير خبر ولو كان بمعنى ما زال، احتاج إلى خبر يكون تماماً له، واستؤنف قوله { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ } وهي نكرة على البيِّنة، وهي معرفة، كما قيل:ذُو الْعَرْشِ المَجِيدُ فَعَّالٌ } فقال: حتى يأتيهم بيان أمر محمد أنه رسول الله، ببعثه الله إياه إليهم، ثم ترجم عن البيِّنة، فقال: تلك البينة { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً } يقول: يقرأ صحفاً مطهرة من الباطل { فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } يقول: في الصحف المطهرة كتب من الله قيمة عادلة مستقيمة، ليس فيها خطأ، لأنها من عند الله. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة { رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُطَهَّرَةً } يذكر القرآن بأحسن الذكر، ويثني عليه بأحسن الثناء. وقوله: { وَما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ } يقول: وما تفرّق اليهود والنصارى في أمر محمد صلى الله عليه وسلم، فكذّبوا به، إلا من بعد ما جاءتهم البينة، يعني: من بعد ما جاءت هؤلاء اليهود والنصارى { البيِّنةُ } يعني: بيان أمر محمد، أنه رسول بإرسال الله إياه إلى خلقه يقول: فلما بعثه الله تفرّقوا فيه، فكذّب به بعضهم، وآمن بعضهم، وقد كانوا قبل أن يُبعث غير مفترقين فيه أنه نبيّ.

Comments

Popular posts from this blog

Joker (2019 film) From Wikipedia, the free encyclopedia