0001 سورة السجدة آية 1 - * تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق
* تفسير انوار التنزيل واسرار التأويل/ البيضاوي (ت 685 هـ) مصنف و مدقق
الٓمٓ ﴿سورة السجدة آية ١﴾. تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴿سورة السجدة آية ٢﴾. أَمْ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۚ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّآ أَتَىٰهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴿سورة السجدة آية ٣﴾. ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ مَا لَكُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ﴿سورة السجدة آية ٤﴾. يُدَبِّرُ ٱلْأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُۥٓ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ﴿سورة السجدة آية ٥﴾. ذَٰلِكَ عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ ﴿سورة السجدة آية ٦﴾. ٱلَّذِيٓ أَحْسَنَ كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقَهُۥۖ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلْإِنسَـٰنِ مِن طِينٍ ﴿سورة السجدة آية ٧﴾. ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُۥ مِن سُلَـٰلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ ﴿سورة السجدة آية ٨﴾. ثُمَّ سَوَّىٰهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِۦۖ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلْأَبْصَـٰرَ وَٱلۡأَفِۡٔدَةَۚ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ﴿سورة السجدة آية ٩﴾. وَقَالُوٓا۟ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلْأَرْضِ أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدِۢۚ بَلْ هُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ كَـٰفِرُونَ ﴿سورة السجدة آية ١٠﴾.
مكية وآيها ثلاثون آية وقيل تسع وعشرون آية
بسم الله الرحمن الرحيم
{ الم } إن جعل اسماً للسورة أو القرآن فمبتدأ خبره:
{ تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } على أن التنزيل بمعنى المنزل، وإن جعل تعديداً للحروف كان { تَنزِيلَ } خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره: { لاَ رَيْبَ فِيهِ } فيكون. { مِن رَّبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } حالاً من الضمير في { فِيهِ } لأن المصدر لا يعمل فيما بعد الخبر، ويجوز أن يكون خبراً ثانياً ولا { رَيْبَ فِيهِ } حال من { ٱلْكِتَـٰبِ } ، أو اعتراض والضمير فيه لمضمون الجملة ويؤيده قوله:
{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } فإنه إنكار لكونه من رب العالمين وقوله: { بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ } فإنه تقرير له، ونظم الكلام على هذا أنه أشار أولاً إلى إعجازه، ثم رتب عليه أن تنزيله من رب العالمين، وقرر ذلك بنفي الريب عنه، ثم أضرب عن ذلك إلى ما يقولون فيه على خلاف ذلك إنكاراً له وتعجيباً منه، فإن { أَمْ } منقطعة ثم أضرب عنه إلى إثبات أنه الحق المنزل من الله وبين المقصود من تنزيله فقال: { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَـٰهُم مّن نَذِيرٍ مِن قَبْلِكَ } إذا كانوا أهل الفترة. { لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } بإنذارك إياهم.
{ ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } مر بيانه في «الأعراف». { مَا لَكُمْ مّن دُونِهِ مِن وَلِيّ وَلاَ شَفِيعٍ } { مَا لَكُمْ } إذا جاوزتم رضا الله أحد ينصركم ويشفع لكم، أو { مَا لَكُمْ } سواه ولي ولا شفيع بل هو الذي يتولى مصالحكم وينصركم في مواطن نصركم على أن الشفيع متجوز به للناصر، فإذا خذلكم لم يبق لكم ولي ولا ناصر. { أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } بمواعظ الله تعالى.
{ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ إِلَى ٱلأَرْضِ } يدبر أمر الدنيا بأسباب سماوية كالملائكة وغيرها نازلة آثارها إلى الأرض. { ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ } ثم يصعد إليه ويثبت في علمه موجوداً. { فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مّمَّا تَعُدُّونَ } في برهة من الزمان متطاولة يعني بذلك استطالة ما بين التدبير والوقوع. وقيل يدبر الأمر بإظهاره في اللوح فينزل به الملك ثم يعرج إليه في زمان هو كألف سنة، لأن مسافة نزوله وعروجه مسيرة ألف سنة فإن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة. وقيل يقضي قضاء ألف سنة فينزل به الملك ثم يعرج بعد الألف لألف آخر. وقيل يدبر الأمر إلى قيام الساعة ثم يعرج إليه الأمر كله يوم القيامة. وقيل يدبر المأمور به من الطاعات منزلاً من السماء إلى الأرض بالوحي، ثم لا يعرج إليه خالصاً كما يرتضيه إلا في مدة متطاولة لقلة المخلصين والأعمال الخلص، وقرىء «يَعْرُجُ» و «يَعْدُونَ».
بسم الله الرحمن الرحيم
{ الم } إن جعل اسماً للسورة أو القرآن فمبتدأ خبره:
{ تَنزِيلُ ٱلْكِتَـٰبِ } على أن التنزيل بمعنى المنزل، وإن جعل تعديداً للحروف كان { تَنزِيلَ } خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره: { لاَ رَيْبَ فِيهِ } فيكون. { مِن رَّبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } حالاً من الضمير في { فِيهِ } لأن المصدر لا يعمل فيما بعد الخبر، ويجوز أن يكون خبراً ثانياً ولا { رَيْبَ فِيهِ } حال من { ٱلْكِتَـٰبِ } ، أو اعتراض والضمير فيه لمضمون الجملة ويؤيده قوله:
{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ } فإنه إنكار لكونه من رب العالمين وقوله: { بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكَ } فإنه تقرير له، ونظم الكلام على هذا أنه أشار أولاً إلى إعجازه، ثم رتب عليه أن تنزيله من رب العالمين، وقرر ذلك بنفي الريب عنه، ثم أضرب عن ذلك إلى ما يقولون فيه على خلاف ذلك إنكاراً له وتعجيباً منه، فإن { أَمْ } منقطعة ثم أضرب عنه إلى إثبات أنه الحق المنزل من الله وبين المقصود من تنزيله فقال: { لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أَتَـٰهُم مّن نَذِيرٍ مِن قَبْلِكَ } إذا كانوا أهل الفترة. { لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } بإنذارك إياهم.
{ ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } مر بيانه في «الأعراف». { مَا لَكُمْ مّن دُونِهِ مِن وَلِيّ وَلاَ شَفِيعٍ } { مَا لَكُمْ } إذا جاوزتم رضا الله أحد ينصركم ويشفع لكم، أو { مَا لَكُمْ } سواه ولي ولا شفيع بل هو الذي يتولى مصالحكم وينصركم في مواطن نصركم على أن الشفيع متجوز به للناصر، فإذا خذلكم لم يبق لكم ولي ولا ناصر. { أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } بمواعظ الله تعالى.
{ يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ إِلَى ٱلأَرْضِ } يدبر أمر الدنيا بأسباب سماوية كالملائكة وغيرها نازلة آثارها إلى الأرض. { ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ } ثم يصعد إليه ويثبت في علمه موجوداً. { فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مّمَّا تَعُدُّونَ } في برهة من الزمان متطاولة يعني بذلك استطالة ما بين التدبير والوقوع. وقيل يدبر الأمر بإظهاره في اللوح فينزل به الملك ثم يعرج إليه في زمان هو كألف سنة، لأن مسافة نزوله وعروجه مسيرة ألف سنة فإن ما بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة سنة. وقيل يقضي قضاء ألف سنة فينزل به الملك ثم يعرج بعد الألف لألف آخر. وقيل يدبر الأمر إلى قيام الساعة ثم يعرج إليه الأمر كله يوم القيامة. وقيل يدبر المأمور به من الطاعات منزلاً من السماء إلى الأرض بالوحي، ثم لا يعرج إليه خالصاً كما يرتضيه إلا في مدة متطاولة لقلة المخلصين والأعمال الخلص، وقرىء «يَعْرُجُ» و «يَعْدُونَ».
{ ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَـٰدَةِ } فيدبر أمرهما على وفق الحكمة. { ٱلْعَزِيزُ } الغالب على أمره. { ٱلرَّحِيمِ } على العباد في تدبيره، وفيه إيماء بأنه سبحانه يراعي المصالح تفضلاً وإحساناً.
{ ٱلَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْءٍ خَلَقَهُ } خلقة موفراً عليه ما يستعد له ويليق به على وفق الحكمة والمصلحة، وخلقه بدل من كل بدل الاشتمال وقل علم كيف يخلقه من قولهم قيمة المرء ما يحسنه أي يحسن معرفته، و { خَلَقَهُ } مفعول ثان. وقرأ نافع والكوفيون بفتح اللام على الوصف فالشيء على الأول مخصوص بمنفصل وعلى الثاني بمتصل. { وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَـٰنِ } يعني آدم. { مِن طِينٍ }.
{ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ } ذريته سميت بذلك لأنها تنسل منه أي تنفصل. { مِن سُلاَلَةٍ مّن مَّاءٍ مَّهِينٍ } ممتهن.
{ ثُمَّ سَوَّاهُ } قَوَّمَّهُ بتصوير أعضائه على ما ينبغي. { وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } إضافة إلى نفسه تشريفاً له وإشعاراً بأنه خلق عجيب، وأن له شأناً له مناسبة ما إلى الحضرة الربوبية ولأجله قيل من عرف نفسه فقد عرف ربه. { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَـٰرَ وَٱلأَفْئِدَةَ } خصوصاً لتسمعوا وتبصروا وتعقلوا. { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } تشكرون شكراً قليلاً.
{ وَقَالُواْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِى ٱلأَرْضِ } أي صرنا تراباً مخلوط بتراب الأرض لا نتميز منه، أو غبنا فيها. وقرأ «ضَلَلْنَا» بالكسر من ضل يضل «وصللَنا } من صل اللحم إذا أنتن، وقرأ ابن عامر «إذا» على الخبر والعامل فيه ما دل عليه. { أَئِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ } وهو: نبعث أو يجدد خلقنا. وقرأ نافع والكسائي ويعقوب «أنا» على الخبر، والقائل أبي بن خلف وإسناده إلى جميعهم لرضاهم به. { بَلْ هُم بِلَقَاء رَبّهِمْ } بالبعث أو بتلقي ملك الموت وما بعده. { كَـٰفِرُونَ } جاحدون.
{ ٱلَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْءٍ خَلَقَهُ } خلقة موفراً عليه ما يستعد له ويليق به على وفق الحكمة والمصلحة، وخلقه بدل من كل بدل الاشتمال وقل علم كيف يخلقه من قولهم قيمة المرء ما يحسنه أي يحسن معرفته، و { خَلَقَهُ } مفعول ثان. وقرأ نافع والكوفيون بفتح اللام على الوصف فالشيء على الأول مخصوص بمنفصل وعلى الثاني بمتصل. { وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَـٰنِ } يعني آدم. { مِن طِينٍ }.
{ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ } ذريته سميت بذلك لأنها تنسل منه أي تنفصل. { مِن سُلاَلَةٍ مّن مَّاءٍ مَّهِينٍ } ممتهن.
{ ثُمَّ سَوَّاهُ } قَوَّمَّهُ بتصوير أعضائه على ما ينبغي. { وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ } إضافة إلى نفسه تشريفاً له وإشعاراً بأنه خلق عجيب، وأن له شأناً له مناسبة ما إلى الحضرة الربوبية ولأجله قيل من عرف نفسه فقد عرف ربه. { وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلْسَّمْعَ وَٱلأَبْصَـٰرَ وَٱلأَفْئِدَةَ } خصوصاً لتسمعوا وتبصروا وتعقلوا. { قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } تشكرون شكراً قليلاً.
{ وَقَالُواْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِى ٱلأَرْضِ } أي صرنا تراباً مخلوط بتراب الأرض لا نتميز منه، أو غبنا فيها. وقرأ «ضَلَلْنَا» بالكسر من ضل يضل «وصللَنا } من صل اللحم إذا أنتن، وقرأ ابن عامر «إذا» على الخبر والعامل فيه ما دل عليه. { أَئِنَّا لَفِى خَلْقٍ جَدِيدٍ } وهو: نبعث أو يجدد خلقنا. وقرأ نافع والكسائي ويعقوب «أنا» على الخبر، والقائل أبي بن خلف وإسناده إلى جميعهم لرضاهم به. { بَلْ هُم بِلَقَاء رَبّهِمْ } بالبعث أو بتلقي ملك الموت وما بعده. { كَـٰفِرُونَ } جاحدون.
Comments
Post a Comment